موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية: (125) كذبة عملية إنقاذ الجندية جيسيكا لينش

موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية:

(125) كذبة عملية إنقاذ الجندية جيسيكا لينش تكشفها جيسيكا نفسها؛ اطباء مستشفى الناصرية الشرفاء أنقذوها وتبرعوا لها بدمهم

 

(أنا ما زالت لا أعرف لماذا اختاروا أن يكذبوا ويحاولوا أن يجعلوا مني أسطورة. من اللحظة التي استيقظت فيها في هذا المستشفى [الناصرية] ، لا أحد ضربني، لا أحد صفعني، لا أحد، لا شيء من هذا القبيل.                                            
أنا ممتنة جدا لهؤلاء الناس، لأن ذلك هو السبب في أنني على قيد الحياة اليوم).

الجندية 

جيسيكا لينش

(عزيزي الوزير رامسفيلد،

أكتب إليكم لأطلب مساعدتكم في حل الجدل الدائر حول إنقاذ جيسيكا لينش. في الآونة الأخيرة، ظهرت تقارير إعلامية مخالفة. في جوهرها، ترى هذه التقارير أن الإنقاذ أقيم أساسا للفيديو وأنه مصمم خصيصا للتلفزيون. وأن الجندية لينش لم تُصب بأي إصابات رصاص أو طعنات سكين، وأن القوات الأمريكية كانت على علم مسبق قبل العملية بأن القوات العراقية لم تعد تقوم بحراسة المستشفى، وأن الطاقم الطبي العراقي عامل الجندية لينش معاملة إنسانية، حتى أنهم تبرعوا لها بدمائهم، وحاولوا بالفعل نقل لينش بسيارة اسعاف إلى القوات الأمريكية قبل يومين، لكن القوات أطلقت عليها النيران)

دينيس كوسينيش

عضو الكونغرس الأمريكي

 

المحتوى

_____ 

(من هي جيسيكا لينش ؟- حياتها المبكرة- معركة الناصرية- أسيرة حرب- استرجاعها من مستشفى الناصرية- ملاحظة سريعة: يكذّبون نفسهم بنفسهم- مغادرة العراق- العودة للبيت- الجوائز والأوسمة- التقارير الرسمية الأولي عن الناجية لينش- الخلافات حول التغطية الإعلامية- الشهادة أمام الكونغرس- قصة أسر لينش بتفاصيلها الحقيقية- فيلم البنتاغون المفبرك ؛قصة جيسيكا لينش، بطلة الدعاية- الفيديو "الحقيقي" لإنقاذ المجندة جيسيكا لينش مزيّف؛ إخراج: مجموعة ريندون، وإنتاج: وزارة الدفاع الامريكية- تدخّل مجموعة ريندون المتخصصة بصناعة الأكاذيب- أخطبوط مجموعة ريندون- تسريب المعلومات لغسل الدماغ: هذه هي مصداقية الصحافة الأمريكية- وهمٌ ضروري- الغارديان تفضح الكذبة .. والواشنطن بوست تعدّل- فيلم بي بي سي الوثائقي يفضح أكاذيب البنتاجون: الإنقاذ المسرحي للجندية جيسيكا لينش- شهادة طبيب عراقي : الإنقاذ "كان مثل فيلم من هوليوود"- هذه شهادات الأطباء في مستشفى الناصرية: أنقذناها من الموت وأعطيناها حتى دمنا- نحن ننقذ أسراهم العسكريين الغزاة وهم يقتلون المدنيين العراقيين بالآلاف- هذا جزاء العراقيين- جيسيكا تكشف الحقيقة وتحفظ الجميل: أنقذ العراقيون حياتي ولم يضربني أحد ولم أكن بطلة- حتى الكونغرس كشف أكاذيب رامسفيلد حول إنقاذ جيسيكا- ختام: ندم جيسيكا لنش لن يعيد ضحايانا- مصادر هذه الحلقة)

 

 من هي جيسيكا لينش ؟

_____________ 

جيسيكا داون لينش Jessica Dawn Lynch  (من مواليد 26 أبريل 1983) هي جندي سابق في جيش الولايات المتحدة الذي غزا العراق عام 2003. يوم 23 مارس/آذار، 2003، كانت لنج تخدم في فصيلة تابعة لوحدة عسكرية متخصصة في الامداد والصيانة هي السرية 507 عندما تعرضت لكمين لرتلها من قبل القوات العراقية خلال معركة الناصرية. أصيبت لينش بجروح خطيرة وقُبض عليها. إنقاذها الذي تمّ من قبل قوات العمليات الخاصة الامريكية فى 1 أبريل/نيسان 2003، تلقى تغطية إعلامية كبيرة وكان أول انقاذ ناجح لأسير حرب أمريكي منذ حرب فيتنام، وأول انقاذ لامرأة منذ الحرب العالمية الثانية.

حياتها المبكرة

_________ 

وُلدت لينش في فيرجينيا الغربية، وهي الطفل الثاني والإبنة الأولى لديدري لينش وغريغوري لينش، الأب لم يستطع إرسالها إلى الكلية لأسباب مالية. وكان أخوها الأكبر قد انقطع عن الدراسة لأسباب مالية أيضا. وللبحث عن وسيلة لدفع أجور تعليم الأولاد، اجتمعت عائلة لينش مع مسؤول عن التجنيد لصالح الجيش في المنطقة في صيف عام 2000 عندما كانت لينش في السابعة عشر من عمرها وما زالت في  المدرسة الثانوية. في 19 سبتمبر 2001، دخلت لينش التدريب الأساسي في فورت جاكسون بولاية ساوث كارولينا. وأكملت في وقت لاحق التدريب المتقدم الفردي لها في التخصص المهني العسكري كجندية في سلاح التموين في فورت لي بولاية فرجينيا. وقد عاشت لينش في منطقة فقيرة تتراوح نسبة الفقر فيها بين 25 – 35% ، وبسبب وبسبب فقرها اضطرت لينش إلى تصوير لقطات وهي عارية كما ذكرت اسوشيتد برس. وقد ادعى "لاري فلينت" زعيم الصحافة الإباحية في الولايات المتحدة ومؤسس مجلة هستلر Hustler magazine الإباحية، بأنه اشترى صورا عارية للينش لمنعها من التداول.، قائلا : "جيسيكا لينش هي صبية جيد، وليست منافقة أو خارجة لخداع أي شخص، أقول لكم: إنها مجرد ضحية لإدارة بوش، التي تستخدمها لتبرير الحرب في العراق. يتم استخدام جيسيكا لينش بمثابة رهان من قبل وسائل الإعلام والحكومة لخلق بطل يمكنه أن يبيع هذه الحرب للشعب الأمريكي".

الصورة رقم (1): جيسيكا لينش بالملابس العسكرية

 

معركة الناصرية 

__________

في 23 مارس 2003، تعرّض رتل لسرية التموين 507 وعناصر من كتيبة الدعم القتالي الثالثة من جيش الولايات المتحدة لكمين في مدينة الناصرية في جنوب العراق. لقد اتبع الرتل عربة همفي تقودها "لوري بيستوا"، التي سارت في مسار خاطئ، وتعرضوا للكمين في الناصرية، وهي نقطة عبور رئيسية على نهر الفرات شمال غرب البصرة. كان من المفترض بالقافلة الالتفاف حول المدينة، وبدلا من ذلك دخلت مباشرة إلى المدينة، فوقعت في النهاية في الكمين. من غير المرجح أن الكمين تم إعداده مسبقا، لأن العراقيين لم يعرفوا أي مسار سوف تتخذه القافلة. بدأت النيران تنهمر على القافلة من كل جانب. العربة التي كانت لينش تركب فيها من نوع همر تعرضت لقذيفة صاروخية أدت إلى انقلابها واصطدامها بالجزء الخلفي من جرار ومقطورة فتحطمت وأصيبت لينش بجروح بالغة. 

تم أسر لينش من قبل القوات العراقية، واعتُبرت في البداية في عداد المفقودين في العمليات. قُتل (11) أحد عشر جنديا أمريكيا آخر في الكمين. وتم أسر خمسة جنود آخرين. تم إنقاذهم بعد 21 يوما. أفضل صديقة للينش، هي لوري بيستوا، أصيبت بجرح خطيرة في رأسها وتوفيت في مستشفى مدني عراقي.

فيديو يصور بعض السجناء الأمريكيين في الحرب، بما في ذلك بيستوا، عُرض في وقت لاحق على قناة الجزيرة وبُث في جميع أنحاء العالم. وفي وقت لاحق أيضا، تم اكتشاف لقطات من فيديو يصوّر كلا من لينش وبيستوا في مستشفى عراقي قبل وفاة الأخيرة. 

أسيرة حرب 

_______

بعد بعض الوقت في عهدة فوج من الجيش العراقي، سُلّمت لينش إلى مستشفى في الناصرية. وقد عرفت القوات الامريكية بمكان لينش من خلال محامٍ عراقي من أهالي الناصرية، قال لهم انها قد تعرضت للتعذيب والضرب، ولكنها لا تزال على قيد الحياة. وقد حصل المحامي "محمد عودة الرهيف" البالغ من العمر 32 عاما، لاحقا، هو وعائلته، على وضع اللاجئ من قبل الولايات المتحدة.

وأشارت التقارير الأولية أن زوجة الرهيف، كانت ممرضة اسمها "إيمان" في المستشفى حيث كانت لينش محتجزة كأسيرة، وأن الرهيف في أثناء زيارته لزوجته في المستشفى، لاحظ تصاعد الإجراءات الأمنية وأنه استفسر عن السبب. ولكن، أكد موظفو المستشفى في وقت لاحق أن الجزء الوحيد من قصة الرهيف هو أنه قد زار المستشفى بالفعل، ولكن زوجته لم تكن ممرضة هناك، ولم يكن هناك أي ممرضة باسم إيمان تعمل هناك. وقال الرهيف أنه في أثناء زيارته للمستشفى الذي تم إنقاذ لينش منه، لاحظ وجود ضابط عراقي برتية عقيد قام بصفع لينش. وقال: "لقد توقف قلبي، وعرفت في ذلك الحين أنني يجب أن أساعد في أنقاذها. ولهذا قررتُ أن أذهب لأخبر الأميركيين".

وقد اختلف الأطباء العاملين في المستشفى مع قصة الرهيف، فهم يقولون أن لينش كانت محمية ومصونة من قبل العاملين في المستشفى وتلقت معاملة جيدة طوال فترة إقامتها في المستشفى. قصة لينش الخاصة تتفق مع هذه الاعتراضات، فقد قالت لينش أنها كانت تُعامل معاملة إنسانية، مع وجود ممرضة كانت تقوم حتى بالغناء لها.

وعلاوة على ذلك، ووفقا للتقارير، وفي يوم 30 مارس، حاول الأطباء تسليم لينش لقوات الولايات المتحدة، من خلال إرسالها بسياة أسعاف يرافقها طبيب، ولكن المحاولة فشلت عندما أطلق الجنود الأمريكيون النار على سيارة الاسعاف العراقية بمجرد محاولة اقترابها من نقطة السيطرة.

ووفقا لرواية الرهيف للأحداث التي أدت إلى إنقاذ لينش، قال انه مشى ستة أميال إلى نقطة تفتيش تابعة للبحرية الأمريكية لإبلاغ القوات الأمريكية أنه يعرف أين كانت لينش محتجزة. وبعد التحدث مع مشاة البحرية، تم إرسال الرهيف إلى المستشفى من جديد لجمع مزيد من المعلومات، التي كانت تستخدم للتخطيط لانقاذ لينش. 

وحسب زعمه، عاد الرهيف إلى الأمريكان مع خمس خرائط مختلفة للمستشفى وتفاصيل خطة الأمن، وخطة رد فعل، وتوقيتات المناوبات.

ذكر الجيش الامريكي أنه علم عن موقع لينش من العديد من المخبرين، واحد منهم كان الرهيف. بعد وصول الرهيف، وتأكيده لموقع لينش، قام المسؤولون في وكالة الاستخبارات الدفاعية بتجهيز وتدريبمخبر مجهول، وزودوه بكاميرا خفية. في يوم الغارة، مشى المخبر حول المستشفى، وقام بتصوير المداخل والطريق إلى غرفة لينش سرّاً.

استرجاعها من مستشفى الناصرية

____________________ 

أظهرت كاميرا فيديو قتالية في 1 أبريل 2003، لقطات عن لينش على نقالة أثناء إنقاذها من العراق.

في 1 أبريل 2003 قامت قوات أمريكية بهجوم تضليلي لمحاصرة قوات عراقية غير نظامية لجذبها بعيدا عن مستشفى صدام في الناصرية. وفي الوقت نفسه، قامت عناصر من فرقة العمليات الخاصة المشتركة121 المكونة من القوات الخاصة في الجيش الأميركي والقوات الجوية وقوة دلتا، بغارة ليلية على المستشفى، ونجحت في استرجاع لينش وجثث ثمانية جنود أمريكيين آخرين.

وفقا لأقوال أطباء المشفى الموجودين في أثناء الغارة، فقد تم جمعهم في مجموعات تحت تهديد السلاح والتعامل معهم على أنهم أعداء محتملون إلى حين التعرف عليهم بأنهم من العاملين في المستشفى. ودافع العديد من خبراء قوات العمليات الخاصة العسكرية والتكتيكات عن العسكريين الذين قادوا الهجوم، قائلين انه يتم تدريب فرق قوات العمليات الخاصة على توقع الأسوأ والتحرك بسرعة، ومعاملة كل شخص يصادفونه في البداية بمثابة تهديد محتمل. بالإضافة إلى ذلك، ذكر الأطباء أن الجيش العراقي كان قد غادر المستشفى في اليوم السابق، وأنه لا أحد في المستشفى أظهر أي مقاومة للقوات الأمريكية خلال الغارة.

وادعى أحد الشهود أن قوات العمليات الخاصة كانوا يعلمون مسبقا أن الجيش العراقي قد انسحب قبل يوم من مداهمة المستشفى، وأن الحدث بأكمله كان تمثيليا، بل سار الأمر إلى حد الذهاب إلى حد استخدام الرصاص الفارغ (الخُلّب) لخلق انطباع ان الجنود كانوا يطلقون النار.

في المؤتمر الصحفي الأولي في 2 أبريل 2003، عرضت وزارة الدفاع الأمريكية شريط فيديو مدته خمس دقائق عن الانقاذ وادعت أن لينش تعرضت لطعنات وأصيبت بطلقات رصاص، وأنها تعرضت للصفع والتحقيق معها وهي على سريرها في المستشفى.

الأطباء والممرضات العراقيون في مقابلات صحفية أجريت في وقت لاحق، وصفوا إصابات لينش بأنها "كسر في الذراع، وكسر في الفخذ، وخلع في الكاحل". ووفقا للأطباء، لم تكن هناك أي علامة على جروح لطلق ناري أو طعنات، وكانت إصابات لينش متوافقة مع تلك التي من شأنها أن تكون لحقت بها في حادث سيارة، والتي تم التحقق منها من لينش نفسها عندما ذكرت أنها حصلت عندما انقلبت بها عجلة الهمفي وكُسرت ساقها . وتأكدت أقوال الأطباء العراقيين وروايتهم للأحداث في وقت لاحق في تقرير للجيش الأمريكي تم تسريبه يوم 10 يوليو، 2003.

السيرة الذاتية المُخولة التي حملت عنوان : "أنا جندية أيضا: قصة جيسيكا لينش"، كتبها الصحفي الحائز على جائزة بوليتزر "ريك براج Rick Bragg" تنص على أن لينش تعرضت للاغتصاب خلال الثلاث ساعات التي كانت فيها فاقدة للوعي في أثناء احتجازها في المستشفى، استنادا إلى السجلات الطبية ونمط ونوع الإصابات التي تعرضت لها. لينش لم تذكر أي شىء عن أي اعتداء الجنسي و"عارضت بشدة ذكر مزاعم الاغتصاب في الكتاب". ولكن براج هدّأ من روعها وأخبرها أن "الناس بحاجة إلى معرفة أن هذا هو ما يمكن أن يحدث للنساء الجنديات". 

و"ريك براج" رجل فصل من صحيفة نيويورك تايمز لأنه كان يسطو وينتحل المواد الصحفية ويتظاهر بأنه كان في موضع الحدث ثم يظهر أن هذا كاذب. وقد قام بكتابة هذا الكتاب دون أن يزور مكان الحدث وهو العراق ليقابل شهود العيان ويدرس المكان. 

قال الكثير من الصحفيين إن مبلغ مليون دولار هو كثير من المال يُمنح لعائلة فقيرة من فيرجينيا الغربية. ومليون دولار هو الكثير الكثير من المال لجندية فقيرة.

ملاحظة سريعة: يكذّبون نفسهم بنفسهم 

_____________________ 

وكلمحة سريعة من كتاب براج هذا نلتقط مقطعا قصيرا يناقض نفسه ويصطدم مع الأكاذيب والمبالغات التي فبركها البنتاغون والصحافة حول بطولات جيسيكا لينش ، فقد حاء في الصفحة 78 ما يلي :

(جيسي ، تجلس القرفصاء في المقعد الخلفي، ذراعاها حول كتفيها ، جبينها على ركبتيها... آخر شيء تذكرته هو أنها كانت تصلي ... "يا الله، أخرجنا من هنا" (أنا جندي، أيضا، ص 78).

فإذا كانت لينش تختض وترتعد وتبتهل إلى الله بأن ينقذها من هذه المحنة ، فكيف قاتلت كاللبوءة حتى آخر طلقة ؟!  

 

الصورة رقم (2): جيسيكا لينش عند انقاذها

 

مغادرة العراق

_________

من الكويت، تم نقل لينش إلى مركز لاندشتول الطبي الإقليمي، في ألمانيا، حيث كان من المتوقع أن تتعافى تماما من الإصابات التي تعرضت لها. على متن الطائرة إلى قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا، أبقى الفريق الطبي العسكري لينش مخدرة ومغذأة بالسوائل. طارت عائلتها إلى ألمانيا في 5 نيسان لجمع شملهم معها. وفي بيان للمستشفى، قال :"كانت لينش بابتسامة كبيرة على وجهها عندما وصل والديها."

خضعت لينش لعملية جراحية في الظهر يوم 3 ابريل لتصحيح فقرة منزلقة كانت تسب ضغوطا على حبلها الشوكي. ومنذ ذلك الحين، خضعت لعدة عمليات جراحية لمعالجة كسورها.

في وقت إنقاذ لينش نفسه، تم انتشال عشر جثث لجنود أمريكيين، تسعة من قبر ضحل واثنان من المشرحة. وبعد تحديد الهوية، تم تحديد ثمانية باعتبارهم رفاق لها في وحدتها العسكرية، بما في ذلك المجندة لوري بيستوا. مُنح كل منهم في وقت لاحق وسام القلب الأرجواني بعد وفاته. تفاصيل موتهم ظلت غير واضحة.

في 29 أبريل 2003، أعلن وزير الأمن الداخلي توم ريدج ان محمد عودة الرهيف، وزوجته، وابنتهما البالغة من العمر خمس سنوات، قد مُنحوا حق اللجوء الإنساني في 28 أبريل. تم جلب الرهيف وعائلته إلى الولايات المتحدة بناء على طلبه في 10 أبريل. أصدر الرهيف كتابا عنوانه  "لأن كل حياة ثمينة" في أكتوبر 2003، مقابل 500000 دولار أمريكي ، وهو يعمل الآن في الولايات المتحدة. وكتب مراسل لوس انجليس تايمز "روبرت شير" يوم 20 مايو "لقد أكد مستقبله، مع وظيفة في شركة يديرها النائب الجمهوري السابق بوب ليفينغستون الذي يمثل صناعة الدفاع، وتعاقد على كتاب بمبلغ 500000 دولار مع دار هاربر كولينز، وهي شركة يملكها "روبرت مردوخ"، مالك شبكة فوكس التي فعلت الكثير من الضجيج حول قصة لينش، كما فعلت مع بقية أحداث حرب غزو العراق".

الصورة رقم (3): الصحافة تحتفي بعودة جيسيكا لينش 

 

العودة للبيت

_______

عند عودتها كان في استقبالها الآلاف من سكان ولاية فرجينيا الغربية، وبحضور  خطيبها الرقيب في الجيش "روبن كونتريراس". بعد فترة وجيزة من عودتها، انفصلت لينش عن كونتريراس.

في 12 أبريل 2003، تم نقل لينش إلى مركز والتر ريد الطبي في واشنطن العاصمة، لغرض الخضوع لعلاج متخصص وإعادة التأهيل. في 17 نيسان، خضعت لعملية جراحية لإصلاح العظام في قدمها اليمنى.

بينما كانت تتعافى في واشنطن، غمرت غرفة لينش بالهدايا والزهور من المهنئين، لدرجة أنها طلبت من الجمهور إرسال بطاقات بدلا من ذلك. وأشارت عائلتها أن الجمهور يمكن أن يرسل الأموال إلى المنظمات الخيرية وجمعيات الإغاثة.

أخرجت لينش من المستشفى يوم 22 يوليو، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من إصابتها.

في 27 أغسطس 2003، أخرجت لينش من الجيش بتكريم الأداء المشرف.

التحقت لينش بجامعة فرجينيا عام 2006 تقديرا لخدمتها العسكرية ، وتخرجت عام 2011، وعينت كمدرّسة في إحدى المدارس. تزوجت ورُزقت بطفلة.

في عام 2014، قدمت لينش ظهورها لأول مرة في فيلم "فيرتيوس Virtuous" في دور الجندية "سومر" وكان دورها مبنيا على أساس تجربتها الخاصة في حرب العراق.

الصورة رقم (4): بوستر فيلم فيرتيوس الذي مثلت فيه جيسيكا

 

الجوائز والأوسمة

__________ 

تم تكريم جيسيكا لينش بالعديد من الأميداليات والأوسمة منها :

مدالية النجمة الفضية، وسام القلب الأرجواني، مدالية أسرى الحرب، مدالية خدمة الدفاع الوطني، المدالية الذهبية للحرب على الإرهاب، ووسام الشرف للخدمة العسكرية... وغيرها 

التقارير الرسمية الأولي عن الناجية لينش 

_______________________

وكانت التقارير الرسمية الأولية عن التقاط لينش وإنقاذها في العراق غير صحيحة. في 24 أبريل 2007، أدلت لنج بشهادتها أمام الكونغرس وقالت أنها لم تكن قد أطلقت اي طلقة من سلاحها (كانت تحمل بندقية M16 )، وأنها قد أغمي عليها عندما تحطمت سيارتها. كانت لينش تتحدث بصراحة في انتقادها للقصص التي تحدثت عن خبرتها القتالية. وردا على سؤال حول وصفها كبطلة، قالت "لم يكن هذا أنا، وأنا لست على استعداد للحصول على صيتٍ لشيء لم أفعله ... أنا مجرد واحدة من الناجين".

عائلة لينش كانت مشوّشة حول القضية. قالت للصحافة أولا أن ابنتهم لم تُصب بأي أعيرة نارية. (ظهرت الحقيقة بعد أسابيع وهي أن لينش لم تصب بطعنة ولا برصاصة واحدة. وكانت أصاباتها بسبب سقوطها من سيارتها) . في وقت لاحق ، رفض والدا لينش الحديث إلى الصحافة، موضحين أنهما أُخبرا بأن "لا يتحدثا عن الموضوع".

رامسفيلد والجنرال مايرز سمحا للقصة بأن تمضي وتكبر خلال مؤتمر صحفي في 3 أبريل على الرغم من أن كلا منهما كان على اطلاع تام على الظروف الصحيحة المتعلقة بإنقاذ لينش.

 

الخلافات حول التغطية الإعلامية

__________________ 

انتقدت لينش حكومة الولايات المتحدة لخلق قصة عنها كجزء من جهود الدعاية لوزارة الدفاع الأمريكية. 

بعد وقت قصير من إنقاذها، رفض مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية تقريرا ظهر في صحيفة واشنطن بوست يقول أن لينش قاتلت بشراسة. التقرير الرسمي الأول عن تصرفات لينش خلال اعتقالها أصدره البنتاجون بعد اسابيع من إنقاذها قال أن لينش لم تقاتل آسريها، في تناقض مع الإصدارات الصحفية السابقة الصادرة عن البنتاغون. وفقا لمسؤول سابق في البنتاغون، انتشرت القصص عن البطولات المفترضة للينش في ذلك اليوم من قبل وسائل الإعلام، وكان لأعضاء الكونجرس من ولاية فرجينيا الغربية دور أساسي في دفع وزارة الدفاع الأمريكية لتكريمها استنادا إلى تقارير عن تصرفاتها أثناء اعتقالها.

بعد أشهر من عودتها، بدأت لينش أخيرا تتحدث للجمهور. تصريحاتها تميل إلى أن تكون شديدة الانتقاد للقصة الأصلية التي تم الإبلاغ عنها من قبل صحيفة واشنطن بوست. وردا على سؤال حول وضعها البطولي قالت: "لم يكن هذا لي، وأنا لست مستعدة للحصول على صيت على شيء لم أفعله ... أنا مجرد واحدة من الناجين".

وعلى الرغم من خطابات الدعم التي تلقتها بعد شهادتها أمام لجنة الرقابة في مجلس النواب، قالت لينش أنها لا تزال تحصل على بريد كراهية من الأمريكيين الذين يتهمونها بإختلاق الأعمال البطولية التي نُسبت اليها. وقالت: "لقد أسرتُ،  ولكن بعد ذلك أصبحت بحالة جيدة، وأنا لم أقاتل. حسنا، ماذا في ذلك؟... كان من الصعب حقا إقناع الناس أنك لم تقم بأي شىء من ذلك. لقد أصبت، وأنني لاأزال بحاجة للراحة".

نفت لينش المزاعم التي قالت أنها قاتلت إلى أن أصيبت بجراح خطيرة، واشارت إلى أن سلاحها قد حُشر وتعطل على الفور، وأنها لم تستطع أن تفعل أي شىء. وفي حوار مع ديان سوير، قالت لينش، بشأن وسائل الإعلام وزارة الدفاع الأمريكية: "لقد استخدموني كرمز لكل هذه الأشياء. وهذا خطأ. أنا لا أعرف لماذا قاموا بتصوير عملية إنقاذي أو لماذا يقولون عني هذه الأشياء". وقالت أيضا : "لم أطلق النار..، لم أطلق رصاصة واحدة، لا شيء. لقد نزلت للصلاة على ركبتي. وهذا أخر شىء أتذكره".

وأشار النقاد أيضا إلى انحياز وسائل الاعلام في تغطية حالة لينش مقابل زميلتيها الجنديتان الأخريان، شوشانا جونسون ووري بيستوا. فالثلاثة تعرضن لنفس الكمين في نفس الحرب على العراق يوم 23 مارس 2003، حيث قُتلت بيستوا في حين أن لينش وجونسون تعرضتا للاصابة وأسرتا. تلقت لينش، الشابة، الشقراء، الامرأة البيضاء، تغطية إعلامية أكثر بكثير من جونسون (امرأة سوداء وحيدة لأمها) وبيستو (من هنود الهوبي الأصليين ، ومن خلفية فقيرة، ووحيدة لأمها أيضا وأم لطفلين)، يرى النقاد أن وسائل الإعلام الأمريكية أعطت مزيدا من الاهتمام لامرأة من المفترض أن الجمهور سوف يتماهى معها بسهولة أكبر.
القادة العسكريين، منحوا لينش 80 بالمئة استحقاقات العجز، في حين أن سبعة جنود آخرين كانوا في الأسر قد مُنحوا أقل من ذلك بكثير. الجندية شوشانا جونسون أصيبت في ساقيها واعتُقلت لمدة 22 يوما، ولكنها لم تحصل  إلا على 30 في المئة من استحقاقات العجز. جونسون، وهي سوداء، اتهمت الجيش بالعنصرية وتطبيق معايير مزدوجة. وعلقت جيسيكا لينش لصحيفة يو أس توداي: "كنا جميعا أسرى الحرب ... وكان شيئا مروعا المرور بهذه التجربة، لذلك أعتقد أننا جميعا يجب أن نُعامل على قدم المساواة".

 

الشهادة أمام الكونغرس

______________

في 24 أبريل 2007، قدمت لينش شهادتها في الكونغرس أمام لجنة مجلس النواب للرقابة والإصلاح الحكومي حيث قالت أن وزارة الدفاع الأمريكية قد صورتها بشكل خاطئ وكأنها "رامبو من تلال غرب فرجينيا" . في حين أنها في الواقع، لم تطلق رصاصة واحدة بعد أن وقعت وحدتها في الكمين وانقلبت شاحنتها.

بدأت شهادتها بالاشارة الى أن ظهورها لم يكن بدوافع سياسية. وفي بيان معد سلفا، قالت: 

• "أعتقد أن هذا ليس الوقت المناسب لتوجيه أصابع الاتهام. لقد حان الوقت لمعرفة الحقيقة، كل الحقيقة، مقابل الضجيج والتضليل".

• "أنا ما زالت لا أعرف لماذا اختاروا أن يكذبوا ويحاولوا أن يجعلوا مني أسطورة في حين أن الأبطال الحقيقيين من زملائي الجنود في ذلك اليوم كانوا في الحقيقة هم الأسطورة. الناس مثل لوري بيستوا والرقيب أول داودي الذي التقط زملائه الجنود في طريق الخطر. أو الناس مثل باتريك ميلر والرقيب دونالد والترز الذين قاتلوا في الواقع حتى النهاية. خلاصة القول هي أن الشعب الأمريكي قادر على تحديد مثله العليا الخاصة بالأبطال وأنه ليس بحاجة لأن تُقال له حكايات مُختلقة.

• "حقيقة الحرب ليس دائما من السهل الاستماع لها ، ولكنها دائما أكثر بطولة من هذا الضجيج."

لكن هل هذه كل الحقائق المتصلة بأسْر المجندة جيسيكا لينش وعملية إنقاذها حسب رواية موسوعة الويكيبيديا أم أن هناك حقائق وتفاصيل أخرى أكثر أهمية وخطورة ؟ 

قصة أسر لينش بتفاصيلها الحقيقية

____________________

عندما بدأ غزو العراق في مارس 2003، قوات التحالف، المحرومة من الدخول عبر الجبهات التركية والسعودية، اتجهت شمالا إلى العراق على طول محور واحد من الكويت من شأنه أن يتشعب إلى طريقين عموديين على طول نهري دجلة والفرات. أجبرت المقاومة الدولية هذه القوات على تأجيل بدء العمليات إلى فصل الربيع وجعلت العواصف الرملية التنسيق بين القوات أكثر صعوبة، وتسببت في العديد من المشاكل البشرية واللوجستية.

التقارير الواردة من القيادة المركزية كانت تنقل باستمرار التفوق النظري لدونالد رامسفيلد، وبأن الجنود العراقيين سوف يقومون بالاستسلام بشكل منتظم لقوات التحالف، وإن السكان سوف يحيون المحررين في كل مكان. بالإضافة إلى ذلك، أعطيت الأوامر بعدم نزع سلاح القوات العراقية لكي تقوم هي نفسها بالحفاظ على النظام.

قافلة سرية الصيانة 507، التي كانت فيها الجندية "جيسيكا لينش" (19 عاما) تقود شاحنة زنتها خمسة أطنان مع مقطورة معدات مربوطة بها، كانت ترافق فرقة المشاة الآلية الثالثة المتجهة الى بغداد. بعد 48 ساعة من السير من دون انقطاع وسط سحابة من الغبار الكثيف في كل مكان، بدأت قوى القوات بالنفاد. تعطلت شاحنة جيسيكا لينش فوضعت على متن عربة همفي تقودها الرقيب أول "لوري بيتسوا" ، شابة من هنود الهوبي الأمريكيين، لكي تستمر القافلة في مسيرتها.

قرب الناصرية، واجهوا نقطة تفتيش لمراقبة حركة المرور من الجيش الأمريكي التي قدمت لهم اتجاهات مختلفة عما أشارت أنظمة الملاحة لتحديد المواقع GPS في سياراتهم. دون تردد كثير، غادرت القافلة مرة أخرى، وفي ضوء الصباح، وجدوا أنفسهم في وسط مدينة الناصرية حيث كان معظم الناس لا يزالون في فراشهم، في حين برّر قادة القافلة الأوامر المتناقضة بفشل أنظمة تحديد المواقع الإلكترونية.

بسبب قلة النوم، عبرت القافلة الجسر على الرغم من أنه وفقا للتعليمات، كان نهر الفرات الحد الجغرافي الأخير لتقدمها. بدأ المقاتلون العراقيون فورا بالظهور في الشوارع. بعد أن أدركوا أنهم قد عبروا خط الجبهة، أمر قائد القافلة بتحويل مسارها والعودة ، فبدأت عجلاتها الـ 16 مناورات صعبة في الطرق الضيقة وسط مدينة الناصرية.

بدأ أفراد القافلة برؤية دبابات أمريكية فتبادلوا النظرات المندهشة. ثم سمعوا تبادلا لاطلاق النار قريبا منهم، وأدركوا أن الوحدات القتالية كانت تشارك في القتال ضد القوات العراقية التي تقف وراءها. ومدركين للارتباك في قافلة الصيانة التي انشطرت إلى مجموعتين، أصبح الجنود العراقيون أكثر تهديدا لها.

بينما كانت تواجه وضعا غير متوقع أبدا، أصيبت القافلة بالرعب. شعروا بالطلقات الأولى من حولهم وبأن عاصفة حقيقية من النيران تحلق فوقهم. قام فدائيو صدام بقطع الشوارع بحافلة وببعض الإطارات لمنع انسحاب القافلة. اثنان من الجنود الذين أصيبت سيارتهم قفزا على عربة الهمفي حيث كانت جيسيكا لينش وبيتسوا. انطلقت بيتسوا بالعربة على الفور بسرعة في مسار تراجعي للخلاص من الكمين، ولكنها فقدت السيطرة واصطدمت بشاحنة معطلة. أصيبت لينش بكسر في الذراع والفخذ، وجرح في رأسها وخلع في كاحلها، حاولت الخروج من السيارة بصعوبة. كانت غير قادرة على تقييم حالة زملائها، فسقطت على ركبتيها تصلي.

بعد الكمين، قام الجنود العراقيون بنقلها هي وبيتسوا إلى مستشفى حيث أنقذها الأطباء من موت محقق ناجم عن نزيف داخلي في وركيها. توفيت بيتسوا متأثرة بجروحها. وكان منتسبو مستشفى صدام الذي نُقلت لينش إليه كرماء بالتبرع بدمائهم لها، وقدموا لها كل الرعاية اللازمة على الرغم من القصور في المواد المتاحة. كان بعض العاملين ودودين للغاية، وكانت هناك ممرضة غنت أغنيات لتهدئة جيسيكا. وعلى الرغم من أنها كانت تُعتبر أسيرة حرب، فإن العاملين في المستشفى كانوا يتصرفون معها بحرية من تلقاء أنفسهم.

بعد عدة أيام من وصولها إلى المستشفى، انسحب جميع الجنود العراقيين وأمر مدير المستشفى بإعادة جيسيكا لينش إلى القوات الأمريكية. حاول ضابط عراقي وسائق سيارة إسعاف (ص. ك.) اصطحابها إلى نقطة تفتيش تابعة للتحالف ولكن خوفا من أن تكون الشاحنة فخا، فتحت قوات المارينز النار بالقرب من سيارة الإسعاف وكادت تقتل الأسيرة تقريبا.

 

فيلم البنتاغون المفبرك 

قصة جيسيكا لينش، بطلة الدعاية

___________________

قصة رهيبة عن جيسيكا لينش هزت الولايات المتحدة: لقد وقعت في كمين ولكنها خاضت القتال مثل لبؤة. لقد أصيبت وأُسرت من قبل العراقيين الذين عذبوها واغتصبوها ولكن القوات الخاصة اطلقت سراحها وأعادتها إلى الولايات المتحدة حيث قوبلت بالهتاف والتكريم كبطلة. طُرحت قصتها خلال مؤتمر صحافي في القيادة المركزية للقوات الأمريكية مدعومة بشريط فيديو "حقيقي"، وهي مصنوعة بالكامل من قبل مكتب اتصالات هي "مجموعة ريندون Rendon Group" - ، ثم تم الترويج لها في وقت لاحق في مقالات مشوهة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز وواشنطن بوست في عملية غسل دماغ لجعل التوسع الاستعماري الجديد يبدو وكأنه عمل بطولي مجيد.

الصورة رقم (5): بوستر فيلم انقاذ جيسيكا لينش الذي فبركه البنتاغون

 

"الفيديو الحقيقي" لإنقاذ المجندة جيسيكا لينش مزيّف

إخراج: مجموعة ريندون، وإنتاج: وزارة الدفاع الامريكية

________________________________

هزت قضية جيسيكا لينش الأسر الأمريكية والرأي العام العالمي. جندية شابة تتمتع بشجاعة استثنائية وقعت أسيرة بين أيدي جلاوزة صدام حسين. لقد تعرضت للتعذيب والاغتصاب قبل أن يُطلق سراحها من قبل قوات الكوماندوز الأمريكية. دونالد رامسفيلد وجورج دبليو بوش شعرا بدفعة كبيرة من خلال ترويج انموذجها، ولكن في وقت لاحق وبعد بعض الوقت صار معروفا أن القصة كلها قد تم تصنيعها من قبل مكتب للعلاقات العامة لإثارة المشاعر الوطنية. دعونا نرى لماذا أصبحت قصة عادية رمزا للبطولة العسكرية في الولايات المتحدة، وبعد ذلك نراجع أكاذيب إدارة بوش. وقد علق أحد الصحفيين بالقول إن عملية الإنقاذ وإنتاج الفيلم جاء يوم الأول من أبريل اي يوم كذبة نيسان المعروفة.  

تدخّل مجموعة ريندون المتخصصة بصناعة الأكاذيب

_____________________________

في هذه القصة التي تحولت الى كمين كلاسيكي يُعزى إلى الأخطاء اللوجستية وإرهاق القوات، لم يحصل النمط الهوليودي للبطولة من قبل الجنود الأمريكيين. ومع ذلك، أدت ظروف معينة بوزارة الدفاع الامريكية لاستخدام هذا الوضع غير المتوقع لتنظيم عملية دعائية ستصل، مع نفس روح تلك الحملة التي رافقت فضيحة "الحاضنات" في مستشفى في مدينة الكويت في عام 1992 أو "معسكرات الاغتصاب" في كوسوفو، إلى قلوب الشعب الأمريكي وتمثلاته العقلية النمطية الخاصة.

من أجل إثارة الوطنية والقضاء على الشكوك المتعلقة بعملية الغزو، فقد استخدمت هذه الحادثة الحربية بعناية للإنتاج. ثم، أطلقت تكهنات وسائل الاعلام وأشباحها للتلاعب بالنفسية الجماعية. كان كل ما على وزارة الدفاع الأمريكية القيام به هو إنتاج فيلم مصغر: " إنقاذ الجندية لينش" والمصمم خصيصا للتلفزيون، وتسريب مستشاريها لبيانات مجهولة المصدر عن بطولة لينش الخارقة في العملية. لمس أوتار المساواة النسوية، والـ W.A.S.P (الأبيض والأنجلو سكسوني والبروتستانتي) العرق النقي والشباب الذي يقع في أيدي الجنود العراقيين الغاشمين والإعجاب بروحها الوطنية البطولية، وتحويل كل ذلك إلى قيمة عليا ، كان كل ما هو مطلوب.

ولكن لتحقيق ذلك، كان لا بد من اتخاذ خطوات معينة. أولا، لأغراض قضايا الدعاية والاتصالات، اتجهت وزارة الدفاع الأمريكية إلى مجموعة ريندون Rendon Group.

كان الناشط السياسي "جون ريندون الابن" الرجل المسؤول عن برنامج الحملة الانتخابية للرئيس جيمي كارتر في عام 1980 وأحد مستشاري المرشح الرئاسي بيل كلينتون في عام 1992. مهنيا، صمّم واحدة من عمليات الدعاية الأكثر أهمية والتي تتعلق بـ "تسويق" غزو بنما والإطاحة بمانويل نورييغا (عملية القضية العادلة)، ونشر «المعلومات» على شبكة الانترنت لتبرير حرب كوسوفو (1999) ومعلومات عن "خطأ الألفية " الوهمي ، وغير ذلك. وبصرف النظر عن العمل لصالح البيت الأبيض ووكالة المخابرات المركزية والبنتاغون والحكومات المختلفة، عملت ريندون أيضا لصالح الشركات متعددة الجنسيات (في فرنسا كان يعمل لصالح بول و أير فرانس Bull and Air France). هيئة مجموعة ريندون محدودة للغاية، ولكنها تدفع للحصول على خدمات العديد من الشركاء في 70 بلدا، وهي قادرة على التلاعب بالرأي العام لأنها، خصوصا، تستعين بمجموعة من الصحفيين الفاسدين.

في وثيقة داخلية عام 1997، ادّعت مجموعة ريندون أنه لديها العديد من "العملاء" في وكالات الأنباء الكبرى، وتحديدا وكالة فرانس برس، ووكالة الأنباء الإسبانية الدولية ووكالة أنباء الشرق الأوسط. في أثناء الصراع العراقي الأخير، قُتل صحفي من محطة التلفزيون الاسترالية ABC، هو "بول موران"، على يد انتحاري. في هذا الوقت فقط عرف الناس أن موران كان يعمل خلال السنوات العشر الماضية لصالح جون ريندون وأنه كان يتلاعب بمحطة ABC لنشر معلومات كاذبة عن جماعة أنصار الإسلام، من خلال تصوير هذه الجماعة كحلقة وصل بين صدام حسين وأسامة بن لادن.

وقصة جون ريندون، التي أصبحت مشهورة جدا، تم تصويرها في فيلم (ذيل الكلب Wag the Dog) (من إخراج باري ليفنسون)، ولعب شخصيته في الفيلم الممثل المعروف داستن هوفمان. في هذا الفيلم الخيالي، الذي صوّر قبل حرب كوسوفو مباشرة، يقوم رئيس أمريكي بإشعال حرب في البلقان لتحويل الانتباه بعيدا عن فضيحة جنسية يقع فيها. وبهدف تعبئة الرأي العام لصالح الحرب، يقوم الرجل المسؤول عن مكتب العلاقات العامة باختراع قصة جندي أسره العدو وأطلق سراحه أخيرا.

في ذيل الكلب، الرجل المسؤول عن العلاقات العامة يأمر بوضع أغنية للجنود الأسرى، وفي واقع الحياة، تم تأليف أغنية لجيسيكا لينش: البطلة «الحقيقية» الأكذوبة.

الصورة رقم (6): بوستر فيلم ذيل الكلب الذي جسّد قصة مجموعة ريندون

 

أخطبوط مجموعة ريندون 

______________ 

وقد اختارت ريندون مؤسسة هيل آند نولتون Hill & Knowlton، التي أدارت العلاقات العامة والحرب النفسية في حرب الخليج الأولى. يتذكر الناس، هيل آند نولتون، التي تعاقدت مع حكومة الولايات المتحدة، فضيحة الحاضنات الكويتية التي صورت فيها الاطفال الكويتيين يتم إلقاؤهم من الحاضنات من قبل الجنود العراقيين. هذه القصة المفبركة التي عبأت الصحافة واسعة النطاق والدعم الشعبي لغزو بوش الأب للعراق. وبطبيعة الحال، تحولت القصة إلى فضيحة كاملة، ولكنها تثبتت في وسائل الدعاية إلى حد أن فيلما لشركة HBO (مملوكة من تايم وارنر) حول حرب الخليج الأولى في العام الماضي ردد مرة أخرى هذه الكذبة على أنها حقيقة. لا ينبغي أن يستغرب أحد أن "توري كلارك"، المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية خلال الغزو الأخير، هي موظف سابق في هيل آند نولتون.

تفاخرت مجموعة ريندون حول هذا الموضوع في رسالة إلى مجلس الأمن القومي، قائلة: "إذا كان أي منكم قد شارك في تحرير مدينة الكويت ... أو إذا كان قد شاهد ذلك على شاشة التلفزيون، فلا بُدّ أنك قد رأيت مئات من الكويتيين الذين كانوا يلوحون بأعلام أمريكية صغيرة. هل سبق لك أن توقفت لتتساءل كيف كان الناس في مدينة الكويت، بعد احتجازهم كرهائن لمدة سبعة أشهر طويلة ومؤلمة، قادرين على الحصول على الأعلام الأمريكية؟ وأعلام دول التحالف الأخرى؟ حسنا، أنت تعرف الآن الجواب. كانت تلك واحدة من إنجازاتنا".

هيل آند نولتون نشرت بالفعل حزمة من الأكاذيب في زي كتاب، عنوانه "اغتصاب الكويت"، الذي تم إرسالها مباشرة إلى القوات الأمريكية قبل إنطلاق عاصفة الصحراء، ويفترض أن هذا الكتاب يزيل الموانع في نفوس القطعات ويغرس فيها روح القتال الضاري بنزع السمة الإنسانية عن العدو.

ومفردة اغتصاب الكويت بدلالاتها الجنسية تحرّك الغرائز الحيوانية العميقة ويصوّر الهدف كامرأة عزلاء تُغتصب بصورة تعكس العقلية البطريركية. 

كانت فكرة تلفيق إنقاذ جيسيكا لينش قد بدأت في مكتب البيت الأبيض للاتصالات العالمية، مكتب يُدار تقريبا من أناس في ريندون. (المدير المالي لمجموعة ريندون هي ساندي ليبي، زوجة لويس "سكوتر" ليبي، مدير مكتب نائب الرئيس ديك تشيني) وهو مكتب يقوم بخلق "قصص إخبارية" يفرج عنها من خلال القيادة المركزية الأمريكية وأماكن أخرى بصورة أسرع من الصحافة للتلاعب بالرأي العام ومنع تدقيق الحقائق.

تسريب المعلومات لغسل الدماغ: هذه هي مصداقية الصحافة الأمريكية

______________________________________

أولئك الذين يموّلون عمليات غسل دماغ كبيرة لا يؤكدون أو ينفون المعلومات أبدا: في مصطلحات العمليات النفسية هذا ما يسمى بـ "تسريب" معلومات. بدأ غسل الدماغ في 2 أبريل 2003 خلال مؤتمر صحفي للقيادة المركزية. المتحدث العسكري باسم قوات التحالف الجنرال فنسنت بروكس، عرض شريط فيديو لعملية تحرير الأسيرة لينش من قبل القوات الخاصة. الصحفيون الذين حضروا المؤتمر لم يدركوا أو أنهم لم يريدوا أن يعرفوا أن كل شيء كان مزيفا.

وكالة اسوشيتد برس علمت بالفيديو وعندما تحدثت عن السجينة قالت «مصابة بما لا يقل عن عيار ناري» ونقلت عن «مصادر وافقت على الحديث ولكنها لا ترغب في الكشف عن هويتها». من جانبها، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن «مصدر عسكري» أوضح أن لينش «كانت مصابة بعدة أعيرة نارية». تواصل غسل الدماغ في مقالة حصرية نُشرت في طبعة واشنطن بوست المسائية عنوانها: «إنها قاتلت حتى الموت»، وكان العنوان الفرعي لها هو : "تفاصيل جديدة عن أسر وإنقاذ جندية فرجينيا". في البداية، أوضحت أنه وفقا لـ "مصادر أمريكية"، فإن الجندية الشجاعة قاتلت المهاجمين العراقيين حتى اللحظة الأخيرة، وأفرغت مخازن عتادها في بعضهم. وأضافت المقالة أن الجندية ظلت تحارب العدو حتى بعدما أصيبت بالرصاص عدة مرات، وسقط رفاقها حولها. "لم تكن تريد أن يتم القبض عليها وهي على قيد الحياة". وقد عُرف فيما بعد أن المهاجمين ضربوها. ومن الواضح، ان الكاتب كان حذرا عندما كتب فقرة قصيرة شككت المصادر فيها في موثوقية المعلومات القادمة من "ساحة المعركة"، و"الاتصالات التي يتم اعتراضها"، و«المصادر العراقية التي من الضروري تقييم مصداقيتها".

لاحقا، ركزت المقالة على عودة لينش إلى عائلتها وتلاعبت مرة أخرى بموضوع الوطنية: «فترة لتخفيف التوتر قبل أن تعود إلى الأسرة مهمة جدا لتضمن لهم انهم خدموا الوطن بشرف». قيل كل هذا قبل تكريس بعض الفقرات لشهادة من "صيدلي عراقي مجهول" قال أنها اشتكت وبكت بشكل متكرر لأنها كانت تريد "العودة إلى الوطن". وإذا تأملنا ذلك، يبدو التناقض واضحا إذا ما قارنا ذلك مع بداية المقال الذي قُدّمت فيه لينش باعتبارها مقاتلة أمازونية مُسلّحة ببندقية هجومية.
لم يتم تأييد أيّ من هذه المعلومات في وقت لاحق. على العكس من ذلك، فقد تم المسّ بالكبرياء النسوية والتعاطف العام تجاه ابنة البلاد.

بعد هذا، اشتغل الكتّاب على المؤثرات الخاصة المفرطة لعملية "الإنقاذ". كان معروفا أنها عملية كلاسيكية مشتركة للقوات الأمريكية التي شملت الحرس، ومشاة البحرية والطيارين في القوات الجوية، مدعومين بطائرة حربية AC-130 "قادرة على اطلاق 1800 قذيفة في الدقيقة الواحدة من مدفعها ذي 25 مم، فضلا عن طائرة استطلاع مزودة بكاميرا لتصوير العملية...

لا أحد شكك في الحاجة إلى نشر مثل هذا العدد من القوات الخاصة والقيادة تعرف بالفعل انه لم تكن هناك قوات من الجيش العراقي في المستشفى. حتى هذه اللحظة، بما في ذلك بيانات الجنرال فنسنت بروكس في المؤتمرات الصحفية للقيادة المركزية الأمريكية، كانت الفكرة عن القوات العراقية هي أنها لا تمثل شيئا؛ «لقد أطلقوا بعض الطلقات عندما وصلوا وعندما غادروا المنطقة». وأخيرا، ولغرض عدم ترك أي شيء خارج البرنامج فقد اضاف الكتّاب أنه، ووفقا لضابط مجهول أيضا، «وجدت قوات العمليات الخاصة ما بدا أنه "نموذج" لغرفة عراقية للتعذيب في قبو المستشفى، مع بطاريات وأسلاك».

عملت مقالة واشنطن بوست هذه باعتبارها مصدرا أصليا للحادثة، وكانت تستخدم على نطاق واسع من قبل العالم كله، وكذلك نشر فيلم الفيديو من قبل وزارة الدفاع دون أي تدقيق أو تحقّق. ويمكن بعد ذلك لخيال الناس أن يخترع تفاصيل مثيرة جديدة من شأنها إثراء القصة. من جانبها، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مقالة واشنطن بوست من دون الإشارة إلى المصدر، وبطريقة أكثر تفاهة ذكرت أنه عندما علم الرئيس بوش بـ "إنقاذ" لينش في 1 نيسان قال : «رائع!» قبل أن يعرب مباشرة عن قلقه إزاء الأسرى الآخرين في الحرب. وقال صحيفة نيويورك دايلي نيوز ان الكسور المتعددة التي أصيبت بها لينش تثبت أنها قد تعرضت للتعذيب.

وكان فريق ريندون قد ترك المسألة الجنسية معلقة للتشويق بحيث يمكن لخيال الناس أن يحلق حولها. الحقيقة الأخيرة هذه أصبحت واقعا في عمل كتابي بعنوان "أنا جندية، أيضا: قصة جيسيكا لينش" بتوقيع "ريك براج". قال براج أن جيسيكا لينش تعرضت للاغتصاب بوحشية بعد اعتقالها، لكنها لم تستطع تذكر أي شيء بسبب الصدمة المؤلمة التي تعرضت لها وتأثيرات فقدان الذاكرة الجزئي. ولدعم أقواله، استخدم "تقارير استخباراتية"، و "تشخيص طبي" وكلها تتناقض مع كل الشهادات والتحقيقات الأخرى.

وقد نُشر الكتاب الذي دفع براج مليون دولار لعائلة لينش لامتلاك مضمونه يوم 11 نوفمبر 2003 (يوم المحاربين القدامى) واستقبل بترحاب كبير من تيار الإعلام الرسمي وصحافة الإثارة.

الصورة رقم (7): غلاف كتاب سيرة جيسيكا لينش

 

وهمٌ ضروري

________

لجعل هذه العملية رائعة، استخدمت مجموعة ريندون صحفيين مشهورين مثل "جيسون بلير" من صحيفة نيويورك تايمز وشكرته على ما فعله. سمحت هذه المسألة برمتها للناس لتكتشف أن لدى هذا الصحفي ميلا دائما لتزوير مقالاته واستجواب شهود وهميين للحصول على مفاتيح رئيسية لمقالاته. ومن الواضح أن مجموعة ريندون عرفت أساليب بلير الصحفية التي يتجاهلها زملاؤه. هذا يثبت أن وكالات المخابرات "تضبط" الصحفيين. وفي وقت لاحق، استخدمت مجموعة ريندون "فيرنون لوب"، مراسل صحيفة واشنطن بوست المسؤول عن قسم وكالة المخابرات المركزية. حتى الآن، لم يُعتمد لأن، على الأرجح، زملائه لم يعتقدوا أبدا انه كان عميلا "سابقا" للمخابرات، وبالتالي لم يفاجأوا بأفعاله. وأخيرا، انخرطت باقي الصحافة بسرعة في عملية غسل دماغ لأنها لا تريد أن تتخلف عن العملية. وتم تنشيط الآلية نظرا لطبيعة هذه المهنة.

ومع ذلك، كان من المقرر أن نجاح هذه الخرافة يعود إلى أسباب نفسية. لقد تم نشرها في اللحظة التي بدأ فيها الرأي العام الأمريكي يتحقق من أن الحرب العراقية ليست حرب تحرير بل غزو. اشتغلت الأعمال البطولية الوهمية لجيسيكا لينش كمصدر إلهام للمجد والبطولة إلى ما كان مجرد عملية استعمارية صارخة. الشعب يريد أن يصدق أن هذه الحرب كانت حربا نبيلة وأن "الولايات المتحدة" كانت كريمة ومعطاءة، وقد حوّلت مجموعة ريندون هذا الحلم إلى حقيقة.

الغارديان تفضح الكذبة .. والواشنطن بوست تعدّل

____________________________ 

يوم 15 مايو، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تفنيدا لرواية "القتال حتى الموت" للأحداث، وقالت : "إن عملية إنقاذ لينش سوف تمضي باعتبارها واحدة من أكثر القطع إثارة في إدارة الأخبار. إنها تقدم نظرة رائعة للتأثير الحقيقي لمنتجي هوليوود على مديري وسائل الإعلام التابعة للبنتاجون، إنها تنتج قالباً تأمل أن يكون أنموذجا لحروب أمريكا في المستقبل".

ويوم 18 مايو، بثت بي بي سي فيلما وثائقيا يستعرض الحادث في العمق. اضطرت واشنطن بوست يوم 17 يونيو إلى أن تشتغل من جديد لتنشر مقالة فيها تصريح لمسؤول عسكري مجهول يدحض معظم ما ظهر عن القصة في 3 أبريل.

فيلم بي بي سي الوثائقي يفضح أكاذيب البنتاجون: الإنقاذ المسرحي للجندية جيسيكا لينش 

_____________________________________________

فيلم وثائقي لقناة بي بي سي ، عنوانه "الحرب تدور" بُثّ في بريطانيا يوم الأحد 18 مايو/آيار قدّم وصفا فاضحا مدمّرا للكيفية التي قامت بها الحكومات والقوات العسكرية الأمريكية والبريطانية بتضليل الرأي العام خلال حربها ضد العراق بمساعدة مئات من الصحفيين المتواطئين.

بتقديم مراسل بي بي سي الحربي جون كامفنر الفيلم الوثائقي الذي يحمل عنوانا فرعيا هو: "إنقاذ الجندية جيسيكا: حقيقة أم خيال؟" ركز في البداية على كيفية أن التقرير الذي جرى تعميمه على نطاق واسع من الولايات المتحدة حول انقاذ فوج مغاوير البحرية للجندية جيسيكا لينش هو أسطورة أقرب إلى عمل هوليوود من الواقع. 

في غضون ساعتين، تم استدعاء الصحفيين في مقر وسائل الاعلام في الدوحة، في القيادة المركزية، لمؤتمر صحفي في حالات الطوارئ، حيث عرضت وزارة الدفاع الأمريكية فيلم فيديو مدته خمس دقائق عن الإنقاذ، تم تصويره بكاميرات للرؤية الليلية للجيش.

وفقا لهذا التقرير، فقد نُفذ الهجوم "الجريء" في مستشفى يحتشد فيه فدائييو صدام وهم القوات شبه العسكرية لصدام حسين. ومتحدية النار الغزيرة، قامت القوات الخاصة الامريكية باسترداد الجندية التي يقال إنها عانت من طعنات وطلقات رصاص وتعرضت لسوء المعاملة.

الجنرال فنسنت بروكس، المتحدث باسم قوات الولايات المتحدة في الدوحة، أعلن، إن "بعض الشجعان وضعوا حياتهم على المحك لتحقيق ذلك، ولاء لعقيدة أنهم لن يتركوا الرفيق الذي يسقط".

تدفقت التقارير عن "كفاح" الجندية لينش في الأسر كثيفة وسريعة: قيل لنا كيف أنها حاربت ببسالة حتى نفدت ذخيرتها، مما أدى إلى إصابة وقتل العديد من الجنود العراقيين على الرغم من إصاباتها الخاصة. وأشارت تقارير لاحقة أن لينش، قد تعرضت لبعض الجروح بعد أن أُسرت بسبب تعذيبها كجزء من نظام وحشي من الاستجواب.

داخل الولايات المتحدة، أصبحت الجندية الشابة بطلة، على الرغم من أنها لا تزال تتلقي العلاج، ويقول الأطباء انها لا تتذكر شيئا عن الحادثة ، وقد لا تتذكر أبدا. وقد طُرحت عليها عروض لتحويل قصتها إلى فيلم سينمائي. 

مراسل البي بي سي " جون كامفنر" رفض الكثير من التقارير عن عملية الإنقاذ ووصفها بأنها "سيناريو مُعد لهوليوود من قبل وزارة الدفاع الأمريكية".

عندما بدأت المقاومة العراقية ضد الحرب التي تقودها الولايات المتحدة تعمل، ولم تتحقق المزاعم بأن المدنيين العراقيين سيحتشدون بالآلاف ليحييوا قوات التحالف، تصاعدت المعارضة الشعبية ضد الغزو داخل الولايات المتحدة وحلفائها.

كانت تمثيلية عملية إنقاذ الجندية لينش أمرا حاسما، كما ذكر كامفنر، في محاولة لاستعادة تأييد الرأي العام وإثبات القوة الأميركية. وهذا هو السبب في أنه لم يكن هناك أي ذكر عن الرفاق الذين سقطوا مع لينش والذين تم استرداد جثثهم من المقابر المؤقتة خلال نفس العملية.

ويرى براج كاتب سيرة لينش إن القصة كان لها تأثير في ذلك الوقت بين القوات: "في شوارع الناصرية، قصة وقوع امرأة شابة في أيدي الفدائيين القساة أثر في عقول الشباب من مشاة البحرية ، خصوصا أن القصة تضخمت بعد ذلك: قالوا إنها تعرضت للتعذيب، بأكثر الطرق قسوة، كل يوم، وكل ساعة". 

ذهب فريق مراسل البي بي سي إلى الناصرية لإجراء مقابلات مع شهود عيان على الأحداث، فوجد قصة مختلفة تماما. أصرّ الأطباء العراقيون على أن لينش لم تُعامل أي معاملة سيئة ، وتلقت أفضل علاج ممكن. خُصّص لها السرير المتخصص الوحيد في المستشفى، وواحدة من الممرضتين الاثنتين فقط في الردهة، وتبرع لها الطاقم الطبي بالدم لمساعدتها بسبب نقص الدم في المستشفى.

وقال الدكتور "ح. ح"، الذي أشرف على العناية بلينش طوال محنتها، للفيلم الوثائقي، "أنا الذي فحصتها، ووجدتُ انها كانت تعاني من كسر في الذراع، وكسر في الفخذ وخلع في الكاحل. ثم قمتُ بفحص آخر. لم تكن هناك أي علامة لاطلاق النار، ولا رصاصة داخل جسدها، ولا جروح لطعنات. كان حادثا مروريا بسبب انقلاب سيارة"، وقال أيضاً:

"إنهم يريدون تشويه الصورة. أنا لا أعرف لماذا يعتقدون أن هناك بعض الفوائد في القول بأن لديها إصابات بإطلاقات نارية".

أصر الأطباء العراقيون على أن الجيش العراقي قد انسحب من المستشفى بأكثر من 48 ساعة قبل وصول القوات الخاصة الامريكية. وأكد أحد شهود العيان أن الجيش الأمريكي كان على علم مسبق بذلك. وقال (ح..ح )، عامل في "مطعم الديوان" قريب من المستشفى، أن مجموعة من الجنود الأمريكيين ومعهم مترجم من قطر جاءوا وسألوه عما اذا كان هناك أي من الفدائيين في المستشفى. فقال لهم لقد انسحبوا جميعا. وقال بدا أن المترجم اقتنع بقولي ولكن الجنود كانوا شديدي القلق.

ورغم ذلك اختارت القوات الخاصة الأمريكية الهجوم على المستشفى في جوف الليل، مع لهيب البنادق. قال الدكتور (أ. ع.) للبرنامج: "سمعنا ضجيج طائرات هليكوبتر. لقد فوجئنا. لماذا يفعلون ذلك؟ لم يكن هناك أي جيش، ولم يكن هناك أي جنود في المستشفى".

"كان مثل فيلم من أفلام هوليوود. صرخوا: اذهب، اذهب، اذهب، ‘Go, go, go مع البنادق والاطلاقات الفارغة ودوي الانفجارات. قدّموا عرضا – مثل أفلام الحركة لسيلفستر ستالون أو جاكي شان، مع القفز والصراخ، وكسر الأبواب. كما تم تكبيل الأطباء والمرضى على أسرتهم".

وقال الطبيب (ح. ح.) أيضا أن الطاقم الطبي حاول مساعدة لينش على الهروب يومين قبل وصول فريق الانقاذ، من خلال وضعها في سيارة إسعاف وتوجيه السائق بتوصيلها إلى نقطة تفتيش أمريكية، لكن السائق أجبر على التراجع إلى المستشفى، عندما تعرض لإطلاق نار كثيف من القوات الأمريكية.

قال المراسل كامفنر انه طلب من "بريان وايتمان"، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي الافراج عن الشريط الكامل لعملية إنقاذ لينش وليس عن نسخة منقحة في محاولة لحسم الخلافات حول الموضوع لكنه رفض".

ان ويتمان لم يتحدث عن نوع المقاومة العراقية التي واجهتها القوات الأمريكية في المستشفى. كما أنه لم يعلق على الإصابات الفعلية للينش. وقال لي :"اعلم ان هناك بعض المعلومات المتضاربة، ولكن وفي الوقت المناسب سوف تُطرح القصة كاملة، وأنا متأكد من ذلك".

وذكر كامفنر أن المقارنة مع فيلم من أفلام هوليود ليست من قبيل الصدفة. في عام 2001، قام جيري بروكهايمر، منتج فيلم "بلاك هوك داون"، وبيرترام فان مونستر، الذي كان وراء المسلسل الواقعي الأمريكي "رجال شرطة"، بزيارة وزارة الدفاع الأمريكية لاقتراح مسلسل واقعي عنوانه "شخصيات من الخط الأمامي" يعايش القوات الأمريكية في أفغانستان لينقل قصصا إنسانية من خلال عيون الجنود ويعرض في فترات الذروة المسائية. وكان فان مونستر قد قال لكامفنر: "إذا كنت من مؤيدي وجهة نظرنا.. فإن هؤلاء الرجال يعيشون في محنة ويجازفون بحياتهم". 

وقال كامفنر: "كان تلفزيون واقع مثالي، تحقق بالتعاون الفعال من جانب دونالد رامسفيلد وتم بثه قبل الحرب العراقية"، "أحب البنتاغون ما رآه. وقد اتبع هذا النهج وقام بتطويره في ميدان المعركة في العراق".

"جورج بوش وتوني بلير يعرفان تماما بأهمية الحصول على الرسالة الصحيحة، لتقديم الحرب وحالة الحرب"، وأوضح الفيلم الوثائقي. أنه كشيء مركزي لهذا المخطط تم تأمين 600 صحفيا ليكونوا جزءا لا يتجزأ مع العملية العسكرية.

هؤلاء الصحفيون يقومون بالعيش والأكل والنوم مع القوات العسكرية التي يعملون معها، لتقديم تقارير "موضوعية" عن مجريات العمل العسكري. وحتى لو كان هؤلاء الصحفيين ليسوا بالضرورة مؤيدين اشداء للحرب ضد العراق، فإن اعتمادهم على الوحدة العسكرية في حياتهم وبقائهم، يؤثر بشكل كبير على موضوعية تقاريرهم.

يقول كامفنر : "عندما يكون موقف الصحفيين المتضمنين في الوحدات العسكرية غير كافٍ ، فإن الجيش ببساطة يقوم بإعداد تقاريره الخاصة، أو يصوّر افلامه الخاصة، ويقوم بتوزيعها على القنوات الإخبارية التي تقوم بترويجها، أو أنه يقوم ببساطة بالكذب. بعد انفجار قنبلة في سوق في شوارع بغداد، قتل خلاله 14 شخصا، حاولت القوات الأمريكية والبريطانية في البداية التعتيم على الأمر، ثم نفت أي تورط لها في الحادث. حتى بعد تفجير سوق ثانية بعد يومين، وتم انتشال أجزاء من صواريخ للولايات المتحدة في مكان الانفجار، أعلنت مصادر أمريكية وبريطانية أن الجيش العراقي كان هو المسؤول. أكد وزير الدفاع البريطاني "جيف هون" أن تقارير الصحفيين لا يمكن الوثوق بها، ما لم تكن قد حضيت بموافقة رسمية".

كان الفيلم الوثائقي للبي بي سي قد أدين بغضب من قبل المسؤولين الأمريكيين. وقال ويتمان أن الإدعاء بأن عملية إنقاذ الجندية لينش كانت أمرا تمثيليا هو أمر مثير للسخرية، وأنا لا أعرف ردا آخر. فكرة أننا نضع عددا من قواتنا في خطر لا داعي له لاستعادة واحدة من أسرانا هو أمر مثير للسخرية تماما".

 

شهادة طبيب عراقي : الإنقاذ "كان مثل فيلم من هوليوود"

_________________________________

وكان الجانب الأكثر إثارة للدهشة في العملية الحكومية المحيطة بمحنة لينش هو الانطلاق لنجدتها. التقارير العسكرية المقدّمة للصحافة أشارت إلى أن أفراد القوات الخاصة قد خاطروا بحياتهم تحت النيران المعادية التي انصبت عليهم من القوات العراقية في المستشفى. وقد تم تصوير العملية بالكامل من قبل الجيش بكاميرات للرؤية الليلية، ثم تم تحرير الفيلم وإخراجه وصدر الى وسائل الاعلام كدليل على عملية إنقاذ جريئة.

الطبيب العراقي (ا. ع)، الذي كان في المستشفى في ذلك الوقت، اعترض مباشرة على ما جاء في عملية الانقاذ هذه. وقال في مقابلة لفيلم وثائقي لبي بي سي إنه "لم يكن هناك أي جيش عراقي، ولم يكن هناك جنود عراقيون في المستشفى. وما حصل مثل أفلام هوليوود. القوات الأمريكية تصرخ: اذهب اذهب، اذهب،  go .. go .. go ..مع البنادق والعيارات الفارغة ودوي الانفجارات. وقدموا عرضا للهجوم الأمريكي على المستشفى مثل أفلام الحركة التي بطلها سيلفستر ستالون أو جاكي شان". 

تم بث لقطات فيلم إنقاذ لينش على نطاق واسع في تلفزيون الولايات المتحدة باعتبارها واحدة من عدد قليل من قصص "الانباء الطيبة" التي تأتي من العراق الذي مزقته الحرب في الأيام الأولى للغزو، وذلك في محاولة لحشد التأييد في الداخل لسياسات إدارة بوش . ومع ذلك، فإن الحكومة كانت عازمة على الاستفادة من قصة جيسيكا لينش لرفع الروح المعنوية بين الجنود في العراق وتعزيز غريزة القتال بين صفوفهم.

هذه شهادات الأطباء في مستشفى الناصرية: أنقذناها من الموت وأعطيناها حتى دمنا

______________________________________________ 

الأطباء في مستشفى الناصرية الذين فحصوا لينش بقدر كبير من التفصيل، شمل حتى إجراء قسطرة بولية لها، قالوا إنه (1) لم يكن هناك أي علامة على الاعتداء الجنسي، (2) كانت ملابسها لا تزال مزررة، مضغوطة، وسليمة عندما وصلت إلى المستشفى، وأنهم قطعوها بالمقص، وكانت لاتزال تلبس حتى سترة الوقاية وحذاءها العسكري الثقيل (3) كانت حالتها خطيرة جدا من الكسور في الفخذ والذراع وخلع الكاحل والنزف الدموي بحيث أن الاعتداء الجنسي كان سيتسبب في قتلها.

وقال الدكتور (م خ) ، جراح العظام الذي أجرى لعظم فخذ لينش المكسور في المستشفى الرئيسي في الناصرية ،  انه لم ير أي علامات اعتداء جنسي خلال الفحص المستفيض قبل الجراحة".

وكان الدكتور (ج ك ش) أول طبيب فحص لينش عندما أحضرت إلى مستشفى الناصرية العسكري.

وقال لوكالة رويترز : "كانت لينش فاقدة الوعي وفي حالة صدمة بسبب النزف وفقدان الدم.

وأضاف أنها كانت ترتدي ملابسها العسكرية كاملة بما في ذلك سترة واقية من الرصاص، والسراويل العسكرية والأحذية، ولا شيء من ملابسها محلول الأزرار أو ممزق أو مفتوح.

وقال "لم يكن لدينا سوى بضع دقائق لإنقاذ حياتها، وجدنا وريدا في رقبتها لنعطيها أن السوائل والدم من خلاله " .

وقام فريق من خمسة أطباء بعلاج لينش، وقام جرّاح بخياطة الجرح القطعي في رأسها (طوله 6 بوصات).

"كانت خائفة جدا عندما استيقظت" قال الدكتور (ح ح)، 24 عاما، وهو طبيب مقيم في المستشفى. "كانت تصرخ: "من فضلك لا تؤذيني، لا تلمسني". قلت لها أنها في مكان آمن، وانها في المستشفى وأنني طبيب، وأنا لا أؤذي المريض".

تشكلت بين الدكتور (ح ح) وبين لينش صداقة. تحدثتْ معه عن عائلتها، بما في ذلك شجاراتها مع والدها حول المال، وعن صديقها، وهو جندي من أصل اسباني يدعى روبن.

ذهب الدكتور حارث خارج المستشفى خلال القصف للحصول على امدادات من المشروب المفضل لدى بلينش، وهو عصير البرتقال، وأصر من اجل اقناعها لتناول الطعام.

"قلت لها انها في حاجة لتناول الطعام لاسترداد صحتها، واحضرت لها البسكويت، ولكن كانت معدتها غير مستعدة. وقالت على سبيل المزاح: "أريد أن أكون نحيفة."

"أرى كثير من المرضى، لكنها كانت حالة خاصة. إنها إنسانة بسيطة جدا، وهي جندية، وتعليمها ليس جيدا. لكنها كانت هادئة، جميلة جدا، ذات وجه جميل وشعر أشقر".

صوّر الجنود الامريكيين شريط فيديو عن الإنقاذ، ولكن من بين العديد من المشاهد التي لم تظهر للصحافة في القيادة المركزية الأمريكية في الدوحة كان واحدا عن أربعة أطباء كانوا مكبلي الأيدي للتحقيق معهم، جنبا إلى جنب مع اثنين من المرضى المدنيين، كان أحدهما في وريده أنبوبة إعطاء السوائل بسبب إصابة في البطن. "كانوا أطباء، مع السماعات حول أعناقهم" قال الدكتور (ح ح).

"حتى في الحرب، يجب ألا يُعامل الطبيب بهذه الطريقة"

الأكثر سوء حظ بين الجميع كان (س ع ر)، واحدا من مديري المستشفيات، الذين لجأوا للتخلص من القصف إلى الغرفة الخاصة بلينش، معتقدا بأنه سيكون في مأمن.

اختطف واقتيد من قبل الجنود الأمريكيين على متن طائرة الهليكوبتر الخاصة بهم إلى قاعدتهم، حيث احتجز لمدة ثلاثة أيام في سجن معسكر في الهواء الطلق.

وقال الدكتور (م): "عندما غادر كان جلده مثل لون جلدك، وعندما عاد، كان لونه أسود."

الغريب، أن رجال الانقاذ كسّروا السرير الخاص، المصمم للمرضى الذين يعانون من قرح الفراش، والذي استخدم لحالة لينش الخاصة.

وقال الدكتور (ح ح): "لقد كان السرير الوحيد مثل ذلك لدينا بل الوحيد في المحافظة."

قال الدكتور (أ ع) : "كنا خائفين جدا. كان هناك حوالي 40 من الطاقم الطبي معا في قسم الأشعة السينية وهو القسم الوحيد الذي بلا شبابيك".

"الجميع كان يتوقع أن يأتي الأميركيون في ذلك اليوم لأن المدينة قد سقطت. لكننا لم نتوقع منهم أن يقوموا بتفجير الأبواب مثل فيلم هوليوود ".

خصصوا للينش أيضا أفضل ممرضة رعاية في المستشفى، (خ ش) 43، عاما ولديها ثلاث بنات قريبات من عمر لينش. كانت لينش تقول سوف آخذها معي إلى الولايات المتحدة.

قالت الممرضة : "لقد كان الوضع مخيفا جدا بالنسبة لها"، "ولم يقتصر الامر على انها مصابة بشدة، لكنها كانت في بلد غريب. شعرت تجاهها بشعور أمّ أكثر من ممرضة. قلت لها مرات كثيرة، إن الله سيعتني بها. وفي العديد من الليالي غنيت لها لكي تنام".

قبل ثلاثة أيام من الغارة الامريكية، كانت لينش استعادت ما يكفي من القوة وكان الفريق الطبي على استعداد للشروع في جراحة عظام في ساقها اليسرى. وشمل الإجراء قطع العضلات لتثبيت لوح بلاتين في طرفي الكسر المركب. قال (س ع ر) : "كان لدينا فقط ثلاث لوحات بلاتين، وكان لدينا ما لا يقل عن 100 من المرضى العراقيين المحتاجين، لكننا أعطينا واحد لجيسيكا".

"عملية جراحية ثانية، وصفيحة بلاتين ثانية، كان من المقرر أن تُجرى لذراع لينش المكسورة. لكن قوات الولايات المتحدة استعادتها قبل إجراء العملية"..

ما يزعج العاملين في الناصرية أن معظم التقارير تفيد بأن لينش تعرضت للاعتداء عندما كانت بين أيديهم.. في حين أن جميعهم نفى ذلك بشدة.

وقالت الممرضة (خ ش)  من خلال مترجم، وعيونها مغرورقة بالدموع: "هذا كذب. ولكن لماذا تسألني؟ لماذا لا تسأل جيسيكا أي نوع من العلاج تلقته؟".

وقال الدكتور (ح) "هناك وجهان للأميركيين، واحد هو الحرية والديمقراطية، وإعطاء الحلوى للأطفال. والآخر هو القتل وكره الناس لهم. لذلك أنا في حيرة من أمري. أشعر بالحزن لأنني لن أرى جيسيكا مرة أخرى، وأنا أشعر بالسعادة لأنها سعيدة وعادت لحياتها. إذا كان بإمكاني التحدث إليها سوف أقول لها: "تهانينا!"

نحن ننقذ أسراهم العسكريين الغزاة وهم يقتلون المدنيين العراقيين بالآلاف

_________________________________________ 

كانت هناك مشكلة واحدة فقط: كانت القصة ببساطة ليست صحيحة. كان الانقاذ مثيرا. لقد نظموا "معركة معلومات" ونفّذوا عملية مدروسة بشكل جيد أمام الكاميرات. والغرض من ذلك تحويل وسائل الإعلام لتركز بعيدا عن مقتل المدنيين العراقيين جراء القصف الأمريكي للعراق وإلى "بطولة" القوات الامريكية. 

كان هناك مدٌّ هائل من الضحايا من جميع أنحاء المنطقة. سجل المستشفى 400 شهيدا و 2000 جريح في غضون أسبوعين قبل وأثناء إقامة لينش لمدة ثمانية أيام.

قال (س ع ر): "كانت كلها تقريبا من المدنيين". 

هذا جزاء العراقيين 

___________ 

"أخذت الأمر شخصيا " قال [سيث] بونك [أحد جنود مشاة البحرية من توليدو، أوهايو]. "أخذت الأمر في القلب. لدي أخت. عمرها تسعة عشر. فكرت في جيسي، وفكرت فيها. فكرت في الناس الذين يفعلون ذلك. أردت أن أقتلهم. أنا قتلت منهم أربعة وثلاثين "(أنا جندي، أيضا، ص 124).

جيسيكا تكشف الحقيقة وتحفظ الجميل: أنقذ العراقيون حياتي ولم يضربني أحد ولم أكن بطلة 

_______________________________________________  

في التصريحات العلنية الأولى لها منذ انقاذها في العراق، انتقدت جيسيكا لينش الجيش لتضخيم عملية نجدتها وإعادة صياغة محنتها بمثابة أسطورة وطنية.

وقالت لينش حين سؤالها عن شعورها إزاء التقارير الواردة عن بطولتها من قبل دايان  سوير، "هذا مؤلم لأن الناس سوف تختلق قصصا لم تكن لديهم أي حقائق عنها. فقط أنا الوحيدة التي أعرف الحقيقة، لأن الأشخاص الأربعة الآخرين  الذين كانوا معي في سيارتي ليسوا هنا ليقولوا القصة. أنا الوحيدة التي أستطيع القول نعم لقد أطلقت النار، ولكني لم أطلق النار".

كما ردّت لينش على تصريحات "محمد عودة الرهيف"ا، المحامي العراقي، أنه رأى خاطفيها يصفعونها.

قالت:  "من اللحظة التي استيقظت فيها في هذا المستشفى، لا أحد ضربني، لا أحد صفعني، لا أحد، لا شيء من هذا القبيل"، 

وقالت لينش للسيدة ديان سوير، مضيفة: 

"أنا ممتنة جدا لهؤلاء الناس، لأن ذلك هو السبب في أنني على قيد الحياة اليوم ".

في الواقع، جيسيكا لم تنكر فضل الأطباء والممرضين العراقيين في إنقاذ حياتها. وصلت إلى المستشفى قريبة من الموت، مع خسارة هائلة من الدم، وخلال إقامتها خضعت للعديد من العمليات الجراحية لتعديل كسر ذراعها والفخذ وخلع في الكاحل. وقالت انها أيضا تتذكر بلطف العاملين في المستشفى، وإحدى الممرضات التي كانت تجلس لعدة ساعات قرب سريرها وتغني لها التهويدات.

حتى الكونغرس كشف أكاذيب رامسفيلد حول إنقاذ جيسيكا

________________________________ 

"عزيزي الوزير رامسفيلد،

أكتب إليكم لأطلب مساعدتكم في حل الجدل الدائر حول إنقاذ جيسيكا لينش.

في الآونة الأخيرة، ظهرت تقارير إعلامية مخالفة. في جوهرها، ترى هذه التقارير أن الإنقاذ أقيم أساسا للفيديو وأنه مصمم خصيصا للتلفزيون. على وجه التحديد، ذكرت هذه التقارير أن الجندية لينش لم تُصب بأي إصابات رصاص أو طعنات سكين. وذكرت أن القوات الأمريكية كانت على علم مسبق قبل العملية بأن القوات العراقية لم تعد تقوم بحراسة المستشفى. وذكرت أن الطاقم الطبي العراقي عامل الجندية لينش معاملة إنسانية، حتى أنهم تبرعوا لها بدمائهم. وذكرت أن الطاقم الطبي العراقي حاول بالفعل نقل لينش بسيارة اسعاف إلى القوات الأمريكية قبل يومين، لكن قوات الولايات المتحدة  أطلقت عليها النيران. وكانت قد ذكرت ان القوات الامريكية المشاركة في إنقاذ لينش لم تُطلق عليها أي إطلاقة... وقال والد الجندية لينش، غريغ لينش للصحفيين ان لينش لم تكن في الحقيقة تعاني من فقدان الذاكرة . وعندما سُئل لتوضيح العملية العسكرية التي أنقذت ابنته، قال: "في الوقت الراهن في الواقع ليس من المفترض علينا أن نتحدث عن هذا الموضوع، كما تعلمون".

كما ترون هناك فجوة واسعة بين الوقائع كما ذكرت في البداية، والطريقة التي يتم الإبلاغ عنها الآن. وفي الوقت نفسه، مسؤولون في وزارة الدفاع يبدو الآن أنهم يعيدون تأهيل بياناتهم السابقة. على سبيل المثال، بريان ويتمان المتحدث باسم وزارة الدفاع، ذكر أن "الجيش الأمريكي لم يُعلن أن القوات الأمريكية تعرضت لإطلاق نار عندما اقتحمت المستشفى".

وأعتقد أنه حان الوقت لوزارة الدفاع للكشف تماما عما حدث.

أولا، أنا أطلب منك أن تأمر بالإفراج عن النسخة غير المنقحة لفيلم الفيديو الذي التقطه المصور العسكري للعملية العسكرية لاستعادة لينش.

ثانيا، أود منك أن تجيب رسميا على الأسئلة التالية حول الحالة الصحية للجندية لينش والعملية العسكرية لاستعادتها:

- هل واجهت القوات الأمريكية أي قوات عراقية في المستشفى؟

- هل أُطلق النار على القوات الامريكية خلال عملية الانقاذ؟ إذا كان الأمر كذلك، يرجى وصف تبادل النيران على وجه التحديد.

- هل كان لدى قوات الولايات المتحدة أي معلومات تشير إلى أن القوات العراقية قد انسحبت من المستشفى؟

- هل أصيبت  لينش بأي طلق ناري أو جرح سكين؟

- هل لدى المسؤولين الامريكيين أي معلومات تشير إلى أن الطاقم الطبي العراقي حاول تسليم الجندية لينش للقوات الأمريكية؟

- هل أطلقت القوات الأمريكية في أي وقت النار على أي سيارة إسعاف؟

بإخلاص،

دينيس كوسينيش

رئيس لجنة الأقلية الفرعية بشأن الأمن القومي والتهديدات الناشئة، والعلاقات الدولية"

ختام: ندم جيسيكا لنش لن يعيد ضحايانا 

______________________ 

قالت لينش في سيرتها الذاتية: 

"ذهبنا وقمنا بعملنا، ولكن كنت أتمنى لو لم أكن قد فعلت ذلك، كنت أتمنى أن لا يكون قد حدث ذلك أبدا. أتمنى لو أننا لم نكن هناك، ولا واحد منا ... أنا لا أهتم للأمور السياسية. ولكن أتمنى لو كان ذلك لم يحدث أبدا، فإن "لوري" كانت ستكون على قيد الحياة، ولكان كل ما تبقى من الجنود على قيد الحياة. ولا شيء من هذا قد حدث".

 

مصادر هذه الحلقة

___________ 

هذه الحلقة مترجمة ومُعدّة عن المصادر التالية :

# Jessica Lynch – From Wikipedia, the free encyclopedia

# THE PENTAGON FALSE VIDEO  :The Story of Private Jessica Lynch, a Heroine of Propaganda - VOLTAIRE NETWORK | 3 JUNE 2004 

# Twenty Lies About the Iraq War - By Glen Rangwala - Global Research, March 19, 2013

# Just a Coincidence? Four of Jessica Lynch's Rescuers Have Died Mysteriously - Picasso Dreams

# America’s Ministry of Propaganda Exposed - By Gar Smith - Global Research, June 05, 2005

# Jessica Lynch criticizes government-backed lies - By Kate Randall – world socialist web site - 19 November 2003

# BBC documentary exposes Pentagon lies: The staged rescue of Private Jessica Lynch - By Julie Hyland  - world socialist web site -  23 May 2003 

# Jessica Lynch, Plural - by STAN GOFF – counterpunch - DECEMBER 13, 2003

# Jessica Lynch “Blanks Out” – By torntostar - June 24, 2003

# Who Really Did Save Private Jessica Lynch? By torntostar  on May 19, 2003

# US POW Rescue was ‘Stage-Managed’ - By torntostar on May 25, 2003

# Selling Pfc. Lynch  - By  torntostar  on June 26, 2003

# Jessica Lynch Criticizes U.S. Accounts of Her Ordeal - By DAVID D. KIRKPATRICK – the newyork times - Published: November 7, 2003

# Pat Tillman family, Jessica Lynch blow open Bush administration war deceit - By Larry Chin - Global Research, April 25, 2007 

# Tillman-Lynch Hearing Opens As Drone Footage Question Lingers - By SCOTT LINDLAW - The Associated Press, 4/23/2007

# Does the Pentagon Have Amnesia on Lynch? Letter of Rep. Dennis Kucinich to Secretary Rumsfeld regarding the controversy surrounding the rescue of Private Jessica Lynch - www.globalresearch.ca -   7  June 2003

# TH4E LAST WORD ON ... JESSICA LYNCH - Author: Alan Kennedy - Sydney Morning Herald - 13/11/2003

 

# Jessica rape claim shocks Iraqi doctors 
Tuesday 11 November 2003 

# JESSICA LYNCH RAPE CLAIM CHALLENGED BY DOCTORS WHO SAVED HER LIFE
Fri Nov 07 2003

# Private Lynch's media war continues as Iraqi doctors deny rape claim Sexual assault would have killed injured soldier, says medical team - Gary Younge in New York - Wednesday 12 November 2003 10.31 GMT Last modified on Thursday 7 January 2016

# Private Jessica says President is misusing her 'heroism' - Edward Helmore, New York - Sunday 9 November 2003 01.24 GMT Last modified on Wednesday 6 January 2016