مــا لا يـقـلـق الأدارة الأمـريـكـيـــة فـي الـعـــراق

 

أحد الأسباب المؤدية الى إطمئنان الأدارة الأمريكية وزوال قلقها الى درجة كبيرة على الوضع في العراق هو  سيادة الهدوء في وسط وجنوب العراق  وإبقاء الوضع على ماهو عليه ما استطاعت الى ذلك سبيلا ، فلا زالت الكتلة البشرية التي تقطن هذه المنطقة الغنية بالنفط مقودة تماما بالشكل الذي يريح الولايات المتحدة بحيث وصل الأمر الى أن تكون هذه الأغلبية المتجلببة بالفقر قانعة باللاشئ خانعة أيضا بل لا تذكر الأدارة الأمريكية بكلمة سوء و صارت تردد عن قناعة تامة أن الأدارة الأمريكية صاحبة الفضل عليها بشيئين أولهما إزالة صدام وحزبه الذي قتلهم وشردهم ونهب ثرواتهم وثانيهما تسليمهم السلطة شكليا وهذا يكفي في نظر القيادات الشيعية أو في نظر الأغلبية المخدوعة..!!

 لا يختلف اثنان على أن الولايات المتحدة الأمريكية لايهمها من وجودها في العراق إلا السيطرة على النفط  وضمان أمن اسرائيل وهذان الأمران لازالا تحت السيطرة تماما لأن العراق كدولة أصبح في حكم الأموات عسكريا اذ لا يملك إلا أسلحة لايتعدى مداها 500 متر فلا صواريخ ولا مدفعية ثقيلة ولا سلاح نووي ولا ضباط على درجة عالية من الخبرة القتالية ولا بحوث علمية في المجال العسكري ولا دراسات ستراتيجية وهي بذلك لا ترى أن العراق يشكل تهديدا لأسرائيل كما إن الأدارة الأمريكية لها نفوذ قوي التأثير على صنع القرار السياسي أيضا ومن هنا صار العراق مذعنا طائعا لكل قرار أمريكي... أما النفط الذي تكتنزه أرض الشيعة في الوسط والجنوب فهو في مأمن تماما لأن هذه الأغلبية حصلت على رئاسة الحكومة فاعتبرت ذلك نصرا وحقا ضائعا عاد إليهم وبذلك أذعنت الى كل قرار تتخذه قياداتهم بخصوص الركون الى المهادنة والخلود للراحة وإن لم يتحقق لها أقل قدر من المكاسب أهمها العيش الكريم والقضاء على مظاهر البؤس والفقر في أوساطهم ولكن الوعود بالخير القادم تكفي ولو بعد قرن من الزمن..!!  كما أن الأدارة الأمريكية بتسليمها السلطة الشكلية بيد الأغلبية الشيعية تكون قد ضمنت رضا خصمها اللدود وهو ايران باعتبارها حليفا قويا للقيادات الشيعية في العراق ، والجدير بالذكر أن الأدارة الأمريكية لايهمها من يحكم العراق بقدر ما يهمها من يحقق لهم أهدافهم سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، فهي ليس مع نوري المالكي لأنه زعيم شيعي يتمتع بتأيد الأغلبية فحسب بل لأن بقاءه يضمن سكوت ايران في هذه المرحلة وضمان سكوت الأغلبية المحرومة المظلومة.. فأن خرجت عن صمتها  يوما ما سوف يعم المنطقة الخراب ولاسبيل للسيطرة على منابع النفط الغنية في الجنوب.

ومن هنا ما على الزعيم الذي يتسلم قيادة العراق إلا أن يمسك بعصا التوازن بين قبول الأدارة الأمريكية وحيازة رضا ايران كي يتسنى له البقاء لفترة أطول في سدة الحكم ، ولهذا لم يتمكن أياد علاوي من الوصول الى السلطة لأنه سيكون سببا في التوتر المستمر في العراق وضياع فرصة الهدوء والأستقرار النسبي في الوسط والجنوب ،، وهذا التصور يدركه الأكراد أيضا خصوصا الرئيس جلال الطالباني الذي يتخذ موقفا متوازنا بشكل متميز و بفنٍ راقٍ..كما أن الأدارة الأمريكية اطمئنت تماما الى الوضع في إقليم كردستان فهي لا زالت تمسك بخيوط اللعبة هناك فتارة لاترغب بانفصال الكرد في هذه الفترة على الأقل مستفيدة منهم للضغط على الشيعة في الحكومة الأتحادية كي لاتتفرد ايران بقرارهم والسيطرة عليهم تماما وتارة أخرى تتعامل معهم ككيان منفصل لهم حق في عقد أتفاقيات دولية وابرام عقود مع شركات عالمية دون إذن الحكومة الأتحادية.

ومن هنا نستطيع القول أن نجاح الأدارة الأمريكية في ادارة الأزمة في العراق مرهون باستمرار سكوت الأغلبية وصمتها ورضاها عن الحكومة على الرغم من معاناتها المستديمة ، إضافة الى بقاء ايران في حالة رضا الى حد ما عن الوضع الحالي لأنها تعتقد أن القيادات الشيعية في العراق لازالت تحترم قرارها وتحت سيطرتها مهما اختلفت رؤاها واشتدت خلافاتها..