محمد صادق الصدر ، دماء تضيء حدود المشهد ....!

ظهور الزعيم الديني محمد محمد صادق الصدر في تسعينات القرن الماضي كان ظهورا ً استثنائيا ًواشكاليا ً بلا شك ، لأن الدكتاتورية في أعتى إنفلاتها والخوف يستتب عند الجميع، والمرجعية الشيعية آنذاك استسلمت في قصر صدام وهي تمجد به على نحو فج . وسط هذا التصحر والرعب وانهيار الثقة والأمل ، يطلع نجم هذا الأشيب الأسطوري معيدا ً سطوة الإمام الروحي وحكاية الأبطال الأسطوريين الذين يخرجهم التاريخ بأستثناء مدهش وعجيب ...! وكان الصدر متوثبا ًبأعلى طاقة للثقة والبسالة وروح الإيمان وهو يندد بالثلاثي المحظور عراقيا ً وعالميا ً ..{ كلاكلا امريكا .. كلا كلا اسرائيل .. كلا كلا للطغيان }. ترجمة وافية لتحدي سلطة الطاغية صدام . محمد صادق الصدر مركز تجمع الضوء والفقراء والحكمة وروح الثورة ، جاء ليشطب على صورة رجل الدين المتوارثة ميكانيكيا ً في صعود المنبر بمواسم عاشور لينعي ويبكي الموجودين في حكايات تتكرر منذ ألف عام بلا جدوى ، بل هي تحطم معنويات الجموع وتضعها في بورصة الإستسلام والوهم الغيبي ....! جاء الصدر ليجعل من رجل الدين ثورة ثقافية وجمالية متماهية مع المجتمع ، ينزل من منبر النواح الى شوارع الهم ومنعطفات الأحزان حيث يعيش الفقراء والمهمشون والمستضعفون ، تكرار مماثل لسيرة الصالحين وآل البيت والقديسين سلام الله عليهم جميعا ً...!   تجمعت ملايين الناس الباحثة عن المنقذ الناطق وليس الأخرس المنتفخ ، فيؤسس مدرسة جديدة ،حوزة دينية وطنية تحمل شرعية الصوت الشعبي المضطهد والرافض للذل وللطغيان في منظومة مفاهيم تدمج  رجل الدين  بالمجتمع ويكون رأس النفيضة في مشروع التغيير ، جاء الصدر ينشر تقاليد 



أنماط حداثوية في التعاملات التي تنزع روح المحافظة التقليدية ، وتتوغل في عمق المجتمع ومشكلاته وانتاج الحلول بأجتهاد إصلاحي بنائي غير متعال ..!
اختصار حكاية هذا الشهيد العظيم محمد صادق الصدر في سطور معدود لاتفي البطولة حقها ، لكني اردت تأكيد حقيقة أن الشهداء والعظماء يرسمون حقيقة وجودهم وخلودهم بمداد الدم،وجعل الموت مرتبة أخيرة بمسار الخلود ..! هكذا استشهد الصدر و يعلم أنه ذاهب الى هذا الحتف ، كأنه يعيد قراءة المشهد الذي عاشه قبله الأمام الحسين بن علي، ولسان حاله يقول بموتي ينتصر الحق وتخلد الرسالة ...! هنا سقطت النزعة الإشكالية التي أحيطت بهذا الأمام الأبيض الذي ملئ الدنيا وشغل الناس ودوخ أشرس سلطة طغيان .
   الرجال الأفذاذ من مستوى الصدر الشهيد ، يترك المجرمون القتلة  بحراجة المواقف ، فلم يعلنوا مسؤوليتهم عن هذه الجريمة الوطنية والإنسانية، أنهم يخافون ويرتعبون من ذكر أسمه ، لأنه لم يكن جسدا ً مسجى في قبر مضيء، بل رمحا ً للثورة وسلطة الحق ينتصب في عقول وافكار ملايين الناس .
  المجد والخلود للشهيد العظيم محمد صادق الصدر ... وكم أتمنى أن يتأمل الصدريون قيادات وجماهير ، يتأملوا كيف عاش الصدر وكيف مات وكيف بقي خالدا ً