ما السبيل الى انتخابات عادلة 2017:2018 ؟ أهمية النظام الانتخابي في الانتخابات المقبلة (الحلقة الثانية)

 

قبل الولوج في مضامين النظام الانتخابي ونوعه وأهميته في الانتخابات العراقية وهو الذي يُشَّكِل العمود الفقري لقانون الانتخابات ، أود أن أعرض بعض التساؤلات التي غالبا ما ترد على ألسنة الناخبين ، ولكنها للأسف تُطرح إلا بعد إعلان نتائج الانتخابات وحصول المرشحين على مقاعدهم في المجالس المنتخبة سواء في المجالس المحلية أو البرلمان. وفي مقدمة هذه التساؤلات :-

  • - لماذا لم يحصل المرشح الذي أدليت له بصوتي على مقعد على الرغم من انه حاز على (20000) ألف صوت ، في حين حصل مرشح آخر من نفس الدائرة الانتخابية (المحافظة) على مقعد مع انه حاز على (1000) صوت فقط ؟
  • - لماذا لا تتغير أغلبية وجوه ممثلي دائرتي الانتخابية (المحافظة) ، في كل دورة انتخابية رغم تصويت العدد الأكبر منم الناخبين لغيرهم من المرشحين ؟
  • - لماذا يجد أغلبية الناخبين أنهم ليسوا في تماس مباشر مع ممثلي دائرتهم الانتخايبة بعد الانتخابات ، بل ولا يلتقون بهم مطلقا طيلة الدورة الانتخابية ؟ 

الجواب ببساطة يعود بنسبة كبيرة الى طبيعة النظام الانتخابي المطبق في الانتخابات المحلية والبرلمانية العراقية منذ عام 2005 ، الذي لا يحقق العدالة لدى تحويل الأصوات إلى مقاعد في مجالس المحافظات ومجلس النواب. في حين ان النظام الانتخابي يُعَّرف بأنه " آلية ترجمة أصوات الناخبين الى مقاعد في المجالس المنتخبة "، وهو الذي يتحكم في صورة وملامح المشهد السياسي الذي يعقب إجراء الإنتخابات فيما يتعلق بإتاحة الفرصة لهيمنة حزب سياسي معين على السلطة ، أو انه يقود إلى تشكيل حكومة ائتلافية ، وقد يؤدي النظام الإنتخابي ، إما إلى تجديد الحياة السياسية ، أو جعلها أسيرة حالة مزمنة من الشلل والجمود. لذا ينبغي دراسة مدى ملاءمته للواقع السياسي ، بالإضافة إلى مدى شرعيته والقبول العام به.

فعلى سبيل المثال يعمل النظام الانتخابي في العراق على دعم مرشح كتلة كبيرة حصلت على عدد كبير من الاصوات ، بالحصول على مقعد حتى وإن لم يحصل على (1000) صوت مثلا وهكذا بقية المرشحين الذين يحصلون على (2000 أو3000) ولم يصلوا الى العتبة الانتخابية او ما يطلق عليه بـــ (سعر المقعد الانتخابي ) ضمن الدائرة الانتخابية ، وذلك لأن النظام الانتخابي يوفر لهم خاصية توزيع أصوات عدد من المرشحين من الفائزين بعدد كبير من الأصوات تتخطى العتبة الانتخابية - وهم قليلون جدا وخاصة رؤوساء الكتل الذين لديهم كاريزما تؤهلهم للحصول على أصوات وصلت في الانتخابات الماضية بين (100000 – 800000) ألف صوت - ضمن قائمتهم الانتخابية فيما بينهم حيث جري توزيعها على بقية المتنافسين ضمن كل قائمة انتخابية.

لقد جرت عدة تعديلات طفيفة على النظام الانتخابي الذي إعتُمِدَ منذ أول انتخابات جرت مطلع عام 2005 حيث أتُبعَ النظام النسبي باستخدام القائمة المغلقة والدائرة الانتخابية الواحدة على مستوى العراق ، الذي ما لبث ان تبدَّلّ الى إعتماد المحافظة كدائرة إنتخابية منذ انتخابات مجلس النواب 2005 ، وكانت صيغة الباقي الاقوى هي المعتمدة في توزيع المقاعد ، ثم تم الانتقال الى النظام النسبي باعتماد القائمة شبه المفتوحة منذ انتخابات مجالس المحافظات عام 2009 والانتخابات اللاحقة لها ، في حين إعتمدت إنتخابات مجالس المحافظات 2013 على صيغة    (سانت ليغو) لأول مرة ، كذلك أُعتمدت القائمة شبه المفتوحة في انتخابات مجلس النواب 2014 ، مع الانتقال الى صيغة (سانت ليغو المعدلة) في هذه الانتخابات، مع ذلك فانه لم يلبِ رغبة الناخبين كونه يضمن إعادة انتاج السلطة بنسبة كبيرة.

في أول انتخابات جرت عام 2005 ، إرتأت اللجنة الانتخابية التي عملت على اختيار النظام الانتخابي والتي تضم خبراء دوليين ، أن نظام التمثيل النسبي هو الاكثر ملائمة للواقع العراقي وللاسباب الآتية :

  • الشمولية في التمثيل.
  • بسيط وشفاف.
  • لا يستلزم  بيانات إحصاء سكاني.
  • أفضل للنساء والأقليات.
  • يشجع على تشكيل تحالفات واتخاذ مواقف معتدلة .
  • يسمح بالتمثيل المحلي.
  • الأكثر تجنباً للمشاكل الأمنية، كما يقلل من تأثير العنف السياسي الموجه
  • الأكثر ملائمة للتصويت خارج البلد.

من وجهة نظرنا ولغرض تحقيق انتخابات أكثر عدالة في العراق ، يمكن تعديل أو تغيير النظام الانتخابي من خلال خيارين ، أولهما : الابقاء على إعتماد نظام التمثيل النسبي ولكن بالانتقال الى إعتماد " القائمة المفتوحة غير المحدودة " بدلا من "القائمة المفتوحة المحدودة " المعمول بها منذ انتخابات 2009 ، ومن تلك " القائمة المغلقة" التي أُعتمدت في إنتخابات 2005. حيث ان القائمة المفتوحة غير المحدودة سوف تُلزم الناخب بالتصويت الى مرشح في القائمة التي يجب أن يختارها وجوبا لدى التصويت للمرشح ، ولا يعطي له حق التصويت للقائمة فقطكما هو في " القائمة المغلقة" أو للقائمة والمرشح كما هو الحال في " القائمة المفتوحة غير المحدودة ". 

اعتماد  نظام الفائز الأول الذي يعد من أبسط أنظمة التعددية/الأغلبية، حيث يمكن استخدامه ضمن دوائر انتخابية أحادية التمثيل. وهو نظام يتمحور حول المرشحين الأفراد ، إذ يقوم الناخب باختيار واحد فقط من مجموع المرشحين المدرجين على ورقة الاقتراع. وببساطة، فإن المرشح الفائز هو الحاصل على أعلى عدد من أصوات الناخبين

وهنالك رأي يميل الى اعتماد النظام المختلط الذي يجمع بين نظام التمثيل النسبي ونظام الاكثرية . سوف نتناولها في مقالة لاحقة

هذه الخيارات المطروحة لتغيير النظام الانتخابي تكتسب اهمية بالغة ينبغي على السلطة التشريعية والكتل السياسية ان تعمل على مناقشتها لدى تديل قانون الانتخابات المقبلة ، مع اننا نلحظ ان مجلس النواب طرح منذ عدة اشهر مشروع تعديل قانون مجلس النواب للنقاش في اللجنة القانونية في المجلس المُعَّد من قبل أحد السادة النواب ولكنه غض النظر عن تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم (36) لسنة 2008 المعدل على الرغم من أهمية تعديله ولاسيما بعض من مواده وفي مقدمتها تلك المتعلقة بالنظام الانتخابي وصيغة سانت ليغو التي أُعتمدت في الانتخابات المحلية سنة 2013 ولكنها عُدِلَت في انتخابات مجلس النواب 2014 الى صيغة سانت ليغو المعدلة، فضلا عن مواد اخرى ينبغي تعديلها في القانون

ومن الجدير بالذكر ، تُعَّد انتخابات مجالس المحافظات المقبلة ذات أهمية كبيرة في واقع العراق السياسي والخدمي ولاسيما في المرحلة القادمة ، بعد ان مُنِحَت تلك المجالس مهام اضافية وفقاً للتعديل الثاني لقانون المحافظات غير المرتبطة بإقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل ، وارتباط عدد من الوزارات الخدمية بهذه المجالس منذ شهر آب 2015 الذي شهد نقل الصلاحيات الذي حدده مجلس النواب بحكم القانون