في البداية أحب أن انوه أني لا امجد احد ولست من أنصار احد ولا علاقة لي بأي نظام سياسي سابق أو لاحق ( يعني لا امجد لفلان ولا علان , لأني لا احترم ولا أهوى سوى العراق , وعندي قناعة أن كل من حكم العراق قديما وحديثا ما هم إلا حثالات العصور , مع التمييز بين حثالة وحثالة حسب نسبة الشر التي تنتجها لذلك لحد يتعيقل براسي ويتهمني اتهامات باطلة ) . حدثني من لا اتهم في ذمته إن عبد التواب الملا حويش وزير التصنيع العسكري السابق في حكومة البعث البائدة ( إلي جماعتك يا سيد حيدر العبادي وسوالفهم خلوا الشعب يترحمون عليها ) قد عقد اجتماع لهيئة الرأي في وزارة التصنيع العسكري حيث كان لكل وزير هيئة رأي يسترشد برأيها عندما يشكل عليه اتخاذ قرار ما بخصوص وزارته ( ما اعرف هيئة الرأي في وزاراتك موجودة لحد الآن أم تم إلغاءها بقرار من مكاتب حزب الدعوة الإسلامية الذي تنتمي إليه بحجة أنها تخالف شرع الله والخدمة الجهادية ) وكانت هيئة الرأي يتم اختيارها وفق معايير مهنية وعلمية بعيدة عن المحسوبية المحاصصة ويجب أن يكون الأعضاء من نفس الوزارة ( يعني موظفين في نفس الوزارة مو درجات خاصة وتعيين من مكاتب الأحزاب ورواتب خيالية وشغلهم على قدر إبداء الرأي في الاجتماعات ومن ثم يعود كل منهم إلى عمله فالمهندس إلى مصنعه والإداري إلى مكتبه وهكذا ) والذي أتصوره أن كل العالم يشتغل بهذا المبدأ . عقد الملا حويش اجتماع لهيئة الرأي في وزارته لاختيار مديرا عاما لإحدى شركات التصنيع العسكري التي مات مديرها وكان المرشحون لشغل منصب المدير الجديد شخصيتين من مهندسي الوزارة الأول منهما كان معروفا بالورع والتقوى والصلاح ( صلاة وصوم وعبادة ) ونظافة اليد وهو من أهل الموصل ( رئيس مهندسين في شركة الكندي آنذاك ) والشخصية الثانية معروف عنه بأنه من أكفأ المهندسين في مجال عمله وهو إداري ناجح ومدير قسم كفوء لكنه يتميز بأنه ( سكير ونسونجي ) من الطراز الأول ولم يترك موبقة إلا ومارسها ولكن المعروف عنه نظافة اليد والكفاءة وهو من أهل العمارة ومن السادة من بيت الشرع تحديدا , فطلب حويش من أعضاء هيئة الرأي اختيار احد الشخصيتين لشغل منصب مدير عام في شركة من شركات التصنيع فأجمعت الهيئة بكل أعضائها على اختيار المرشح الأول المصلاوي ونرك الثاني العمارتلي بتصويت ديمقراطي على قصاصات ورق تم تقديمها لعبد التواب الملا حويش , وبعد أن اطلع عليها سأل أعضاء الهيئة لماذا اخترتوا المرشح الأول ولم تختاروا الثاني فأجابوه ( لأنه خوش ادمي ) وصايم مصلي ويعرف حدود الله بعكس الثاني المعروف عنه ( شرب الخمر وحب النسوان ) , فسأل حويش : ولكن الثاني أكفأ من الأول اداريا وفنيا , فأجاب أعضاء الهيئة بأن هذا غير مهم أمام العفة والإيمان ومعرفة حدود الله , وهنا انتفض الملا حويش قائلا لأعضاء هيئة الرأي : ( إذا تريدون خوش اوادم هسه انزل لبغداد احمل الكم لوريات خوش اوادم , لكني أريد أخ كحبة إلي يشتغل , آني أريد أنتاج , وأريد من المدير إلي اختاره يشَوفني إنتاجه , ومو مهم هذا خوش ادمي أو لا , لأني ما راح أناسبه لا أنطي أختي ولا اخذ أخته ) وبهذا اختار الملا حويش مهندس العمارة ليشغل مدير عام إحدى شركات وزارة التصنيع العسكري والذي اثبت نجاحه لاحقا وكانت ثقة الوزير الملا حويش بمحلها . الذي أريد أن أقوله لضخامتكم دكتور عبادي أن البلاد والعباد تمر بأزمة لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم , وأنت والجميع يعرف الأسباب ففشل حكوماتكم المتعاقبة في أدارة البلاد أشعل المنطقة بالكامل وعجزكم عن التعامل بطريقة عقلانية مع الشعب العراقي سبب كارثة ستحرق الشرق الأوسط إذا استمرت لذلك صار لزاما ل كان تخرج من تحت عباءة القرن الخامس الهجري وتتجاوز العقلية التي لازلت تؤمن بالخيرة وزواج المتعة وقتل المرتد , الانتصارات التي حققتها والجيش العراقي ضد داعش الشر تحسب لك , ونتمنى تتويجها بانتصارات لاحقة لاختيار وزراء شرفاء همهم تخليص الشعب من الظلم الذي لحقه خلال فترة حكم سلفكم مختار العصر , الفرصة تاريخية أمامك لاختيار وزراء ( يشتغلون لمصلحة الناس ) ولا علاقة لهم بأحد ولا ولاء لهم لأحد سوى العراق وشعبه . أريد أن أورد لكم يا سيد عبادي قصة لطيفة أخرى لعلها تفيدك في اختيار وزرائك قرأتها في كتاب للكاتب اللبناني سلام الراسي وتقول القصة : يحكى أن فلاحا في عهد الأمير بشير الشهابي , جلس يتغدى قي حقله , قرب الطريق , ومر به رجل وحياه , فرد الفلاح التحية ودعا الرجل إلى المشاركة في الطعام حسب التقاليد القروية , فتقدم الرجل وزوادته بيده فلشها قرب زوادة الفلاح وإذا زوادة الرجل مليئة بأفخر أنواع الطعام فأكل الفلاح وشكر وسأل الرجل عمن يكون , قال الرجل انه واحد من عبيد الأمير بشير , قال الفلاح لنفسه , لا بد أن يكون الأمير بشير عليما خبيرا في شؤون الناس حتى استطاع أن يختار له عبيدا على مثال هذا العبد الكريم والمهذب , وعندما رجع الفلاح إلى بيته اخبر زوجته عن عبد الأمير بشير وما جرى معه , فقالت الزوجة : يا سواد وجهي لم يكن في زوادتك اليوم غير بصلة وفجلة وقليل من الزيتون , ولابد أن الرجل قد تكلم بسوء بحقي , لان احترام المرأة لزوجها هو في احتشامها وتنويع طعامها , وغدا سأضع في زوادتك ما لذ وطاب حتى إذا مر بك عبد من عبيد الأمير بشير احترمك واحترم زوجتك , وجاء الفلاح في اليوم التالي إلى حقله وجلس عند الظهر يتغدى في مكانه , وفلش زوادته أمامه فإذا هي ممتلئة بأقراص الكبة وبيض باقورما وباذنجان متبل ومربى السفرجل وغير ذلك , وإذا برجل يعبر على الطريق قال الفلاح لعل الرجل من عبيد الأمير بشير وبادره بقوله : تفضل فتقدم الرجل لا سلام ولا كلام وراح يلنهم مما في زوادة الفلاح بشراهة حتى أجهز عليها بدون أي مجاملة ومسح فمه بكمه ونهض منصرفا لا شكر على معروف ولا كلام حسب المألوف , فأستمهله الفلاح وسأله عمن يكون , قال الرجل أنه واحد من عبيد الله , فتعجب الفلاح وقال لنفسه أيمكن أن عبيد الله اقل تهذيبا من عبيد الأمير بشير , ثم رفع يده إلى السماء وقال : أرجوك يا لله إذا أردت من الآن وصاعدا أن تختار لنفسك عبيدا أن تستشير الأمير بشير , لأنه اخبر منك بمعرفة الشبعان من الجوعان ..... ولك يا سيد عبادي نهدي هذه الأبيات التي قالها النائب اللبناني جان عزيز لعلها تفيدك : من جرب المجربا فعقله تخربا ما يرتجى من غافل يمشي .... إذا يوما كبا يقول المثل العراقي ( تجريب المجرب هبال ) وأنت يا سيد حيدر قد جربت أعضاء الحكومة من أحزاب السلطة بلا استثناء ولسنوات طويلة والنتيجة أمامك لا تحتاج إلى شرح أو تفصيل . واللبيب بالإشارة يفهم ......
|