سِرُّ آلْفَوْضْى! [٢] |
السُّؤال الآن؛
فمَن الذي يتعمّد الكذِب والفبركة؟ ولماذا؟!.
الف؛ للصّراع والتّنافس غير الشّريف بين مختلف الاطراف السّياسية وغير السّياسية، والذي أُتخِمت به ساحاتنا، دورٌ في ذلك، وانا أعرفُ شخصيّاً اطرافاً وزعامات تُديرُ شبكاتٍ متعدّدةٍ على مختلف وسائل التّواصل الاجتماعي مهمّتها فبركة الاخبار والتقارير والتّحليلات والافلام والصّور وتغذية السّاحات بها!.
باء؛ كما انّ لاعدائِنا المتربّصين بِنَا الدّوائر دورٌ في هذه الفوضى، ليخلُطوا الامور فيضيع الصحّ بالخطأ والحقّ بالباطل.
جيم؛ انّهم يريدونَ تضييع الحقائق والفكرة السّليمة والرُّؤية الصّحيحة، فعندما يستلم الواحد منّا الفَ مادةٍ في اليوم هي عبارةً عن مقالاتٍ تافهةٍ تحملُ افكاراً ساذجةً الى جانبِ اخبارٍ كاذبةٍ ومُفبركةٍ، فهل تظنّ انّهُ سيتوقّف عند فكرةٍ حقيقيّةٍ وسليمةٍ؟! او عند رأيٍّ مهمٍّ او رؤيةٍ جديرةٍ بالانتباهِ والنّقاشِ؟!.
كما انّهم بهذهِ الفوضى يقتلوا فينا القُدرةَ على التّفكير والقابليّة على التّمييز بين الغثّ والسّمين، انّهم يصرفوا اذهاننا عمّا يجب ان نفكّر فيه! فننشغل بما لا يجب ان نفكّر فيه او حتّى نتوقّف عِنْدَهُ! فليسَ كلّ النّاس مستعدّون لذلك بسرعة البرق، وهي السّرعة التي تنتشر فيها الاكاذيب والفبركات والترَّهات! لا من ناحية الوقت لانشغال النّاس في هذه الحياة، ولا من ناحية القُدرة العقليّة والطّاقة الفكريّة، وبذلك ستتحول هذه الفوضى الى مصدرٍ وحيدٍ للاغلبيّة العُظمى للتّغذيةِ الفكريّة والثّقافيّة والعقليّة، في عمليّة غسيل دماغ واسعة ومُبرمجة! وبمرور الزّمن ستتحّول هذه الاكاذيب والافتراءات والفبركات الى نصوصٍ ورواياتٍ مقدسّة في عقلِنا الباطن، لا يحقُّ لاحدٍ ان يُناقشَ فيها او يستفسر عنها أو يسأل او يُشكّك في مصدرِها!.
أنّهم يقتلوا فينا فُسحة الحوار المنطقي والنّقاش العلمي والرأي والرأي الآخر، وقيمة مبدأ {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} القرآني!.
انَّ مصيبةً عظيمةً ونازلةً خطيرةً تحلُّ بِنَا اذا أصبحت وسائل التّواصل الاجتماعي مصدرنا الوحيد للتّغذية الفكريّة!.
فالخزعبلات من الاكاذيب والفبركات والتّحليلات السّخيفة والآراء التّافهة تغزوكَ لحظةً بلحظةٍ {قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ} او رُبما تأتيكَ {قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} امّا الأفكار الرّصينة والرُّؤى المحترمة والآراء المعتبرة التي تصنع عندكَ [عَصْفاً ذِهْنِيّاً] فلا تصلُكَ ابداً واذا مرّت عليكَ فمرورَ الكرامِ!.
لم يُجبكَ احدٌ بعد الآن عن اسم الكتاب او الموسوعة او المجّلد او حتى عن اسمٍ معروفٍ ومُعتبرٍ وموثوقٍ بهِ اذا سألتهُ عن مصدر معلومتهِ او رأيهِ او ما الى ذلك، فلقد أَصبح الجوابُ جاهزاً اذا سألتهُ عن المصدر؛
الواتس آب، الفايبر، الفيس بوك!.
او ذيّلَ كذبتهُ بالعبارةِ [كما وصلني] أو [ذكرت قناة كذا وصحيفة كذا] وعندما تبحث عن المصدر تجد انّهُ هو الآخر كذبةً مُفبركةً لا أَساسَ لها من الصّحّة الا في مُخيّلة الكذّاب!.
والملاحظ انّهُ لا أَحدَ ينشر شيئاً مذيّل بهذهِ العبارة اذا كان يعنيهِ او يخصُّ جماعتهُ او حزبهُ او مرجعهُ او عشيرتهُ او رُبما حتّى منطقتهُ، ولكنّهُ يفعل ذلك اذا كان الامرُ يخصُّ غيرهُ!.
انّ هذا المصدر سبب التّسطيح الفكري والسّذاجة الثقافيّة وبلاهة التّفكير التي ابتُلينا بها، كما انّهُ سبب خفّة عقولِنا التي أنتجت الصنميّة وعبادة الشّخصية وكذلك ظاهرة [عِبادةِ العِجْلِ] و [القائد الضّرورة] و [السيّد القائِد] التي تضخَّمت اليوم في المجتمع بشكلٍ لم يعُد فيه احدٌ على النّقد والحوار والمساءلة والنّقاش والجهر بالرّأي الآخر!.
|