العراق في المرتبة الثانية في سلم الدول الفاشلة بعد السودان

ما  ان انتهت  الحرب مع اسرائيل عام 1967  بهزيمة الجيوش العربية  في اكبر نكسة  شهدتها الدول العربية المشاركة في الحرب والتي تحملت مصر ثقلها الاكبر حتى بدأت  مؤسسات الانتاج السينمائية المصرية انتاج افلام  عن الحرب في محاولة منها لاعادة الروح المعنوية للمقاتل المصري الذي تزعزعت نفسيته بعد الهزيمة  ومن بين هذه الافلام  فلم " مازالت الرصاصة في جيبي " وتدور احداث الفيلم حول مقاتل هزته النكسة  وانسحب من صحراء سيناء مكسورا لكن انكساره لم يمنعه من  حمل رصاصة  بندقيته  على مدى ست سنوات استعدادا لخوض حرب اخرى يعيد فيها كرامته وفعلا تحقق حلمه بحرب تشرين عام 1973  بعد ان عبر الجيش المصري  قناة السويس  ليلقن العدو الاسرائيلي درسا ويعيد الاراضي المغتصبة  .. هذا الفيلم ذكرني  بالحرب التي اعلنها وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي على المفسدين فقد حمل هذا المقاتل  رصاصته في جيبه على مدى  فترة استلامه المنصب بانتظار ساعة الحسم  ليطلقها بوجه المفسدين وسراق المال العام  ولم يكن  هذا المقاتل الذي  شارك بشجاعة في الحرب الدائرة ضد الارهاب  في جبهات القتال  يخشى  في الحق لومة لائم  فهو عسكري  اقسم ومنذ ان  التحق في صفوف الجيش العراقي ان يكون  مشروع استشهاد دفاعا عن الوطن ..
 كانت رصاصة العبيدي التي اطلقها في الهدف فقد اصاب بها مقتلا  وقد احدثت  مكاشفته  للراي العام بما يجري من مساومات من قبل مسؤولين  لسرقة قوت الجيش العراقي  زلزالا داخل قبة البرلمان الكل يبريء ذمته من هذه الاتهامات  لكن العبيدي بقي هادئا والابتسامة  ظاهرة على وجهه  تؤشر قوة المنتصر على المهزوم  الذي بدأ يلوح  بان  هذه الاتهامات لا اساس لها من الصحة وان العبيدي اختلقها من محظ خياله  ليبريء ذمته  من  اتهامات موجهه له  .. ورغم ان وزير الدفاع العراقي قد وضع الكرة في ملعب الجهات القضائية الا ان هدفه  كان في الصميم  حيث لم يتمكن الفريق المقابل صد هجومه  بعد ان وضع الكرة في الهدف بضربة  قوية  افقدت حامي الهدف اتزانه .. وما ان استقرت الكره في قلب الهدف حتى علا صياح الجمهور المشجع للعبة  وبدأ يلوح بعلامات النصر للعبيدي  خلال زيارته  بعض المناطق في بغداد حتى ان  البعض من غير طائفته بدأ يهتف له " علي وياك علي " وهو مؤشر يؤكد ان العبيدي لم يعد لاعبا تقليديا في اللعبة بل تجاوز كل الحدود والسدود  وتخطى الملعب ليكون لاعبا دوليا  لا بل اصبح بطلا قوميا  تناقلت بطولاته القنوات الفضائية  ..

وقد وضع المشككون  باندفاع وشجاعة  هذا الوزير علامات استفهام البعض قال انها مسرحية  يدير خطوطها في الخفاء  شخصيات سياسية  تعمل وفق اجندة خارجية والبعض الاخر يقول ان جولات العبيدي الى مناطق بغداد  تندرج ضمن اجندة تعدها  الولايات المتحدة الامريكية  لايجاد بطل قادر على ادارة السلطة في البلاد  بدلا من  للنظام الحالي  .. 
ومهما قيل او يقال فان رصاصة الرحمة التي اطلقها العبيدي  على صدر المفسدين  كانت  في الصميم  وخلقت اجواء من  الهرج والمرج  لن يخرج احد منها سالما  خاصة وان  تلاحم الشعب مع الجيش هو تلاحم مصيري .. وفي كل الاحوال فان تداعيات استجواب وزير الدفاع  خالد العبيدي داخل قبة البرلمان  وكشفه ضلوع شخصيات سياسية  بعمليات فساد مالي تثير الكثير من التساؤلات  في الشارع العراقي .. خاصة وان المواطن قد  سأم  عمليات التسويف والمراوغة  التي تنتهجها الحكومة في محاسبة المتهمين بعمليات الفساد .. حيث ذكر تقرير لهيئة النزاهة العراقية ان هناك ما يقارب 7000  قضية فساد اداري تتوزع في 10  وزارات ومؤسسات متهمة بالفساد بينها وزارة الداخلية وفيها 736 حالة فساد والتجارة تعاني من 99  حالة  ووو ..  ويتسائل العديد من المراقبين عن الجهات التي تقف وراء الفساد الاداري والهدر في الاموال العامة .. هذا السؤال اجاب عليه وزير الدفاع خالد العبيدي خلال جلسة الاستجواب  .. 
ومهما قيل ويقال فان الايام القادمة حتما ستكشف  العديد من المفاجآت  والمفارقات  والقضاء العراقي هو الذي سيحدد صحة او خطأ  ما كشف عنه وزير الدفاع  وهو الذي سيحدد  المستقبل السياسي  للعراق خاصة وان  الشعب متحفز  لوضع نهاية للمفسدين سراق المال العام  وما يعزز  هذا الاعتقاد  ما كشفته التقارير والأبحاث الدولية مؤخرا التي تضع العراق في مرتبة دنيا في سلم الدول المبتلية بهذه الآفة الخطيرة  ففي جداول الفساد في العالم التي تصدرها منظمة الشفافية العالمية يظهر العراق في المرتبة ما قبل الأخيرة للدول كما أنه يقف في المرتبة الثانية في سلم الدول الفاشلة  بعد السودان والمتضمن تقييم الأوضاع في 177 دولة وفق معايير ومؤشرات اقتصادية واجتماعية وأمنية.