لا احد يختلف حول القلم الساخر للصحفي العراقي داود الفرحان ، حيث كنا نتابع مقالاته في مجلة ألف باء بعنوان “بلد صاعد بلد نازل” ومقالات أخرى كان لها صدى طيب في نفوس القراء ، ولكننا برغم هذا التاريخ الصحفي وبرغم إن الرجل مازال على قيد الحياة لكنه أيضا يستحق إن ننعيه ليس لموته كجسد بل سقوطه كقلم وموقف وقضية . لا نعرف بالضبط مصدر عدائية وحقد داود الفرحان على العملية السياسية، فهو قد ذاق مرارة الدكتاتورية حيث اعتقل نحو شهرين في حاكمية المخابرات وأطلق سراحه بعد تركيعه وإذلاله، وأصبح صاحب مقالات بلد صاعد بلد نازل مديرا لتحرير مجلة فدائيي صدام التي يرأس تحريرها العقيد قائد أركان الصحافة الأسبوعية، ولم تكن هذه أول علامات السقوط بل سبقتها هرولته حين دخل الجيش العراقي إلى الكويت ليترأس تحرير جريدة النداء وهي بإشراف علي الكيمياوي . واستمر الرجل مطيعا للنظام، وربما كان الرجل محقا في ذلك فمن يرى الزنزانات الحمر الرهيبة في جهاز المخابرات لا يعتقد بأنه سيخرج سالما إلى فضاء الحياة والحرية وبالتأكيد فان اقل ما يصاب به هو الخوف من النظام والشعور الدائم في الاكتئاب . وبعد سقوط النظام في عام 2003 تعرض الفرحان لصدمة شخصية حيث تم اغتيال شقيقه ضابط المخابرات بطريقة غامضة وسجلت القضية ضد مجهول وقد تكون هذه الحادثة وشعور الفرحان بأنه كان في السنوات الأخيرة قبل سقوط النظام مطيعا أكثر من اللازم وهذا ما دفعه للهجرة إلى مصر لاسيما انه كان يحن دائما لعبدالناصر وتجربته القومية الرائدة كما يعتقد . وبعد وصوله بشهور قليلة وعند افتتاح عون الخشلوك قناة البغدادية مستعينا بالهاربين من بغداد حيث كان معهم داود الفرحان فظهر على الناس في برنامج كوميدي كان الناس لا يضحكون على مضمونه ولكن يتأسفون على الحالة التي وصل إليها الفرحان في برنامجه السخيف غير المقنع والذي لا يرتقي إلى مستوى أعمدته الصحفية الشهيرة . ولعل ما يستحق النعي لهذا القلم الذي كان شعبيا هو انضمامه لشيخ الطائفية والعنف الدموي حارث الضاري، فبعد الطلاق مع الخشلوك ولأسباب لا نعرفها أصبح الفرحان يغرد بالطائفية وعلى طريقة الضاري والمتطرفين من قتلة ومجرمي القاعدة والمتسترين بالدين وبالقومية العربية. ولعل من الغريب إن يصبح الفرحان طائفيا وهو لم يكن كذلك قبل عام 2003 وهو لم يكن أيضا تحت وطأة الحاجة المادية حيث أعطاه النظام السابق أكثر ما يستحق وليس من المتدينين حيث كان يحتسي الخمر حد الثمالة ، ولكن الذي حدث لهذا الرجل ولقلمه أصبح يستحق وبجدارة إن تقوم نقابة الصحفيين العراقيين التي تآمر عليها يوما وساهم في تعليق عضويتها بوضع لافتة كبيرة على أبواب بنايتها تنعى فيها سقوط هذا القلم في مستنقع الطائفية ولاسيما انه تهجم على النقابة وعلى جميع الصحفيين والإعلاميين العراقيين ووصفهم بالمرتزقة واللملوم من خلال برنامجه الطائفي الذي يبث من قناة الرافدين الناطقة بإسم مجرمي القاعدة، وبهذا يكون هذا الرجل قد دخل مزبلة تاريخ صاحبة الجلالة وقطع حبل المودة مع زملائه حين اختار الضاري وجماعته من المتطرفين أعداء العراق .
|