وهل ينفع الرثاء |
لا تلتفت الى حائط الا وتجد عليه لافتة سوداء تخبرك بمجلس عزاء على روح الشاب الشهيد. انهم شبابنا يموتون من اجل ان يحيا سواهم، يضحون بأرواحهم دفاعاً عن تراب الوطن ضد شرذمة من الافاقين وبائعي الضمائر في اسواق النخاسة وما اكثرها يحملون بنادقهم ويجابهون بها عدواً شرساً لا دين له الا الحقد والكراهية والتكفير والموت المجاني.هل تكفي لافتة سوداء لأن تقيم الحزن عليك ايها الفتى، وهل لنا الا ان نقرأ على روحك سورة الفاتحة، متمنين لك السكن في جنان الخلد مع الانبياء والصديقين والشهداء، انت يا من رضعت من ثدي ام انجبتك لكي تكون لها سنداً وعوناً في هذه الحياة، فاذا بك تستشهد على ثرى الوطن حاملاً معك جرحك الى عنان السماء. نرثيك، وكيف لنا الا ان نرثيك، وهل الرثاء يكفي بحقك، وانت المعلى والايقونة والمجد والسؤدد والعنفوان. وماذا لنا جميعاً ونحن نرى كل يوم عشرات اللافتات السود تنقل لنا اخبار من رحلوا وهم يطهرون الارض بدمائهم الزكية الطاهرة. نعم ايها الشهداء، انتم بيننا، تغيب اجسادكم ولكن ارواحكم تطوف حول منازلنا وشوارعنا واشجارنا، ونحن نشم من خلالكم عبق المجد حيث لا سلوان لنا الا تذكركم وانتم شباب يافعون لم يأبهوا للموت ولم يخافوه. يقول عبيد بن الابرص: وغائب الموت لا يؤوب ويقول بشار: من ذا يعيرك عينه تبكي بها ارأيت عيناً للبكاء تعار ويقول ابو العتاهية في رثاء صديقه علي بن ثابت: بكيتك يا علي بدمع عيني فما اغنى البكاء علي شيء وكانت في حياتك لي عظات فأنت اليوم اوعظ منك حياً. نعم لقد اركتم لنا، نحن الاحياء عظات سوف نظل نذكرها ابداً، وسوف نحملها معنا جيلاً الى جيل، لن ننساها ولن نفقدها بل سنحافظ عليها كما حفظتم لنا ماء وجوهنا يا ساكني فؤاد الوطن وعقله. |