العراق يعاني من المصائب والابتلاءات .. من منا من لم يخالجه هم ولا حزن ؟! .. تلك هي الحياة طُبعت على كدر .. لابد من الابتلاءات ..( إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 2,3] .
ولا مفر من الهموم والغموم !! .. ولا ننسى أن ما أصاب هذا الشعب هو تكفير للذنوب ورفع للدرجات . اية 51 التوبة (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) . ان تفجير الكرادة يعتبر فاجعة وليس انتكاسة كما يريده العدو وان كل قطرة دم سالت هي عزيزة و لاتثمن. ولن تزيد الشعب الا عزما وتصميما في الوقوف بوجه المؤامرات والدسائس التي تحاك ضده من اي جهة كانت .
العراقيون تحملوا الكثير فهل هناك نهاية لهذا الصبر والتحمل والمعاناة ؟ الواقع يقول لا بصيص من نور في آخر النفق في الوقت الحالي على الاقل ( دون يأس من ارادة الله ) يفضي إلى حل قريب ينهي صبر العراقيين الذي طال كثيراٌ وينهي معاناتهم وهمومهم وضياع مستقبل أبنائهم ومستقبل بلادهم . المصائب والمآسي و المحن التي مر بها هذا الشعب النبيل لا اعتقد بان هناك شعب قد مر بها في هذه المعمورة وشبح حزب البعث لازال قائم من خلال رفع العلم السابق بعد ساعة في مكان انفجار الكرادة لم يكن إلا بالاتفاق مع اعوان حزب البعث وأنّ ضمائرهم قد ماتت تماماً وأنّهم مستعدون للتضحية بالجميع، مقابل الحفاظ على المال الحرام الذي سرقوه والعودة لحكم هذا الشعب بعد ان تحولوا الى أعوان لتنظيم داعش يبثون الرعب والإحباط بين صفوف العراقيين بدلا من رص الصفوف . ومن هنا و لاشك ان حجم التحديات كبيرة ولايبدو في الافق من حلول للاوضاع الامنية وكثرت التأويلات والتكهنات والتخمينات والتسريبات و المؤشرات لاتوحي الى فك عُقد الازمات التي لايراد لها الانتهاء واصبح هناك من يعيش على الامها كما تسود في الوسط السياسي والشعبي حالة من الترقب والنقاشات المستمرة حول عدم ادانة المسؤولين عن الفشل فلن يجديها نفعا تجريب المستعجل أو غير المستعجل من برامج الإصلاح لأن فساد المسؤول وهو بمثابة القلب النابض يعني فساد القطاع برمته.
ان الذي دفع لهذه التساؤلات ومايجري من نقاش حولها ، هو ما تجسد أمام المواطن من سوء ادارة الملفات الامنية وفشل القائمين عليها والتخبط في تغيير المسؤولين الى ما لانهاية وعدم اصلاح المنظومة والتي لها تاثير على الاوضاع السياسية والأقتصادية والتنموية خلال السنوات الثلاثة عشرالماضية وعدم معالجة المشاكل المتراكمة التي أثرّت في حياته وبصورة مباشرة سياسة المحاصصة والطائفية التي هي سبب كل البلاء ، و دون نتائج أوجني ثمارلأي تطور يُذكر وعلى كافة الأصعدة والتي كان يأمل فيها إنبثاق العراق الجديد بعد عقود طويلة من الخراب النفسي والأجتماعي والثقافي وضياع الأنسان والثروة والذي قادته الحكومات المتتالية مما أصاب المواطن بصدمة وخيبة أمل وأحباط ،حيث جعلته غير مُبالي بما يجري ، ولايهتم بمجريات الاحداث . بسبب الأختلاف في الرؤى ومنطلقات العمل السياسي القادم والمؤشرات تشير إلى أن الكتل الكبيرة الحاكمة في هذه الدورة تعاني من التفكك للصراعات الداخلية على المناصب وصعوبة التوافق فيما بينها ، كما أن المناصب السيادية الرئيسة لازالت بحكم العُرف لا الكفاءة والمقدرة او المهنية والصراع عليها قائم دون هوادة في كل الكتل دون استثناء لان البعض من اعضاء الكتل ليسوا رجال دولة بل يعتاشون على نكائبها.لان رجال دولة يفكرون في بناء الدولة وليس في الوصول إلى السلطة وإحتكارها، ويتحملون المسؤولية تجاه شعوبهم و يضحون بكل ما عندهم من أجل إحداث تغيير جوهري في سبيل بناء مستقبل مشرق لأجيالهم القادمة.
العراق بعد الإطاحة بنظام حزب البعث، كان من المفترض ان يكون قد استعاد عافيته ، وشرع في الانطلاق على درب إقامة دولة جديدة حديثة دولة مؤسسات ونظام سياسي ديمقراطي يحقق للشعب العراقي طموحاته في الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والحياة الكريمة. لكن من ينظر الى واقع العراق يرى شتان ما بين المأمول والواقع. كما يرى عدد من المراقبين أن المتابع للوضع العراقي يُدرك بكل سهولة، أنَّ الأوضاع وصلت فيه إلى طريق مسدود على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما أن الوضع الأمني بات معروفاً للجميع. وما يجري في العراق الذهاب من سيئ الى اسوء لعدم وجود استراتيجية صحيحة رغم الجهود التي تبذل لافتقار العمل للجهد الاستخباري المجرب رغم التقدم الحاصل في الجانب العسكري والذي لايمكن انكاره. الفشل الامني والاستخباري انعكس على حياة العراقيين ويظهر انهم تعودوا على رؤية الأشلاء المتطايرة والمتناثرة , ورائحة الدم المخلوط بالبارود التي لم تعد تفارق أنوفنهم واصبحوا يشمونها دون موعد قد يكون كل يوم وكل صباح ومساء في الاسواق والشوارع , فهي حياتهم الجديدة التي اجبروا عليها في ظل النظام الجديد دون حزن او اكتثار حتى يفتح الله ابواب النجاة .
الدماء الزاكية لمئات الالاف من الشهداء الذين لا يمكن ان تضيع دمائهم دون قطف ثمار تضحياتهم داخل المدن وعلى خطوط المواجهة مع الارهاب بالتعاون البناء على الخير والعدل والإحسان وشد ازرنا البعض للاخرمن اجل عبور المرحلة والفئات الدينية والسياسية الوطنية المصابة بالذهول من هول المصيبة والمكونات المجتمعية في العراق اليوم مطلوب منها التحرك لحماية هوية التعددية وتنوعه العرقي والديني والثقافي والذي يعتبر مصدر اثراء للاجيال القادمة، ورعاية حقوقهم ، والعمل على ترسيخ هذه المبادئ ، والقبول بالآخر ، بل على الجميع ان يكونوا متفائلين دائماً فهو الأمل والفرح المستقبلي والنظرة الإيجابية لكل شيء، هو قدرتنا على تحمّل مصاعب اليوم أملاً منا بغد أفضل، فالتفاؤل يزيد من الإيمان و بقدرات الإنسان ومقدرته على حل المشكلات بل وعمل المعجزات.
|