عذراء سنجار والبوكر |
فوجىء الروائي المبدع وارد بدر السالم بعدم ترشيح روايته عذراء سنجار الى جائزة البوكر للرواية في هذا العام ، وتذرعت الدار التي نشرتها بحجة واهية حالت دون ترشيح الرواية الا وهي وجود بعض الأخطاء اللغوية والطباعية ! بالوقت الذي طبعت هذه الدار روايتين سابقتين للسالم ، كما ان معظم الروايات الفائزة والتي إختيرت للقائمة القصيرة في السنوات الماضية لم تكن تخلو من أخطاء كارثية ومنها ما يتعلق بحبكة الرواية أو على مستوى تقنية السرد ، وبرغم ان رواية عذراء سنجار حققت توزيعا لافتاً وإنتشرت بين شريحة عريضة من القراء العراقيين والعرب وأشاد بإبداعها الكثير من النقاد والأدباء المعروفين لكن يبدو ان الحظ وقف ضدها وربما أسباب أخرى نجهلها جعلت الدار تبعدها عن المنافسة حتى تأخذ فرصتها بين الروايات المرشحة لجائزة البوكر ، فمن ضمن شروط هذه الجائزة ان كل دار نشر يجوز لها ترشيح ثلاث روايات ولا يحق للكاتب ترشيح روايته بشكل شخصي ، بينما جائزة كتارا للرواية العربية كانت أكثر شفافية وسمحت للروائي من ترشيح عمله بنفسه مثلما أتاحت للروايات غير المنشورة من المنافسة على جائزة أخرى ، والواقع انه من الإجحاف أن تتحكم الدار بترشيح الروايات ، اذ تدخل أمور جمة ومنها مزاجية وشخصية بترشيح هذه الرواية أو تلك ، وحدث ان دار العين رشحت روايتي حياة باسلة الى جائزة البوكر في عام 2013 لكنها إستُبعدت عن المنافسة نتيجة وجود إسم شاعر عراقي جاء ذكره خطفا ًضمن سياق السرد ، ولم اكن اعرف انه محظور وغير مرحّب به من قبل إدارة الجائزة ، بسبب هجوه للشيخ زايد رحمه الله ، وبذلك تحملت وزر هفوة غير مقصودة من قبلي أبعدت روايتي عن فرصة المنافسة ، كما ان رواية الدكتور زيفاكو للكاتب الروسي بوريس باسترناك تعرضت الى منع تداولها في الإتحاد السوفيتي لأنها حفلت بإنتقاد لاذع للنظام الشيوعي البلشفي في روسيا والذي كان سببًا لفوزه بجائزة نوبل للأدب ، ويقال أن المخابرات البريطانية والأمريكية هي التي تدخلت لمنح باسترناك هذه الجائزة لإستخدامها في الدعاية ضد الاتحاد السوفيتي، خصوصًا أن باسترناك لم يكتب سوى رواية واحدة فقط! لكنّ باسترناك التي منعت روايته من النشر في الاتحاد السوفيتي ، اضطر إلى رفض الجائزة بسبب القبضة الغاشمة للحكم الشيوعي، ولم تنشر الرواية في روسيا إلا عام 1988، بينما تسلم ابن باسترناك الجائزة بعد عام ، لكن رواية عذراء سنجار لم تزل فرصة ترشيحها لجائزة البوكر قائمة ، إذ يمكن للجنة التحكيم من إختيار روايات تجدها مؤهلة للتنافس على الجائزة في هذه الدورة بعيدا عن ترشيحات دور النشر ، ومن وجهة نظر الكثير من النقاد والأدباء الذين يتمتعون بنزاهة الرأي وخبرة السرد ، ان رواية عذراء سنجار تستحق هذا الإختيار وأن تجاهل ترشيحها يظلم الرواية وكاتبها ، كما ان اختيار هذه الرواية أو سواها ممن غمطت حقها دار نشر أخرى من قبل لجنة التحكيم يوقف سيل الإتهامات والريبة التي تدور حول إدارة الجائزة وقرارات لجنة التحكيم وتعاطفها مع موضوعات سردية معينة على حساب موضوعات أخرى ، ليس بعيدا ان تحظى رواية عذراء سنجار بإهتمام إدارة الجائزة وتضعها مع الروايات المنافسة على البوكر ، وبذلك تحقق عدالة للمبدع وارد بدر السالم بخستها عنه دار النشر التي أصدرت روايته عذراء سنجار ، وهكذا قرار إيجابي يرفع من شأن جائزة البوكر ويثبت نزاهتها وحياديتها أمام الوسط الثقافي عربيا وحتى عالميا . |