الوساخة من الإيمان

معاذ الله ماقصدت التحريف أو الطعن بالحديث القدسي (النظافة من الإيمان) ان كان صحيحا أو ضعيفا, لكنني أرى ان سادتنا من المسئولين المُكثرين وبإفراط من الوضوء والحوقلة ,الراكعين الساجدين  المسبحين بحمده آناء الليل واطراف النهار, والحافظين القرآن والحديث عن ظهر قلب, والسريعي البديهية بالاجابه والتنطع بأحد آيات الله وأحاديث نبيه الكريم فيما يخص الطهارة والنظافة والتي أكدت وبأكثر من ثلاثين آية في متن القران كلها  توصي بالنظافة والطهارة والآلاف من الروايات والأحاديث التي تحث  المسلمين بالتطهر والتزين وتنظيف اللابس والطرقات والتدخل في خصوصيات المسلم وتدعوه إلى  تجميل نفسه وتطَيبه وغسيله.
 فليس ثمة دين أو عقيدة كعقيدة الإسلام وتعاليمه اهتمت بهذا الشأن وعالجته وأمرت معتقديها واتباعها بالتمسك بآداب النظافة والطهارة لكن مابال مسؤلينا أين هم من تعاليم ووصايا دينهم وسلوكيات نبيهم وأئمتهم فلماذا استبدلوا هذا الحديث الروحاني الإيماني (النظافة من الإيمان) بشعارهم الجديد الذي يرفعونه اليوم (الوساخة من الإيمان) أليس فيه معصية وجحودا ونكران لدينهم ومعتقدهم فأين هم من إيمانهم وادعائهم في  التدين والتعبد لله والطاعة لرسوله .
فلماذا تتوج قصباتنا ومدننا ومداخلها بهذا الشعار المُحبَط البائس الذي تجد مصداقيته  على  واقع الحال التي عليها هذه المدن حيث  تكتظ شوارعها وساحاتها وأزقتها  وطرقاتها بالمزابل والنفايات والاتربه والأنقاض والروائح التي  تغطي أجوائها  و تنعش أنفاسها بما يزكم النفوس عفونة وجيفا ونتانة .
 وإلا ماذا يعني ان تحصل عاصمة العراق الشامخ العظيم على المرتبة  الثالثة في التسلسل الدولي لعواصم العالم وساخة واحتواء على النفايات وثامن مدينة في العالم في التلوث البيئي (وهو ما أوردته منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة  في تقريرها السنوي لهذا العام) مما حدى بالكثير من أبناء المحافظات استياء وستتهجانا   لهذه النتيجة المخزية والمهينة ليرفعوا شعارات تؤطر وجه مدنهم.
 منها (لانظافه ولا امان في ظل الحكومه والبرلمان) ,(بارك الله بالحكومة والبرلمان العراق أوسخ الأوطان), و(بلد الخيرات والمليارات تملؤه الأوساخ والنفايات) وغيرها الكثير.
هذه ألمرتبه التي حصل عليها العراق بجدارة نظافته, ليس غريبا عليه فهي تأتي امتدادا لسابقاتها من المراتب والدرجات العليا في مقاييس وجداول هيئة الأمم المتحدة أو هيئة الشفافية الدولية حيث تفََوَق العراق بتكليله بالدرجة الثالثة في سلم الفساد الإداري والمالي. طبعا لم تتأتى هذه النتائج الباهرة في الاختراقات الدولية ومقاييسها من فراغ ,لكنها نتجت   بفعل الإخلاص والجهد والمثابرة والتفاني وطول باع أيادي مسئولينا وتفتق أذهانهم وكوادرهم المختصة في التمادي والتلاعب بامول العراق وثرواته وانشغالهم في التخاصم والاحتراب على المناصب والكراسي إرضاء لشهواتهم وطموحاتهم الشخصية هاملين  متناسين شعبهم تغمره الأوساخ والاتربه منطمرا تحت النفايات والأنقاض يبحث بين ثناياها عن المليارات التي أهدرت كل هذه السنين تحت عبث واستهتار وسرقة قياديه وساسته الذين انتخبهم وائتمنهم على خيراته وثرواته فخيبوا آماله وتطلعاته وما يصبوا إليه في البناء والأعمار وتقديم المنافع والخدمات.