في البرلمان العراقي الفساد تتساقط بعض أوراقه
الفساد هذه الآفة البشعة التي نخرت مؤسسات الدولة العراقية منذ التغيير عام ٢٠٠٣ ولحد الآن وصلت إلى مراحل الإنفجار ، حيث أن أوراقها أخدت تتساقط الواحدة بعد الأخرى وذلك نتيجة للضغط الشعبي المتواصل ، غير أنه ولأسباب أصبحت معروفة كانت ملفاتها مركونة فوق الرفوف العالية نتيجة للتوافقات السياسية بين الأطراف المساهمة في العملية السياسية ، لأنها مع الأسف كانت كلها مساهمة ومشاركة في نهب المال العام ( عيني عينك ) ، لذا كانت جميعها ( تطمطم ) بعضها لبعض . وعملية الطمطمة هذه جرت على مدى أكثر من عقد من الزمان و ( ضاع فيها الحساب !! ) . 
بين الفينة والأخرى تظهر على السطح بعض الأصوات النزيهة التي تشير إلى هذا الخلل وذاك ، وتؤكد أن هناك حيتان كبيرة إستولت على ( الصاية والصرماية ) ، لكن سرعان ما تختفي هذه الأصوات نتيجة للضغط الحاصل عليها من تلك الأطراف لأنها تملك المال والسلطة في لجم من يقف في طريقها ويكشف عوراتها وتوجيه تهم كيدية لهم من أجل إسكاتهم . والقائمة طويلة بأسماء الذين جرى تغييبهم عن المسرح وبشكل تعسفي وقسري .
في الجلسة التي إستضاف فيها مجلس النواب وزير الدفاع العراقي السيد ( خالد العبيدي ) ، ظهرت بعض الحقائق عن كمية الفساد الذي أصاب المؤسسة العسكرية التي بيدها أرواح الناس وأمنهم وسلامتهم وسلامة حدود الوطن ، في هذه الجلسة إتضح بعض المستور وتكشفت بعض العورات وذُكرت بعض الأسماء التي لها شأن كبير في المؤسسة التشريعية والعسكرية .
لم ينطق السيد وزير الدفاع من فراغ رغم أن الذين يقفون بالضد منه يحاولون تسفيه ما قاله بأنه هجوم من أجل الدفاع عن نفسه ، لكنه يبقى في نظر الكثيرين من أنها خطوة في الطريق الصحيح من أجل ( كشف الأوراق ) التي طالب بها المخلصون منذ سنوات طويلة و ( بح صوتهم ) فيها ولم يعد هناك بارقة أمل في كشفها لأنها محمية بحيتان كبيرة سيطرت على ما هو فوق الإرض وتحتها .
نعم إنها خطوة على الطريق الصحيح ولكي لا تبقى محصورة في إطار التصريحات التي لا تخرج عن دائرة مجلس النواب الموقر ، يستوجب على هيئة النزاهة والقضاء والمدعي العام إحالة هذا الملف الخطير إلى التحقيق ومتابعة الأسماء التي وردت على لسان السيد وزير الدفاع وتبيان الحقيقة التي كانت مخفية نتيجة للتوافقات السياسية بين الكتل المتنفذة .
فلا عجب ولا عجاب بعد الآن من إحتلال ثلث أراضينا من قبل داعش ، ولا عجب ولا عجاب من إنتشار الفساد بهذه الصورة القاتمة إلى جانب التدهور الأمني وإنتشار الجريمة بكل أشكالها ، والسبب يعود كما إتضح هو أخطبوط الفساد الذي فاق التصور والمتمترس في كل مرافق الدولة بلا إستثناء .
لا نريد أن نسبق الأحداث ونقول سيكون هناك تمييع لما جرى كشفه ، لأن الكتل السياسية لما تمتاز به من خبرة وحنكة سوف تلتف على ما جاء على لسان وزير الدفاع ، وهنا سنُحمل القضاء العراقي في حالة إنجراره لا معاذ الله عن مهمته الأصلية ( العدل أساس الملك ) ، لأن الكرة الآن في ملعبة وهو المسؤول لأن يعيد الحق إلى نصابه .
وفي نفس الوقت على السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي أن ينحاز إلى جانب الحق ويتابع بنفسه وبكل موضوعية ما جاء من إتهامات لرئيس السلطة التشريعية وبعض البرلمانيين والبرلمانيات وأسماء أخرى مدنية وعسكرية .
الوطن يستغيث أيها السادة ويُذبح من الوريد للوريد !! ، وأبناؤه مشردون يقتلهم المرض والجوع  والإرهاب يفتك بهم بلا رحمة ولا شفقة ، ومفخخات وعبوات وأحزمة ناسفة تعبر عبر السيطرات لتفجيرها في الجوامع والحسينيات والأسواق وأماكن الناس الآمنة ، ودماء مدرارة تجري لتغسل تراب الوطن .
الجماهير المستمرة في تظاهراتها سوف لن تهجع ولن تكف عن مطالبتها بالضرب من حديد على أيدي ورؤوس الفاسدين والسراق الذين طعنوا الوطن من كل الإتجاهات وسرقوا أموال أجياله وجعلوه بلداً يستعطي الصدقات من كل حد وصوب  ، وجعلوا أطفاله يعتاشون على فُتاة موائدهم العامرة وخزائنهم التي حولوها إلى خارج الحدود .
 لقد حان الوقت الآن  لكل المخلصين من أن ينهضوا من سباتهم وينضموا إلى المتظاهرين في ساحة التحرير وساحات الوطن الأخرى ، لأنه لا سبيل غير الإحتجاج على كل موبقات العملية السياسية الفاشلة التي أذاقت الأمرين لأبناء الوطن .
التظاهرات السلمية وتطوير أشكالها وديمومتها هي السبيل المتاح في هذه الظروف ، ومهما طال الزمن لكنها ستعري يوماً بعد يوم كل من سرق الوطن وشعبة ، وتسقط عنهم ( ورقة التوت ) ، وتكشف عوراتهم وإدعاءاتهم القومية والدينية والمذهبية الكاذبة والمزيفة .