تجريم البعث إرادة وليس قانون

 

   نجح البرلمان العراقي بإقرار قانون إنهاء حزب البعث رسمياً من حياة العراقيين, وهذا بحد ذاته يعد نصراً, ولكن النصر لا يتحقق ألا بتطبيق القانون عملياً.

   البعث؛ الذي زرع أفكاره قبل سبعون عاماً تقريباً في العراق, بكل المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية من خلال آليات وأشخاص أدانوا له بالولاء, حتى باتت البعث ديدن وسلوك الكثير ممن تأثروا فيه, إبان هيمنة الحزب المقبور على الحياة العامة خلال ثلاثة عقود ونصف, كان أسوئها إدخال أفكاره في المناهج الدراسية.

   بدأ البعث ممارساته بإلغاء العشائرية والمناطقية وأي انتماءات أخرى, وحارب الولاءات  الدينية والقومية والسياسية, وأضحى الولاء للحزب فقط, نُكل بكل من يشعر بأنه معارض له بالقتل والتهجير والتغييب, وأبيد الملايين ممن لا يروق لهم فكره, الذي اتخذ من اللادينية شعار له, والدم أسلوب لإقصاء المناوئين لشريعته, التي لم تعرف هويتها.

   الأمر الذي جعل الأغلب ضد ممارساته وأساليبه, ولكن هناك من انغرست تلك الشعارات الموبوءة في تصرفاته وسلوكياته, نتيجة للتغذية الروحية التي تلقاها أو بالاكتساب أو تطابق الشعور النفسي, لذا فأن قانون تجريم البعث لا يمكن أن يكتب له النجاح, ما لم يملك الشعب إرادة حقيقية لتطبيقه, واقتلاع جذوره من نفوس وأذهان ممن تلبسوا فيه, خاصة الثقافات الموجودة في الكتب التعليمية.

   لذا نحتاج في العراق لثقافة مجتمعية عامة لا تختصر على إشاعة خبر تجريم البرلمان للبعث فحسب, وإنما البلاد بحاجة ماسة ونهضة قوية لمكافحة كل التصرفات المطابقة لثقافة البعث لدى المسؤول والموظف والكاسب, ورفض كل ما يمت لأفكاره بصلة ما, أن كان بقصد أو بغير قصد, فأفكاره الهدامة كانت وما زالت نشعر بممارستها لدى من كان منتمياً له أو غير منتمي.

   فأن تجريم البعث ليس قانون فقط سيدرج على رفوف المكتبات, إنما لابد أن يتحول لإرادة جارفة لكل من يمت له بعلاقة, أذا كنا عازمين على بناء دولة خالية من البعث.