أجواء المواكبة والتحشيد التي سادت الساحة العراقية الداخلية والخارجية، وكانت ساحتها وسائل الاعلام المتنوعة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، رافقت موضوع ضم الاهوار ومواقع أثرية الى قائمة التراث العالمي. عكس ذلك مدى تطلّع العراقي الى فرصة أو مناسبة لجمع الكلمة ولاستعادة الحسّ الوطني التي أضعفته الانقسامات السياسية والطائفية وقبلها الحروب العبثية وهيمنة عائلة على البلاد والعباد والتي اختزلت الوطن بها وحسب. للسبب نفسه كانت الفرحة كبيرة بعد مصادقة اليونسكو على ضم الاهوار ومواقع أثرية عراقية أخرى، لدرجة أن البعض أطلق العنان لاحلامه وراح يتحدث عن إيجابيات وخيرات ستأتي الى الاهوار بعد هذا الانجاز، فيما أخذ بعض المعلقين الذين اعتادوا التحدث في كل شيء، بالترديد بأن ضم الاهوار الى قائمة التراث العالمي سيعني وضع تركيا وإيران تحت المراقبة الدولية لضمان السماح بتدفق المياه الى الانهار العراقية والتي ينتهي بعضها الى الاهوار. مهندس هذا الانجاز الرئيسي والخبير المائي الدكتور حسن الجنابي ينفي كل ذلك ويقول ان ظروف العراق وحاجات العراقيين النفسية هي التي جعلت من هذه الخطوة انجازا وطنيا. ويبدو ان ممثلي كثير من الدول العربية وغير العربية الاعضاء في اليونسكو تعاملوا بعاطفة كبيرة مع الطلب العراقي، في موقف نابع من محبة العراق في قلوب العرب وغيرهم ممن يعرفون تاريخه أكثر من أهله. نقل الوفد عن مسؤول عربي قوله في كلمته ان استحقاق العراق في الانضمام على قائمة التراث العالمي لا يقتصر على هذه المواقع بل ان كل شبر من العراق يستحق ذلك لما يشكله من مهد للحضارات التي شعّت بنورها على العالم كله. تحدثوا أيضا عن خبيرة فرنسية قامت بجهد كبير من أجل ضم هذه المواقع الى قائمة التراث العالمي, وبالمقابل فان هذه الخطوة ترتّب على العراق التزامات عديدة من أجل أن تبقى هذه المواقع الثقافية في القائمة العالمية، والا فإنها ستخرج منها. التقييم يجري بشكل دوري، والبقاء في هذه القائمة يحتاج الى مشاريع وتخصيصات لتبقى هذه المواقع محافظة على شروط بقائها في قائمة المواقع الاثرية العالمية. يحتاج الامر الى تكاتف جهود وتعاون بين أكثر من وزارة ومؤسسة. في ظروفنا الحالية، يحتاج الامر الى لجنة خاصة ترتبط برئيس الوزراء، مهمتها التنسيق بين الجهات المعنية، ولها صلاحيات مباشرة، أو استحداث مؤسسة خاصة بالاهوار. نحتاج الى تحرك دولي باتجاه المنظمات المعنية للحصول على تمويل لمشاريع تطوير الاهوار. نحتاج الى حملة دعاية لجذب الاستثمار الداخلي والخارجي بتسهيلات كبيرة. هناك الكثير من الخيارات التي تتيح تنفيذ مشاريع تطوير الاهوار دون أن تنفق الحكومة شيئا. وحيث ان قيمة الاهوار يعرفها الآخرون أكثر منا، فإنه بالامكان تحويلها الى مشروع يجذب السوّاح من أنحاء العالم طوال العام. مواقع أثرية أخرى في الناصرية تمثل قيمة دينية لاتباع الديانات السماوية الاخرى وتطويرها وتهيئة البنى التحتية من طرق وفنادق، ستحيي السياحة الدينية لهذه المواقع. كل هذا سيشكل مصدر دخل كبير للعراق، ربما يشكل بداية للاهتمام بالسياحة كسبيل لتقليل الاعتماد على النفط. |