الخطايا السبع الكبرى

 

جاء في كتاب افواه الزمن للكاتب ادواردو غاليانو، تحت عنوان الخطايا السبع الكبرى: جاثيا امام مقصورة الاعتراف، وافق نادم على انه مذنب بخطايا الجشع، والنهم، والشبق، ، والكسل، والحسد ، والتكبر، والغضب. لم اعترف قط، لانني لا اريد لكم انتم الكهنة، ان تستمتعوا بخطاياي أكثر مني، فأحتفظت بها بدافع الجشع.
منذ المرة الاولى التي رأيتها فيها، اعترف بأن أكل اللحم البشري لم يبدُ سيئا، هذه المرأة هي الشيء الوحيد في العالم الذي لم يكن يسمح لي بالكسل، كنت أشعر بالحسد، الحسد من نفسي، أعترف بذلك، وأعترف بانني اقترفت بعد ذلك التكبر في الاعتقاد انها أنا، وأردت أن أكسر هذه المرآة، مجنونا من الغضب عندما لم أر نفسي.
لم يكن رئيس الوزراء هو الوحيد الذي لم ير نفسه ليقرر بعدها كسر المرآة، كثيرون لم يروا انفسهم جيدا ولهذا لم يحسبوا حساب اللحظة الراهنة، والتي ابتدأت بأقتحام ساحات اعتصام المواطنين في الحويجة، اننا امام محنة كبيرة لم يحاول فيها احد الاقتراب من الشعب اكثر وازاحة الصورة القاتمة التي يحملها البعض عن الطائفية ومشكلة المذاهب التي ستغزوا العالم الاسلامي بعد ان تفشل تجربة العراق الديمقراطية، ولتنتهي هذه التجربة بالتقسيم الذي لابد منه، ان سوء الفهم الذي يغلف الاحداث في العراق سيكون هو العامل المحطم للوحدة العراقية، لا احد يريد ان يفهم ان الامر لم يكن ارتجاليا، وانما هناك خطوات محسوبة من كلا الطرفين، وهناك ساعة صفر للأنهيار وهناك خطايا سبع ارتكبها المالكي، وستلقي هذه الخطايا بظلالها على الشعب باجمعه، فالرجل في موقف لايحسد عليه وهو واقع بين حانة ومانة، هذه تهلس الشعر الابيض وتلك تهلس الشعر الاسود، انه واقع بين قطبين متنافضين ومتعاكسين القطب الاول يمثل صاحب الفضل في اسقاط الديكتاتورية وهو الولايات المتحدة الاميركية، في حين يمثل القطب الآخر الحاضنة الاولى التي احتضنت المعارضة العراقية منذ الثمانينيات، وهو ايران الاسلامية والتي تمثل امتدادا ستراتيجيا يمكن له ان يدافع عن العلويين والشيعة في المنطقة، وسط تنامي الصيحات الطائفية بزعامة تركيا وقطر والسعودية.
من الواضح ان المشروع الاميركي قد نجح في العراق بفعل الاصطفافات الطائفية، حيث مثل الشعب العراقي ارضية خصبة لهذه الافكار بعد ان غاب عنه مايحمله التاريخ من ادران ووساخة ربما يتضرر بها العراق دونا عن كل دول المنطقة، على اساس انه اول من ساهم بنشر هذه المدارس الفقهية التي تنامت الى طوائف، وهو بعد استمر على مدى اجيال متعاقبة حاضنة لها، وكان يرفض التطوير والتقارب ونشوء الافكار الحديثة التي وضع لها بابا هو باب الزندقة، فكل خارج عن الملة هو زنديق وكل من يأتي بفكر جديد هو زنديق بحيث كانت العقوبات انتقامية وسط تأييد هذا الشعب وصمته، كل هذا الذي ادخره الزمن يأتي وفق نظام دقيق ومحسوب واختيار خاطىء في اول صندوق اقتراع بعد عام 2003 ، الكل يعلم ان الانظمة الطائفية والشمولية تديم بقاءها على اساس غرز العنصرية داخل الشعب الواحد ضد الشعوب الاخرى، واذا لم يتح لها هذا غرزته داخل شعبها لتمزيقه وتفريقه، ودائما تتحجج ان عدوا خارجيا هو من يذكي هذا الصراع، وفي حالتنا نحن فأن شرارة بسيطة وصغيرة ستحرق الهشيم المعد، وهذه الشرارة وفرتها الحكومة في مهاجمة معتصمي الحويجة وكأنها كانت بحاجة الى مسوغ لاذكاء النار وبالتالي الاحتماء بالطائفة ووضع اللوم عليها او التحجج بالدفاع عنها، وكل هذا لم يجر لولا مباركة رجال الدين وشيوخ العشائر وغياب الصوت الواعي عن الساحة مع الاعتراف بالخطأ حتى وان كان بسيطا، لان الاعتراف امام الشعب يمكن ان يعطي نتائج محمودة ويرسم صورة رائعة للقائد، اما حين ينظر في المرآة ويكرر دائما انا على صواب وسواي على خطأ فتلك هي الخطايا السبع الكبرى.