"بالذكرى الـ 64لثورة يوليو...إلى متى ستبقى الحركة القومية العربية أسيرةًّ للماضي ؟"

 

 

تزامنآ مع احتفال  شرفاء الأمة العربية جمعاء ومصر تحديدآ  بمرور الذكرى الـ64 من ذكرى ثورة 23 يوليو،تعود الكثير من الاصوات لتذكر وتنتاول قضايا الحركة القومية العربيه في الوطن العربي لتحاول استبصارها بطريقة معرفية سياسية واضحة، ونحن هنا عندما نضع الخطوط تحت السلبيات ونحاول اظهار الاخطاء حتى تكون نقطة الارتكاز والانطلاق لاشتقاق الرؤى والممكنات لبعث فكرة النهضة والمقاومة المستديمة في الأمة من جديد، والسعي من جديد لاحياء قيمها وربطها مع ممكنات الواقع ، فما الوحدة العربيه بالنهاية الا تعريف تاريخي لهوية وخصوصيات، ألامة، وهي ماهية للأمه، وعنوان ومحتوى لتكونها التاريخي، وحافظ لهذه الماهية في كل الأطوار والمراحل، ومن هنا لنعترف أنه بالمرحلة الاخيرة مرت مسيرة الحركة القومية العربية بانتكاسات عدة .

 

اليوم هناك واقع مؤلم و هناك حقيقه لا يمكن لمتابع لمسيرة الحركة القومية العربية منذ انطلاقها ولليوم ان ينكرها ، وهي أن مساحة المناوره أصبحت ضيقة امام الحركة القومية العربيه بهذه المرحلة، وهذا الموضوع لم يعد يخفى على احد، وخصوصآ بعد سقوط اهم قلاعها بمصر الناصرية، والعراق البعثية ، وبعد الكثير من الانشقاقات عن هذه الحركة والسبب أموال البترودولار، التي أشترت الكثير من الاراء والمواقف بل هؤلاء الذين أشترتهم هذه الاموال أصبحوا من ألد الاعداء لهذه الحركة ، وما تبقى وهو الذي نراهن على صموده اليوم وهو الحصن الاخير وهي سورية العروبية، ولهذا فان مساحة المناوره لاحياء المشروع العروبي اصبحت تمر بمخاض عسير، نتيجه لعدة متغيرات عشنا تفاصيلها جميعآ، ليس أولها ولا اخرها أن وقتنا الحاضر وقتآ ارتفع فيه الصراع الى مستوى المذهبيات وصراع القوميات والطوائف والافكار المتطرفه ولم تعد فيه مكان ومساحة لمناوره واسعة لاحياء المشروع القومي العروبي وفق معطيات الواقع المعاش، والطموح الذي يوصل الى بناء واحياء المشروع العروبي من جديد ، فاليوم المشروع الصهيو-امريكي تغلغل بعمق الكيان العربي واصبح هو القائد لمسيرة الحراك العربي وهو الموجه لها ليتبدل العدو وتتبدل القيم وتصبح الطائفة عنوان الوجود والقومية هدف للاستقلال والمذهبية هي الحزب والوطن، وو، الخ  ، وهذه الحقيقه لاينكرها الا أنسان يعيش بعصر آخر على وجه هذه المعمورة.

 

 

أن مفاهيم القومية العربية أو العروبة في مفهومها المعاصر وفق تعريف قوميي العروبة الجدد ، الذين نسوا للأسف تطبيق أصل مشروع الوحدة الاكبر ، وبنو تعريفهم على المصطلح التالي وهو “الإيمان بأن الشعب العربي شعب واحد تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح وبأن دولة عربية واحدة ستقوم لتجمع العرب ضمن حدودها من المحيط إلى الخليج”، وللأسف الكل تحدث عن هذا الأيمان ولم يعمل به أحد، وللأسف أيضآ اقول انه منذ اتفاقية كامب ديفيد، تبنت معظم الأنظمة العربية والعروبية منها شعارات جديدة تمجد الانتماء القطري وتضعه في مقدمةالأولويات ، وازداد هذا الشعار ظهورا بعد الفشل الذريع الذي منيت به بعض الأنظمة العربية على صعد تتعلق بانهزام مشروعها امام المشروع المتكون من التحالف من قبل بعض الانظمة العربية والأنظمة المتأسلمة مع المشروع الصهيو -أمريكي، والذي ترافق مع فشل على صعدالديمقراطية والتنمية والاقتصاد وزيادة البطالة ومشاكل التعليم والصحة، فأصبحت الأنظمة تنمي مشاعر التفرقة وتقيم الجدران بين قطر وآخر ، علاوة على ذلك، وأصبح ترديد شعارات تمجد الانفصال والنزعة القطرية  شيئآ عاديا ومألوفا، وأصبح كل نظام عربي يحاول العثور على انتماء غير عربي سواء كان فرعونيآ أو فينيقيآ أو إفريقيآ، وو، ألخ.

 

والسؤال الاهم هنا أين كانت الحركة القومية من كل هذا؟ ببساطة ستكون الاجابة هي، الانغلاق وعدم الانفتاح مع ان هذا التوجة الانغلاقي الضيق لم يجلب سوى المصائب على المستوى القطري والمستوى القومي، فلم تستطع الأنظمة  التي تتبنى العروبة حل مشاكلها الداخلية أوالحفاظ على أمنها أو تحقيق النمو والازدهار لشعوبها وقد عانت دول مثل مصر والعراق ولبنان واليمن من عنف دموي أو انقسام طائفي وصل أحيانا حد الحروب الأهلية، ولم تستطع معظم الأقطار العروبية تخفيض معدلات البطالة العالية أو الفقر أو الجهل أو الأمية.

 

أن الحديث اليوم الذي يتحدث به أغلب المعارضين لهذه الحركة القومية هو كالتالي ، لقد كانت الهزائم التي تلقاها العرب بحروبهم مع اسرائيل صفه تلازم الحركة القومية العربية، لقد كان سبب د خول امريكا إلى العالم العربي ، هي  الإنظمة القومية العربية ، لقد كانت دائمآ للاسف صفة الانظمة الاستبدادية تلازم الحركات القومية العروبية ، وهذا للأسف بسبب الانغلاق التي عاشته هذه الانظمة وهذه الحركات على أنفسها، فمن اليوم علينا أن نعرف حقيقة أنه ليس كل من ينتقد ايديولوجية القومية العربية وينتقد آراء او مواقف القوميين بمختلف فصائلهم هو عدو لها، بل قد يكون هو الناصح والصديق ، والذي يبحث له عن مكان بين الحركة القومية العربية ولكن يريد أفكارا جديده تتماهى مع خطورة المرحلة تتماهى مع طبيعة التغير الحاصل بقواعد عروبتنا والتي أصابتها حالة من الانكسار بالمرحلة الاخيرة.

 

 

اليوم لسنا بحاجه للتذكير ، أن عبد الناصر قد ذهب لغير عوده ، ولم تعد مصر هي مصر عبد الناصرفقد كانت وانتهت وهذه حقيقة، وفلسطين لم تعد قضية جامعة لكل العرب، ولم يعد العراق هو عراق البعث بل أصبح عراق الطوائف والملل والاعراق وهذه حقيقه أيضآ ، وسورية اليوم ليست سورية الامس مع علمنا انها تواجه اليوم أكبر ازمة معقدة ومركبة بتاريخها الانساني والحضاري والبشري ولكن مازلنا للأن نراهن ونقف بصفها لانها أخر قلاع العروبة ، ولسنا بحاجة ان نذكر ان المشروع الصهيو -امريكي وصل الى مراحل متقدمة بخطط التنفيذ .

 

 هنا لابد من ذكر هذه الحقيقه ولانصاف الحركة القومية العربية ، فقد عارض المد القومي مجموعة من المفكرين الليبراليين المتعلقين بالغرب والذين يدعون إلى الحفاظ على السيادة الوطنية بحجة وجود هوية أو هويات قطرية نابعة من حضارات مرت على الوطن العربي واندثرت الآن من فينيقية وفرعونية وكنعانية وبابلية، الخ، و يبرز هذا التيار بأقوى صوره في مصر ولبنان ، كما لاقت القومية العربية معارضة من بعض رجال الدين الذين يتسترون بستار الاسلام وبخاصة من التيار الوهابي، الذين شككوا بنوايا مؤسسي الفكر القومي، واتهموا الفكر القومي بافتقاره الأيديولوجية اللازمة للتعامل مع الإنسانية والمجتمع سواء في بلاد الإسلام أو خارجها، واتهموا القوميين بأنهم تلقوا أفكارهم من أحضان الغرب والماسونية،و برز هذا الفكر أساسآ في السعودية كجزء من حالة الاستقطاب التي كانت سائدة بين الأنظمة القومية من جهة والأنظمة الملكية المرتبطة عموما بالغرب والتي يصفها القوميون واليساريون بالرجعية.

 

ختامآ، عندما نتحدث عن واقع الحركة القومية العربية، فهذا الحديث ينبع من غيرة، ولسنا ناقدين بل نريد البناء وتصحيح الاخطاء التاريخية، فنحن نؤمن بالقومية العربية المشتقة من وحي الاسلام المحمدي المعتدل لانها الأصل في الوحدةالعربية لأن الوحدة المنسجمة هي خير مخلص لنا كعرب، وأن التجزئة القطرية عارضة ومصطنعة بدأها الاستعمار واستكملتها بعض أنظمة الحكم العربية المعادية لمفاهيم الوحدة العربية،وسعت لتعزيز مفاهيم  الشعور القطري وواقع التجزئة ،للحفاظ على عروشآ اغتصبتها وكراسي لم تستحقها .