يعتبر المنافق مهرج سوقيّ، هدفه إجبار المشاهد على التجاوب مع ما يقدمه؛ وهذا يكون عن طريق تزييف الحقائق التي يعرضها للمشاهد. ونفس الأمر ينطبق على المنافق السياسي، حيث يقوم بتزييف الوقائع وتهويلها ومن ثم عرضها للجمهور لغرض كسب تعاطفهم معه لتحقيق مآرب خاصة.
أما صاحب المواقف المزدوجة، فيكون أكثر مهارة وبراعة في عرض أفكاره المسمومة والترويج لها بين أوساط الجمهور الذي يستمع إليه. وتراه يدافع عن ذلك الغش بوصفه نوعا من الشطارة أو فناً من فنون السياسة البراغماتية. والإثنان يلتقيان في مصب واحد، وهو سرعة تحقيقهما للمكاسب وبذات السرعة يفقدان تلك المكاسب.
ويحدثنا القرآن الكريم عن أكبر وأول منافق، ألا وهو إبليس " عليه اللعنة"، ففي الأخبار أن إبليس " لعنة الله عليه" عَبَدَ الله سبحانه وتعالى مايقرب من خمسة آلاف عام، ومع هذا عندما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم عصى ربه، ولم يكتفي بذلك؛ بل وسوس لآدم وحواء ((وقاسمهما إني لكما من الناصحين)) حيث أقسم لهما بأن مايقوله هو الحقيقة فدلهما على الشجرة فأكلا منها فبدت لهما سؤاتهما، من هنا بدأ أصل النفاق، وزاد عليها الإنسان الذي يتفوق على الملائكة بالعقل الذي منحه إياه رب العالمين؛ فأستثمر ذلك بتطوير فكرة النفاق وأدخلها في كل مجالات الحياة حتى دخلت في مجال النفاق السياسي، فترى الكثير يصرح مساءاً بما لم يصرح به في الصباح، وهكذا من أجل كسب ود الناس عن طريق الخداع والمواربة. وبعد إنتهاء إنتخابات مجالس المحافظات، أخذ بعض السياسيين بالتشكيك في صحة نتائج الإنتخابات" حتى قبل أن تعلنها المفوضية العليا للإنتخابات؛ واخص هنا القائمة العراقية حيث دعت على لسان أحد قادتها بحسب جريدة الشرق الأوسط الى " إلغاء الإنتخابات وإعادتها بسبب ما اعتبرته عمليات تزوير، فضلاً عن عمليات التضييق الأمني التي منعت الناس من مناطق معينة من الوصول الى مناطق الإقتراع"، في نفس الوقت الذي صرح فيه أعضاء في قائمة متحدون " وأغلب أعضائها هم ضمن القائمة العراقية بأن " إتهامات النائبة عالية نصيف حول حدوث عمليات تزوير في الإنتخابات هو إفلاس سياسي؛ وبأن الإنتخابات جرت في جو من الديمقراطية والنزاهة".
لسنا في معرض التشكيك في قول كلا الفريقين وهما من قائمة لاتزال في مجلس النواب قائمة واحدة، لكن الذي يعني المواطن هو " من سيصدق منكم، أم أن كلا الطرفين يكذبان عليه لتحقيق مآرب خاصة.
إننا نريد التأسيس لمجتمع ديمقراطي، وعملية البناء يجب أن تكون على مبدأ الصدق والصراحة، أما الكذب والتدليس والنفاق فهو أمر يجب على الجميع مغادرته وتركه للغير فنحن في مجتمع مسلم وكتاب الله العزيز الذي نقرأه يُعَرِفْ الكاذبين بأنهم (( إخوان الشياطين)) فهل أنتم منهم....