أصيبت بغداد خاصة والعراقيون عامة بفاجعة جديدة تضاف لسلسة الفواجع اليومية التي تضرب كل مكان دون تحديد لهوية أو تخصيص لهدف استراتيجي أو تكتيكي مهم في صراع الإرهاب التكفيري مع الدولة العراقية، العنوان واضح جدا من طريقة الأستهداف والمناطق المختارة وطريقة التنفيذ والمها التي يراد لها أن تترسخ والنتائج التي لا بد أن ترسم واقعا في مخيلة الشعب، الحقيقة هناك تساؤلات عدة وأجوبة غائبة عن التشخيص الشجاع بعيدا عن المجاملات والكلام الفوقي الذي لا يغني عن جوع ولا يمنع من خوف. من هذه التساؤلات ما هو متعلق بالمجال المهني الأمني الحرفي والتي يمكننا أن نلخصها كأسباب ونتائج ومظاهر في جملة من النقاط: • لماذا يتكرر الخرق في ذات المنطقة المستهدفة وفي كل مرة مع تشابه الأسلوب والغاية والطرية التي تنفذ بها (الكرادة) إنموذجا والشعب كذلك وساحة عدن ومداخل الكاظمية وأسواق البياع؟، ما هو المستفاد من التحقيقات التي تجري بعد كل حادث إذا كانت هناك تحقيقات تتبعها الأجهزة الأمنية الأحترافية والأجهزة الأستخبارية في معرفة الكيفية والتوقيتات والمنهج الذي يتبعه الإرهابي لأختراق الطوق الأمني؟. • هناك سياقات عمل مهنية تتصل بمنظومة الاستعلام والتحري تعتمد في طريقة عملها على جمع المعلومات الدقيقة عن توجهات الإرهابيين وتوقيتاتهم من خلال متابعة الأحداث السابقة يمكنهم من خلالها توقع أي تحرك مستقبلي ومحاصرته بطريقة أستباقية لمنع وقوع المجازر الشبه يومية. • أيضا هناك سياق قانوني مهني مسلكي تتبعه الجهات الأمنية في أجراء التحقيقات مع القوى والأفراد المسئولين عن المناطق التي تحدث فيها الانفجارات ومعرفة نقاط الضعف والثغرات التي تسمح لهؤلاء الإرهابيين بالدخول وتحديد مصادر الخلل من خلال مبدأ العقاب والثواب وتحميل كل مسئول مسئوليته أمام القانون دون تحيز أو ظلم. • من خلال متابعتنا الشخصية للكثير من الحالات المتكررة نجد أن الخطأ مشترك تقني وبشري وهذا الخطأ يمكن تداركه بقليل من الحرص المهني والحرفة المسلكية، بوجود السيطرات ومع جهاز الكشف السونار الذي أثبت فشلا ذريعا في الكشف عن المتفجرات كان على الأجهزة المختصة أن تبحث عن مصادر تقنية بديله وتعتمد أساليب للكشف والوقاية والسوق العالمي مفتوح في هذا المجال من خلال دعوة الشركات لمناقصات عالمية أو إقامة معرض أمني دولي متخصص في هذا المجال وأجراء الاتفاقيات وتبادل الخبرات مع الأجهزة الأمنية الفاعلة في دول العالم والناجحة في مكافحة الإرهاب لا أن تعتمد على طريقة بائسة ووحيدة منذ ثلاثة عشر عاما كلفت الشعب العراقي مئات الألاف من الأرواح البريئة. • غياب التنسيق الأمني بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية وغياب السيطرة المركزية من خلال غرفة عمليات موحدة قادرة على رسم خطة أمنية بشقين تكتيكي عملياتي واستراتيجي يعتمد البناء التحتي وبناء منظومة قادرة على منع تكوين الخلايا مبدأ الوقاية خير من العلاج. • وأخيرا لا بد من أن تتخذ قيادة العمليات الأمنية والجهد الاستخباري طريقة أمنة لتبادل المواقع وإجراء التنقلات بين الأفراد والضباط وتغيير المهام بشكل دوري دون النظر إلى قضايا فرعية أو تدخلات سياسية، لمصلحة كتل وأحزاب وتنظيمات تحرص على التمسك بمربعات أمنية ودوائر محمية بضباط وعناصر تابعة لها ، كما يجب التعميم الحازم والجاد والمراقب بالأجهزة وبالجهد البشري على منع الإفلات من التفتيش للمراكب الأمنية للمسئولين وأجراء الفحص المفاجئ عن الأسلحة والتجهيزات المرخص بها، وعدم التهاون في ذلك مطلقا خاصة وأن الشبهات تدور ومن خلال قضايا واقعية عديدة أن الكثير من الخروقات الأمنية كان ورائها إهمال التفتيش والتسامح بمرور مواكب الحماية الأمنية دون مراقبة ولا فحص ولا تفتيش دوري. • ولا بد من تأكيد أهمية الوعي الأمني وإشراك المواطن في التعاون والأخبار عن الحالات والمواقف المريبة، وعدم تكليف هذا المواطن المتعاون مسئولية أضافية حين تكون شكوكه غير صحيحة أو وهمية، فقد يكون لمعلومة صغيرة تصل في الوقت المناسب الدور الأهم في تفادي جرائم كبرى، هذا التعاون المفقود سببه التعالي والغطرسة التي يمارسها البعض من الأجهزة الأمنية وكذلك عدم حفظ مصادر المعلومات وحمايته من التعرض للخطر مما يؤدي إلى إحجام الكثيرين من التعاون خوفا من النتائج الغير متوقعة. إن مهمة الأمن ومكافحة الجريمة عملية شاقة ومعقدة ومتعددة الأطراف وتحتاج إلى الكثير من العناصر المادية والبشرية, كما تحتاج إلى تظافر الجهد الوطني بشقيه الأمني والشعب , ومن خلال برامج ومناهج وتدريب وخبرة مسلكية تعتمد العلم والتجربة وتراكم الخبرات على مستوى التخطيط والمتابعة والمراقبة والتدريب، كما تحتاج للدعم الجماهيري والمتابعة المستمرة من كل القوى الشعبية على الأرض والتواصل مع مختلف الفاعليات لغرض الوصول إلى أمن جماعي بتطبيق أن الشعب كلهم شرطة والشرطة كلهم شعب مسئول عن الأمن والأمان.
|