البوكيمون الشيعي



في الآونة الأخيرة، ظهرت لعبة جديدة في الأجهزة الذكية المحمولة، هذه اللعبة جرى إنتشارها بشكل غير معهود، وحتى الشركة المصممة لها تفاجأت بسرعة إنتشارها رغم إنها كانت تجريبية، إنشغل الناس فيها بكثرة، حتى إنها حققت أرباحا خيالية للشركة، لم تك متوقعة أبدا، في حين أنها تتميز بإصطياد البوكيمونات في مناطق أشبه بغير المتوقعة .
لكن هناك بوكيمون شيعي لم تصنعه الشركة المنتجة، بل صنعه وزير الهجوم عفوا وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، خلال جلسة الإستجواب التي جرت في مجلس النواب، حيث تحول من متهم يحاسب على صفقات جرت هنا وهناك وردت حولها شبهات فساد مالية وأخرى إدارية، إلى مستجوب إتهم عدد غير يسير من أعضاء مجلس النواب، كان أبرزهم رئيس المجلس سليم الجبوري، وصاحب طلب الإستجواب النائب عالية نصيف، والنائب حنان الفتلاوي، شيئا لم يك متوقعا، فأن تأتي متهما لتدافع عن نفسك وكثير من الملفات قد جمعت ضدك، ففجأة تتحول أنت لصاحب الهجمة السريعة المرتدة وتحقق هدفا سهلا  .
بعد هذه الفليم الخيالي، ضج المواقع الإلكترونية بما فيها مواقع التواصل الإجتماعي التي يلجأ إليها كثير من العراقيين للتفريغ عن همومهم وطرح مشاكلهم، ويكتبون فيه مشاعرهم وأحاسيسهم وطرفهم المضحكة، إمتلأت الصفحات الشخصية  بالإشادة والترحيب بما فعله العبيدي، من كشف أكبر وجوه فساد كان متسترة خلف الوجه الطائفي، وجوه لطالما كانت تخدع الناس بشعاراتهم، التي ما جدت يوما ما أي نفع للبلد سوى التصعيد والتراشق الإعلامي، التي تتزايد شيئا فشيئا مع قرب المواعيد الإنتخابية .
هل نجح العبيدي بكسب القلب الشيعي خلال مناورته، وهل ضمن التأييد الكامل من قبل الشارع الشيعي، الذي كان ناقما عليه، لتشندقه طائفيا وتخوفه منه، كان العبيدي ورقة محروقة، وقد وضعه الشيعة في دائرة الإتهام، وأي خرق يحصل أو نقص ما يسارع الناس بإتهامه، رغم إن القائد العام للقوات المسلحة هو من بيده تحريك القوات العسكرية بما فيها الجيش، وما مهمة الوزير إلا تنظيم أمور الوزارة إداريا وماليا، أي كان محدود الصلاحيات .
ضربة غير متوقعة، لعبها العبيدي بعد جولة جرت قبل الإستجواب، زار فيها بعض من القيادات الشيعية، وبعد الإستجواب زار العتبة الكاظمية المقدسة، التي يزورها الشيعة بإستمرار وخاصة العوائل البغدادية، كان إستقبالا رائعة لم تحظ فيه حتى بعض القيادات الشيعية، أطلقت الهتاف الجماهيري الشيعي للوزير "علي وياك علي"، هل إستطاع أن يفتح صفحة جديدة مع الشيعة، بعدما كان العميل المتخاذل السني، أم هناك أمر ما سيدبر له بليل، كما فعله غيره .
إن التستر على صفقات الفساد، أمر تعاقب عليه القوانين العراقية، لِمَ كان متسترا طيلة هذه الفترة، ولم كشف كل شيء بهذا الوقت بالتحديد، هل خشي أن تحرقه النار، ففضل أن يحرق بعضهم حتى لا تصل إليه النار،كلهم نفوا وهذا شيء طبيعي، فكيف اللص بعترف بسرقته من أول إتهام فهذا محال، القضاء العراقي المسيس، الذي يخضع لحزب معين، لطالما تستر وقفل كثير من الملفات المشبوه، مع من يقف هذه المرة، علما إن المتهمين من حلفاء هذا الحزب .
يبدو إن القضية، مع مرور الوقت ستتلاشى أو تضمحل، اذا ما صحح مسار القضاء العراقي، الذي لطالما نادت المرجعية بضرورة إصلاحه، حتى يقوم مسار العملية السياسية للبلد، ومحاسبة المتهمين والمجرمين، يا ترى هل سيصمد البرلمان، بعدما أصبح أضحوكة بيد الوزير، فليس من الطبيعي، أن تكشف هكذا أمور، قد أحطت من سمعة البرلمان الذي كان ولا يزال متفككا، بسبب النفوذ الذي تفرضة الأحزاب عليه