الفساد في العراق قمة المهازل |
بالرغم من ان قضايا الفساد والاستحواذ على المال العام وعقارات الدولة بكافة الطرق والوسائل، دون استثناء طريقة او وسيلة حتى وان كانت على حساب قوت الشعب ودماء ابنائه ومستقبل اجياله، ليست من الامور والمسائل الجديدة في عراقنا الديمقراطي الجديد، خصوصا بعد استلام الوطنيين والمخلصين لزمام امور الحكم في البلاد بعد 2003، الا ان جلسة مجلس النواب ليوم الاثنين ( 1/8/2016 ) التي كانت مخصصة لاستجواب وزير الدفاع خالد العبيدي تعتبر الاولى من نوعها في فضح الفاسدين علنا وبالاسماء تحت قبة البرلمان منذ تأسيسه لحد يومنا هذا، حيث لم يتجرأ غيره في فضح المستور بصورة علنية وذلك اما خوفا على حياته او خوفا على منصبه ومصالحه، لان الكل يعلم ان العملية السياسية في العراق تدار من قبل مراكز قرار قوية تسهر على حماية كبار الفاسدين وتجار الدم وتضمن بقائهم في هرم السلطة وعدم النيل منهم او حتى محاسبتهم مهما كثرت الجرائم والتهم.
شخصيا لا استغرب بوجود الفساد وحجمه في اعلى مناصب الدولة واكثرها اهمية لان الفساد بدأ من هناك اصلا، فمنذ عام 2003 وحتى يومنا هذا طالعنا مئات الوثائق والتقارير التي تؤكد نهب وسرقة مئات المليارات من اموال الشعب العراقي تحت انظار الحكومة والسلطة القضائية وهيئات النزاهة وغيرها من حارسي اموال الشعب، فقد بلغت الاموال المنهوبة في عهد المالكي الذي حكم العراق لمدة 8 سنوات فقط اكثر من 400 مليار دولار!!!، وطوال هذه المدة ورغم كل الدلائل والاثباتات ضد المسؤولين الحكوميين واشباه المسؤولين لم نتلمس او نسمع بمحاسبة او محاكمة حتى واحدا من الفاسدين او على الاقل استجوابهم رغم ان الرشوة والاختلاس والسرقة وخيانة الامانة تعتبر كلها من الجرائم يحاسب عليها القانون ويطبق عليها قانون العقوبات العراقي، بل بالعكس من ذلك تماما كان المجرم يحتفظ بمنصبه ويعلى من شأنه او يترك العراق متحديا كل القوانين والمحاكم هانئا بالمليارات التي كدسها خلال شهور من عقود زائفة مع شركات وهمية او من خلال استيراد مواد فاسدة او من اخذ نسبة من العقود المبرمة مع الشركات او من خلال تعاطي الرشوة .... وغيرها من الطرق اللاشرعية التي شاعت بين المسؤولين الجدد لنهب المال العام.
فضيحة الفساد التي فجرها وزير الدفاع خالد العبيدي ليست الاولى ولن تكون الاخيرة لان الفساد كان من اسس ودعائم الحكومات التي تشكلت بعد 2003 ومن اولى الصفات التي يجب على المسؤول ان يتحلى بها، لكن هل من الممكن ان تكون بداية لعهد جديد لسيادة القانون ومعاقبة المجرم يحاسب فيه المسؤول على جرائمه بغض النظر عن منصبه وانتمائه ودرجة قرابته من هذا او ذاك، ام ان قضايا الفساد وعمليات نهب اموال الشعب ستبقى مستمرة دون محاسبة وكل التحقيقات والاستجوابات لا تتعدى كونها مسرحيات تعرض على الشعب العراقي مجانا للتلاعب بمشاعره وعواطفه وتهدئة اعصابه، سواء كان مكان العرض مبنى مجلس النواب او رئاسة الوزراء او وزراة العدل او مقر لجنة النزاهة.
همسة:- العراق ليس بحاجة الى برلمان يكونه اللصوص والحرامية والسماسرة والقتلة يدخلونه بفضل انتمائهم الطائفي، بل الى رجال وطنيين نزيهين مخلصين للشعب والوطن لكي يعيدوا للوطن امانه وهيبته ومركزه الذي يستحقه ويعطوا الشعب ما يستحق من خيرات وحقوق.
|