شهادات ورقية

 

كل عام تدفع الجامعات والكليات العراقية بفروعها العلمية والانسانية الافاً من الشباب، صبياناً وصبايا، في عمر الورود، الى الشوارع، دون ان تؤمن لهم الدولة فرصاً للعمل في ميادين تخصصاتهم، على الرغم من ان البلد بحاجة ماسة الى تخصصاتهم هذه، في مرحلة الاعمار والبناء فيما يسمى بالبنى التحتية والفوقية.

ينهون العام الدراسي الاخير في حياتهم الجامعية باحتفالات رأينا الكثير من غرائبها في مواقع التواصل الاجتماعي، تغمرهم فرحة التخرج ونيل شهادة البكالوريوس غير آبهين ولو مؤقتاً بالمصير المجهول الذي ينتظرهم، ولقد بانت عليهم مظاهر الفرح بكافة اشكالها، فرحين بشهادة سوف يستلمونها لا تغني ولا تسمن من جوع، كل ما فيها يشير الى انهم قد اكملوا دراستهم الجامعية وحصلوا على شهادة البكالوريوس في وقت كانوا يمنون انفسهم كما هي امنيات ابائهم وامهاتهم وعوائلهم ان يتم تعيينهم في مرافق الدولة ومؤسساتها ودوائرها التي لا تعد ولا تحصى في اكثر من عشرين وزارة بدلاً من ان ينخرطوا في سلك العاطلين عن العمل، على الارصفة والمقاهي يلعبون الدومينو ويشربون، يستنشقون دخان النراكيل!.

سعداء الحظ منهم من يستطيع ان يواصل تحصيله العلمي والمعرفي في جامعات العالم، بدلاً من التسكع هنا وهناك، خاصة ممن يتوفر لهم الدفع المادي لتكاليف السفر والاقامة والدراسة، اما من لا يستطيعون ان يوفروا ذلك، فسوف تراهم يبيعون على الارصفة احذية الاطفال وقناني العطور الرخيصة وملابس الصغار والاطعمة المعلبة!.

انه امتحان معرفي واسع المدى، ان يكون الشباب الذين هم دعامة العمران والتأسيس والبناء على هذه الحالة المزرية والتي تتعبهم كما تتعب اهاليهم نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، في وقت ينبغي ان يشكلوا الاهتمام الاكبر لقيادات البلد السياسية والاقتصادية لا ان يفرض عليهم صندوق النقد الدولي عدم تعيين الخريجيين لسنوات عدة، تحت ضغط الواقع الاقتصادي المتردي.

الشباب الذين لهم الغد، كما تقول الانشودة، اصبحوا بلا غدٍ وبلا مستقبل، اما الحــــاضر فهو خبط عشواء.