تقسيم سوريا يلوح في الأفق

 

إذا قال  رئيس  المخابرات الأمريكية  جون برينان فصدقوه ، لأنهم هم الذين يرسمون  حدود الدول ويصنعون حكامها  ، كما خاطب رئيس المخابرات الأمريكية السابق  جورج تينيث  الرئيس الفلسطيني الراحل بالسم ،  ياسر عرفات في قمة  كامب ديفيد  قائلا له بحزم :" انقذ شعبك فان المنطقة كلها ستتغير وهناك دول ستزول عن الخريطة في الشرق الاوسط.. فعلى من تراهن؟".. كان ذلك في سنة 2000 أي قبل ستة عشر عاما من الآن ، وكان ذلك، على مسمع ومرآى من الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون الذي أيده بذلك وطلب من مصوره الخاص  ، إلتقاط صورة له  مع "القيادات الفلسطينية الجديدة "ومن ضمنهم بطبيعة الحال  محمد دحلان ، بعد أن قال له الرئيس عرفات :"سامع يا فخامة الرئيس إنه يهددني بالقتل ، وأنا أدعوك من الآن لحضور جنازتي"؟؟!!

بالأمس  أتحفنا  السيد برينان بتصريح  لا فض فوه  كشف فيه "المستخبي" ، وقال أنه لا يضمن أن تعود سوريا  موحدة كما كانت قبل الحرب الأهلية  التي شنها  بشار"..." بطبيعة الحال على شعبه ، وإستطرد بأن الحل الأمثل لسوريا هو  نظام فيدرالي أو كونفدرالي ، وأن تقوم كل طائفة  بالسيطرة على مساحتها الجغرافية وتحدد نظامها السياسي ، وما لم يقله السيد برينان ،   أن هذه الطوائف بمجملها ستكون مربوطة بوتد في تل ألربيع "تل أبيب".

فكرة تقسيم سورية وظاهرة الكنتنة ليست جديدة  ، فقد إقترحها العلويون  على مشارف "الإستقلال" و كان يتزعمهم   آنذاك سليمان"..." ، وهو جد بشار "..." ووالد حافظ "..." بطبيعة الحال ، لكن الفرنسيين  رفضوا منح العلويين  كانتونا  خاصا بهم  ، معللين رفضهم بأنهم  "صغار "على الحكم ، ومع ذلك ظل الحلم يراودهم  ، فتسلم حافظ "الراية"  وإستقرت المور له في سوريا  ، وقفز  بدعم صهيوني إلى  سدة الرئاسة  ، وعمق علاقاته مع مستدمرة إسرائيل ، وكان بحق الحامي الأفضل لحدودها  الشمالية الشرقية ، وقد باعها  هضبة الجولان   بقيمة 100 مليون دولار ، وقيل أن الشيك كان بدون رصيد ، وعموما فإن صورة الشيك موجودة في ملفات الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بحسب وزير ساداتي العام الماضي .

لم يأت  رئيس المخابرات الأمريكية بجديد ، سوى لمن لا يحسن  رؤية ما بعد أنفه ، لأن كل المعطيات والمؤشرات  ، ومنذ إنفجار الأزمة السورية  ، وتمسك بشار "..." بموقفه "إما أنا أو دمار البلد" ، كانت تدل على   هذا المآل ، ناهيك عن أن التدخل العسكري الروسي المفاجيء ،  والذي تمخض عن  تنسيق أمريكي –إسرائيلي ، وحظي بموافقة الطرفين  ، أثبت أن  القيصر بوتين أراد تثبيت موطيء قدمه في الكانتون العلوي من خلال الحفاظ على قاعدته العسكرية البحرية  في اللاذقية على شاطيء البحر الأبيض المتوسط.

ولمن لا يقرأون فإن  الولايات المتحدة الأمريكية ، وبعد مراقبة تداعيات الحرب العراقية – الإيرانية أوائل ثمانينيات القرن المنصرم ، أرادت  ضربة أخرى تقصم ظهر العرب والمسلمين ، وحملت معطياتها  إلى الحاقد على العرب والمسلمين  الصهيوني د. بيرنارد لويس  ، الذي أخرج لهم مشروعا جديدا للشرق الأوسط الممتد من شاطيء البحر المتوسط الشرقي - دون المساس بمستدمرة إسرائيلي بطبيعة الحال -  حتى الشاطيء الغربي لبحر قزوين ، بمعنى أنه جزّأ المجزأ وقسم المقسم ، وكان لا بد في البداية من  تدمير العراق وسوريا قبل تقسيمهما ، وأقر الكونغرس الأمريكي هذا المشروع في جلسة سرية عام 1983 ، كما أن مستدمرة إسرائيل  سارعت قبل ذلك بإعلان  خطة كيفونيم التي تحاكي المشروع الأمريكي آنف الذكر.

أرادوا  تنفيذ المشروع بأيديهم  فكان افحتلال الأمريكي للعراق ، وكانت الخطة تقضي  تسليم الحكم للشيعة في العراق وإنتقال القوات الأمريكية المجحفلة  لإحتلال سوريا  وهكذا دواليك  ، إلى أن يستقر المحراث الأمريكي في مصر التي وصفت بانها الجائزة الكبرى ، لكن  إنطلاق المقاومة العراقية التي  تشرفت  بنشر بلاغها الأول ونلت شرف السبق في ذلك كأول صحفي عربي ، لخبط كل الوراق الأمريكية  ، فتم بعد ذلك  تكليف إسرائيل  بالقضاء على حزب الله  لتقسيم لبنان   عام 2006 ، وعندها بشرت المرشحة الرئاسية الأمريكية هيلاري كلينتون التي كانت وزيرة الخارجية آنذاك  ،  ببدء تنفيذ مشروع الشرق الأ وسط الكبير  ، لكنها فشلت ، وأنيط بها إعادة غزة إلى السلطة ففشلت لثلاث مرات ، وعندها تقرر تسليم الشرق الأوسط للفوضى الخلاقة أو "الكييوس"  حسب الترجمة الصحيحة للكلمة ، وهي أن يخرب العرب والمسلمون  ديارهم بأيديهم  ، فكان داعش  الذي يمثل فرع خدمات الإستخبارات السرية الإسرائيلية  "ISIS" ، والذي بدأ وحسب الخطة الموضوعة يلفظ أنفاسه في العراق ، وفي الطريق سوريا ، ليخرج إلينا تنظيم جديد صنعته السي آي إيه  إسمه خراسان  ، مهمته العبث في إيران لتقسيمها هي الأخرى.