الإقتصاد العراقي بكفّ شيطان

 

طالما دخل الإقتصاد العراقي في متاهات التدهور الإقتصادي المتعدد الأسباب منذ بدء حربه مع إيران والتي استنزفت خيرات البلدين طوال سنوات ، وبالتحديد استنزاف خيرات العراق ، فتكاليف الحرب لم تك قليلة ، وإن كان احتمال الدعم المالي كان واردًا آنذاك ، وازداد الوضع تدهورًا بعد غزوه الكويت الشقيق ، وبعد فرض العقوبات الشرسة على العراق لمدة 13 سنة عانى فيها الشعب العراقي الويلات الإقتصادية والصحية اختلّت موازنات القوى الإقتصادية بالكامل ، وأُغلقت عليها جميع المنافذ ، إلا المنفذ الوحيد للأردن ،والذي لا يغير في الحصار شيئا ، وبما أنّ العراق كان مصدره الأكبر والأقوى اقتصاديا صادراته من النفط فقد تعرّض بسبب هذا الحصار الإقتصادي المفروض عليه للركود بعد قرار الأمم المتحدة بأغسطس سنة 1990 حيث تمّ عزل العراق تمامًا عن العالم سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا .. والذي استفادت منه دول النفط المصدّرة .. حيث أمدّت بعض الدول المستهلكة للنفط الخام عوضا عن البترول العراقي .. مما اسهم في إرتفاع المستوى المعيشي لتلك الدول بالمقابل إنخفاضه الشديد للعراق .. وتبع قرار الحظر قرار إيقاف الرحلات الجوية للعراق وهذه خطوةٌ أخرى لتدمير الإقتصاد العراقي .. هذا المسلسل من حرب العراق مع إيران ليومنا هذا يلفت نظر المؤرخين والمتابعين للإحداث بأرض الرافدين ويشعر المرء بأنّ كلّ ذلك لم يقع عبثا وجهلا بل هو مخططٌ له من باب إضعاف قوى الفريسة قبل مداهمتها خاصةً إذا ماكانت الفريسة قويةً اقتصاديا كالعراق آنذاك .وتوالي الحدث الصعب يتلوه حدثٌ أصعب من دخول الإرهاب أرض العراق والأحداث الدّامية لدم العراقيين .. والتي تشيب الرضيع .. يزيد الأمر تعقيدًا ويطرح تساؤلاتٍ وعلامات استفهامٍ كثيرة ومتشعبة .. ويبدو الأمر هو محاولة تصـفية الشعب العراقي.

ومع مرحلة ركودٍ جديدة مع بداية عام 2014  وانخفاض أسعار النفط بالتدريج لأدنى مستوى له هذا العام 2016 ..  والذي تسبّب في أزمةٍ اقتصاديةٍ لكل دول الخليج المصدرة للنفط .. حيث يشكل النّفط أهم وأكبر دخل ٍ اقتصادي ٍ لها خصوصا بأنّ هذه الدول فاقدة لمصادر الدّخل الأخرى كالصناعات المتعددة والزراعة .. ومع هذه التحديات الإقتصادية يكون العراق أكثر دول العالم تعرضا لها لعدة أسباب هي :

1 – التدهور الخطر في إنخفاض أسعار النفط وعدم توّفر مصادر دخلٍ أخرى لخلق عملية الموازنة والتعويض عن المردودات الداخلة للعراق من جراء بيع البترول أدى لتدهور الوضع الإقتصادي لمرحلة الدمار مما ترك أثارهُ على المواطن العراقي وعلى الأسرة العراقية ككل ماديًا و صحّيًا .

 -2إشغال العراق بحروبٍ داميةٍ ضدّ الإرهاب وما تستهلكه هذه الحروب من تكاليف مرهقة للميزانية أدى إلى التدهور الإقتصادي الكبير وذلك لأمرين :

أ – استنزاف هذه الحروب لملايين الدولارات والتي لولا الحرب ضد الإرهاب لبدأت العراق مرحلةً جديدةً تستعيد بها أنفاسها ويبدو بأنّ الأمر كان مخططا له ! .

ب – إنشغال الحكومة والشعب بحربه ضدّ الأرهاب أدى إلى تشريد آلآف العراقيين من قراهم ومزارعهم ومدنهم .. خوفا على حياتهم مما أدى بدوره لتدهور الإقتصاد الزراعي و الصناعي الوطني .. والذي بدوره أدى إلى استيراد المزيد من السلع من الخارج وركود القطاع الخاص .

3 – تمتع العراق بقدراته الاقتصادية والعلمية والذي جعل منه أكثر دول الشرق الأوسط تعلما وفكرا فقد أولدت العراق المئات من المفكرين وهذا الأمر شكّل تخوّفا عند أعداء العراق وجعله مطمعا لمخططاتهم .

 – 4 هذه الحروب التي أكلت الأخضر واليابس جاءت بعد حصارٍ دام 13 سنة وبعدما أُنهك وجوّع الشّعب العراقي أدى لسؤ إدارة الملف الإقتصادي العراق من جانبٍ ومن جانبٍ آخر محاولة الأكراد بشمال العراق إقامة حكومة ودويلةٍ منفصلة والمعروف بأنّ شمال العراق غنيٌ بالبترول .

5 – تدهور الوضع الإقتصادي هذا أدّى إلى عدم قدرة الحكومة على إنشاء مشاريع اقتصادية تدعم المواطن بالحصول على الوظيفة التي يقتات منها هو وأسرته وعليه ارتفعت نسبة البطالة لدى المواطن العراقي أضعافا مضاعفة أدت بدورها لحدوث الإنشقاق الفكري والوطني وتبددت الجهود وضاعت الأهداف المهمة للوطن الجريح .

6- ضاق المواطن العراقي ذرعّا للوضع الإقتصادي المؤلم وعدم توفرّ سبل المعيشة الكريمة أبسطها توّفر الكهرباء والعلاج المناسب وعلى إثر هذا وذاك وجد الإنشقاق الخطر طريقه لقلوب كثيرٍ من العراقيين وكلا قد حمل قواه ورجاله ضدّ الآخر .

7 – وجودُ المغرضين والمدسوسين في الشأن العراقي أدى دوره السلبي وقعا على العراق للأسف وما عاد التفريق بين لمعة النار الذهبية ولمعة الذهب موجودا .

8- الفساد المالي والإداري له دوره السلبي مهما قل كما أن نسبة إنخفاض إنتاج الموظف لعمله يساهم دون شعوريا في تدهور الوضع الإقتصادي للعراق.