تكضي وتهون

في سبعينيات القرن المنصرم وفي اول وعي لنا على هذه الدنيا كان العراق عبارة عن واحة خضراء او حديقة غناء حتى يصعب عليك ان تجد طريقا للمرور من كثرة الزرع اما بواديه مايسمى الجزيره فلكثرة الامطار ووفرة الخير فيها تحسب انك في قطعة من الجنة اضافة الى نفط العراق الذي اغرق العالم وفي كل هذه الظروف كان العراقي لايحصل على قوته ولباسه الا بشق الانفس مثله كمثل العيس التي تحمل قرب الماء ويقتلها الظمأ في هجير الصحراء وكان اهلونا شيوخهم وعجائزهم الذين عركتهم الدنيا يرددون بلهجة ظاهرها الامل وباطنها اليأس (تهون وتكضي) واقبلت الثمانينات وتوفر الطعام واللباس حتى القي الاكل في المزابل والطرقات وحتى بخس كل شيء ثمنا ومابين اغماضة عين وانتباهتها وجدنا انفسنا في اتون حرب لاتبقي ولاتذر تحصد الابناء والاباء والاخوة والازواج حتى تحسر الناس على زمن الجوع والعري ولكنهم رددوا بنفس النغم الحزين (تكضي) وبعد ثمان عجاف لاحت بارقة امل بعيد ووضعت الحرب اوزارها وظننا واهمين انه لم ياتي يوما اشد مما مضى فكانت كما لم تكن في اشد الكوابيس يجتمع الكون كله على العراق بعد عنترية المجنون فيعيدوه قاعا صفصفا كما في عصور ماقبل الحضارة وندخل دوامة حصار لم يشهد له التاريخ مثيلا فشح قرص الخبز حتى صار اندر من الكبريت الاحمر ولم نسمع بمن يشتري ثوبا جديدا الا ان كان من سراة القوم او عليتهم وكانت اياما هان دونها موت الثمان الغابرات ولسان حالنا يردد (تكضي) غافلين ان العمر قد انقضى او اوشك ومرت ثلاثة عشر عاما اسود من ظلام الليل حتى جاء الفاتحون لكنهم كانو مغولا اخرين دمروا البلاد وقتلوا العباد واهلكوا الحرث والنسل وسرقوا كل مايسرق وهدموا مالايسرق جثموا على الصدور ثمان اخرى والبعض يردد ( تكضي) ويرحلون وندخل اليوم فيما لاندري ونقول ( تكضي) و (تهون) وكل يوم نرجع القهقرى نتمنى الامس الذي كرهناه فلانناله ونطلب غدا فلانعطى ويمضي العمر و تهــــون