الطامة الكبرى

 ونحن صغار و قبل دخولنا المدرسة الابتدائية علمني والديّ رحمهما الله اداب الحديث فعلماني كيف اتكلم و متى اتكلم و كيف استاذن عند المقاطعة ان كانت ملحة و علماني كيف اصغي عند الحديث للمتكلم صغيرا كان ام كبيرا. ثم دخلت المدرسة الابتدائية فعلمني العباقرة من المعلمين الاكفاء اداب الحديث حتى انهم كانوا يعلموننا فن الخطابة بصورة مباشرة و غير مباشرة. خرج العراقيون من كل فج عميق لانتخاب ممثليهم في البرلمان رغم ان الوضع الامني كان و لم يزل غير مطمئن، و تزاحموا في انتخاب نوابهم علهم يكونون الناطقين باسمهم، علهم يستطيعون نقل الشعب المظلوم من حال الى حال بعد ان تعب العراقيون من تكالب و توالي النكبات و المصائب عليهم و كأنهم خلقوا لها و كأنها فصلت عليهم و كان لسان حالهم يقول:
ليم الهم صــبر و اسحن بلا حد                       و سيف السكم كطعني بلا حد
اكولن بالسبت اخلص بالاحـــد                  جزى الاسبوع و بعده النفس بيه
 لم يجن الشعب العراقي شيئا بل زاد حاله سوءا و انطبقت على غالبيه نوابه مقولة (جاء ليصلح فافسد). فلم يلق الشعب العراقي المظلوم الا القتل و التشريد و التهجير و الخراب و كأِن العراق ارض يباب. فاصبح القتل الجماعي سمة مميزة للشعب العراقي و كأن الشعب (خراف تذبح) لا يهتم بها و لها احد. و هاهي شاشات التلفاز تظهر لك البرلمانيين المنتخبين بعد كل تفجير و هم يتبارون في خطاباتهم و كانهم في سوق عكاظ او في المربد. فهذا قد شبع ضحكا عندما جاء دور زميله في الكلام و هذا يهمس باذن صاحبه و هذا يعبث بعينيه بغية تنظيفهما!! و هذا يهز كتفيه فاغرا فاه من الضحك. ايها الضاحكون، هل لاداب الحديث تعرفون؟ و لم تضحكون؟ هل لقتل الالاف تضحكون ولا تبكون؟ هل لسفك الدماء تضحكون؟ هل لترميل النساء تضحكون؟ هل ليتم الاطفال تضحكون؟ هل لدمار البلد تضحكون؟ هل فقدتم عزيزا في الاحد الدامي و الثلاثاء الدامي و الاربعاء الدامي فايام العراق كلها دامية. و الله من الحزن لا تحملني اقدامي. بالله عليكم هل انتم عراقيون؟ هل انتم مسلمون؟ ايها البرلماني هل شاهدت الثكلى و هي تمزق ثيابها صارخة الله اكبر؟ هل شاهدت الام المفجوعة و هي تكيل التراب على راسها لفقد ولدها؟ هل شاهدت من غزا الشيب راسه و هو يسقط مغشيا عليه لفقد عزيز له؟ هل شاهدت جثة متفحمة؟ هل شاهدت جثة بلا راس؟ هل شاهدت ذراعا في الشارع؟ هي شاهدت راسا متفجرا على الرصيف؟  هل شاهدت قدما مبتورة؟ هل شاهدت زجاجا يذبح المئات و ينغرز كالحراب في اجساد الابرياء؟ هل شاهدت الاذان و العيون تنزف دما؟ هل شاهدت اصبعا هنا و اصبعا هناك؟هل شاهدت رجلا يحترق في سيارته و هو جالس خلف المقود؟  ها انت تشاهد يا اخي من اوصلك الى البرلمان يقطع اربا اربا بالله ماذا دهاك؟ و عن الحق من الهاك؟ اخوتي البرلمانيون كم انتم عادلون، و ان العراقيين بفضلكم يقفون في طابور واحد بانتظار يد المنون، و نحن لسهركم و تعبكم و سفركم و تحملكم و تضحيتكم شاكرون، ان اضحكوا و اضحكوا لكن الشعب سيردد صرخة الحوراء زينب (عليها و على ابيها و اخويها افضل الصلاة و التسليم) ( ان اضحكوا قليلا و ابكوا كثيرا) ان انتظروا (الصاخة الكبرى) .