اكاذيب كيربي |
الاميرال جون كيربي كان ناطقا بلسان وزارة الدفاع الامريكية ( البنتاغون ) ثم عينه وزير الخارجية الامريكية السيد كيري ناطقا رسميا باسم وزارة الخارجية . على اعتبار انه عسكري قادر على توضيح مواقف الولايات المتحدة امام الاعلام .جون كيربي هذا صرح قبل يومين بان الولايات المتحدة الامريكية تدعم السيد العبادي رئيس وزراء العراق في مشروعه الاصلاحي ، وتوسيع حكومته لتصبح شاملة لكل العراقيين . . كما اعلن انه سيتم القضاء على داعش ، تنظيم الدولة الاسلامية المزعومة في الموصل . ومن هذا التصريح يتضح لنا كيف ان الولايات المتحدة الامريكية تكذب يوما بعد اخر على لسان الناطق باسم خارجيتها . فقبل العبادي دعمت الولايات المتحدة السيد المالكي على اعتبار انه الحليف الذي يمكن الاعتماد عليه في ادارة الحكومة العراقية . وقد ظهر بعد ثمان سنوات عجاف من حكمه بانه لا حليف للولايات المتحدة ولا يمكن الاعتماد عليه في ادارة الحكومة العراقية . حيث قد ساهم بشكل مباشر او غير مباشر بضياع مليارات الدولارات دون ان يقدم اية خدمات للشعب العراقي ، او بناء مؤسسات الدولة ، او اعادة بناء البنية التحتية للعراق .ولما نقمت الولايات المتحدة على سياساته هذه قدمت العبادي باعتباره المخـلِص ، وانه سيكون رجل المرحلة من خلال خططه لاصلاح الوضع السياسي والاقتصادي في العراق . . الا انه وبعد سنتين من تصريحات ديماغوغية بالاصلاح ، اعترف اخيرا بانه غير قادر على انجاز هذه المهمة لان هناك احزاب وميليشيات تزيد على المئة اقوى من الحكومة واصلاحاتها المزعومة . فانكفأ على نفسه ، واخذ يشكو همه الى الشعب .ورغم ذلك فان السيد كيربي قد راهن عليه في تحقيق الاصلاحات . ولم يقل لنا متى واين ستكون هذه الاصلاحات المزعومة . هذا من جهة ومن جهة اخرى فان نغمة تشكيل حكومة عراقية شاملة لكل فئات وطوائف المجتمع لا زالت تتكرر ، ولم نشهد مثل هذه الحكومة متذ احتلال العراق والى يومنا هذا . والاكثر من هذا فان الولايات المتحدة الامريكية قد غزت العراق عام 2003 بدعوى تطبيق الديموقراطية . وهذه فرية اخرى لا ينفرد بها السيد كيربي فقط وانما ساهم فيها السيد اوباما نفسه الذي سار على خطى سلفه السيد بوش في الاستمرار بتطبيق التجربة الديموقراطية من خلال صناديق الاقتراع . واذا بنا نتفاجأ بان الحكومة التي افرزتها صناديق الاقتراع لا تختلف كثيرا عن مجلس الحكم سئ الصيت الذي عينه السفير بريمر . ولا زالت الاحزاب الدينية التي ساهمت في مجلس الحكم تحكمنا الى يومنا هذا باسم الديموقراطية دون تغيير .والسيد اوباما الذي كنا نعتقد بانه سيصلح الاوضاع المتردية في العراق ، والتي كان سببها الغزو المشؤوم . فاذا بنا نراه يدير الازمات واحدة تلو الاخرى بدلا من ايجاد حل ناجز لهذه الفوضى غير الخلاقة التي ابتدعتها وزيرة خارجية بوش . . ولا زال السيد اوباما الملتزم بخطى السلام قد آذى العراقيين كثيرا بتوجهاته السلمية هذه . وهو لا يدرك او لا يريد ان يدرك بان السلام بحاجة الى القوة احيانا لفرضه على دول وتجمعات لا تؤمن اساسا بالسلام فتاهت المنطقة كلها وليس العراق فقط باتون حروب اهلية ومناطقية لها اول وليس لها اخر . والولايات المتحدة الامريكية تتفرج على صراعات حزبية ودينية وطائفية تافهة ومصطنعة ، في انتظار حكومات قد تفرزها هذه الفوضى غير الخلاقة ، ولا زال الصراع مستمرا الى الان . والكذبة الثالثة للسيد كيربي هي ادعائه بمحاربة داعش ، دولة الخلافة الاسلامية المشبوهة والمشوهة ، وهو يعلم بانه لا احد يريد القضاء على هذا المرض السرطاني الذي زرع في جسم العراق بطريقة مفتعلة ، مهددين به كل قطاعات الشعب من عرب وكورد وتركمان ، شيعة وسنة ، مسيحيين وايزيدين وغيرهم ، منطلقين في ذلك على السياسة العامة المتبعة في المنطقة والقائمة على اساس لا غالب ولا مغلوب لاي جهة سياسية او قوة اقليمية . ان السيد كيربي ووزير الخارجية والمخطط السياسي للولايات المتحدة الامريكية يعرفون جيدا بان هذه التصريحات هي للاستهلاك المحلي ، الغرض منها التسويف والمماطلة في حل مشاكل العراق ، وهي مشاكل قابلة للحل . من خلال الكف عن تدخل الدول الاقليمية في الشأن العراقي ، وافساح المجال للشعب بان يختار قادته بمعزل عن التهديد والتخويف وتزوير الحقائق واثارة النعرات القومية والطائفية ، واشاعة الفساد والفوضى . ان هذه الاكاذيب والمماطلة سوف لن تستمر طويلا ، لان حرائق العراق والمنطقة قد امتدت الى اوروبا والعالم باسره ، من خلال الهجرات المليونية ، والعمليات الارهابية التي اصبحت تمثل اكبر خطر يهدد استقرار الدول وخصوصا الاوروبية منها . . وقد اصبح لزاما على امريكا واوروبا الآن وليس في اي وقت آخر تحقيق الاستقرار والوئام في العراق وفي منطقة الشرق الاوسط ، لانه الحل الوحيد لبسط السلام في العالم . وان اي تاخير في احلال السلام الناجز في العراق وفي المنطقة سوف يفاقم المشاكل السياسية والاقتصادية والمجتمعية التي يعاني منها العالم ، والتي لم يعد احد يحتمل استمرارها لفترة اطول .
|