المنح الدولية للنازحين والخدمات

قبل ايام عقد مؤتمر دولي لدعم النازحين في البلاد واعادة اعمار المناطق التي دمرها تنظيم داعش الارهابي، وحصل العراق على منح قدرها ملياري دولار من اجل ذلك .. وهو مبلغ فاق توقعات وتقديرات الحكومة العراقية.
ان هذا المبلغ يتيح حرية في تخفيف معاناة النازحين وتوفير بعض المستلزمات لهم في مخيمات النزوح او تسهيل عودتهم الى مناطقهم التي ازيحت منها سيطرة عصابات داعش.
الواقع اذا ما اردنا تحقيق هذا الهدف الكبير ومواجهة التحديات والمشكلات التي تعاني منها مناطق مسرح العمليات العسكرية يجب ان يتوجه جل هذا المبلغ لاعادة الاعمار وتأهيل المناطق المتضررة كي تتمكن مئات آلاف  الأسر من العودة الى مدنها واحيائها، وهذا لا يتم الا باعطاء الاولوية الى تعمير البنى التحتية من الخدمات، لاسيما المياه الصالحة للشرب والكهرباء والصحة وقبل ذلك ازالة الالغام وتقديم تسهيلات من الدوائر الحكومية لاعادة بناء المنازل المدمرة.
ان عودة النازحين السريعة بحد ذاتها توفر موارد مالية لا يستهان بها تصرف الآن عليهم في المخيمات الوقتية هذه الموارد المالية يمكن ان تكون اكثر تأثيراً اذا انفقت على ما اسلفنا.. والاهم من ذلك انها تنشط حركة السوق المحلية والطلب على مختلف السلع التي تحتاجها عملية اعادة الاعمار والبناء، الى جانب انها توفر فرص عمل للعاطلين بما في ذلك النازحين منهم اذا ما تمت اعادتهم لكي يسهموا في حملة التأهيل.
ان المسائل مترابطة مع بعضها والتخطيط الدقيق والتنفيذ والمتابعة الرصينة كلها عوامل تفعل الحياة الاقتصادية في هذه المناطق مع الجوانب الاجتماعية والنفسية وغيرها من عوامل الاستقرار واستئناف الحياة الطبيعية
ان المبلغ الذي منح للعراق كبير جداً ويمكن ان يتضاعف تأثيره اذا ما احسن استغلاله واقتصد فيه وحرم التبذير والهدر منه الى جانب الانتباه الى الفاسدين الذين يتربصون ويستعدون الى القضم منه من خلال المقاولات والتعهدات التي تحال عليهم.
لا يكفي ان تكون هناك رقابة حكومية ورسمية والاتكال عليها لوحدها، فهم لديهم الخبرة في كيفية اختراقها، لذلك على الحكومات المحلية ان تفعل الرقابة الشعبية، وان تكون كل المسائل المتعلقة باعادة الاعمار والتأهيل والبناء شفافة وسهولة الوصول الى المعلومات عنها.. ان اشارة الشعور بالمسؤولية على المستوين الرسمي والشعبي في غاية الاهمية للحفاظ على المال والتنفيذ الجيد للاعمال والانشطة الاقتصادية ومنع الفاسدين من الوصول الى هذه المنح التي هي ملك لجميع المواطنين في المناطق المدمرة  واخيراً نشير ان هذه الرقابة لابد ان تمتد الى المؤسسات الدولية التي يشترط بعضها ان تكون المنح الدولية عن طريقها فهي ليست نزيهة دائماً والبلاد شهدت فساد بعضها وبمساعدة من جهات محلية اذا ما ترك الحبل على الغارب ومن دون رقابة شديدة تغطي كل مراحل العمل.