الناقة والجمل |
لم يعد هناك شأن لا شأن لك فيه.كل الشؤون اصبحت شاغلة للذهن والسلوك، فلا ينبغي لك ان تتغافل عن اي شيء يجري حولك. هكذا اوصيت نفسي. واولئك الذين يقولون لا ناقة لي فيه ولا جمل، انما هم المترددون الخائبون الخائفون الذين يعتقدون انهم بذلك انما يطلبون لانفسهم السلامة.ولا سلامة لأولئك. انت وانا ونحن جميعاً معنيون بما يجري من حولنا، على اي صعيد كان. في المجتمع والتربية والاخلاق والسياسة والاقتصاد، وكل ما له علاقة بك وبأهلك وبمجتمعك. لا شأن لك بالامر. حسناً. ولكن تعيش على هذه الارض وتأكل من خيراتها وتعمل فيها فكيف لا يكون لك شأن بما يجري من حولك. هل تسكت على الاساءة التي توجه اليك. هل تنام قرقر العين والكلاب تنبح حولك من كل حدب وصوب. هل تضحك ملء شفتيك والحزن يغلف روحك من كل اتجاه. هل ترضى بان يدنس وطنك الغرباء ذوو العقول المريضة الذين يرومون كسر ساعديك وقدميك. ان لك شأناً في كل شأن ومقولة (لا ناقة لي فيها ولا جمل) مقولة مرفوضة من كل ذي عقل منصف وتزن وصاحب موقف اخلاقي. فليكن اذن شأن في كل شأن. ودع هذه المقولة لاصحابها المرتجفين الخانعين الغافلين الجبناء انت وانا ونحن مركز الدائرة وقطبها وجدرانها السميك. فلا ينبغي لك ان تسكت وانت ترى شخصاً يدفع رشوة لموظف ما لكي يسرع في انجاز معلملته. ولا ينبغي لك ان تساعد على استشراء الفساد حين تغض الطرف عما تراه يقيناً من فساد. ولا ينبغي لك ان تخالف القوانين والانظمة لان في داخلك نزعة للمخالفة. وعليك ان تساعد ذوي الشأن على تحقيق طموحات المواطنة الحقة. والا فان العار سيتلبسك، من فروة راسك حتى اخمص قدميك. نعم، لك في الامر ناقة وجمل. ولك في الامر عزاً وكرامة وذاتاً تأبى الذل والهوان. وسوف تجد الى جانبك المئات بلا الالاف ممن يسعون كما سعيت وينتهجون كما انتهجت، طريقاً لتحقيق المواطنة الصالحة. ليس الامر صعباً البتة. انه امر هين بسيط، فاناقة ناقتلك والجمل جملك، ولا احد يزيد عليك في ذلك. فالشأن شأنك، وكل ما يدور حولك يصب في نهر حياتك، فلا تدع النهر يبوساً لا ماء فيه سوى الاشنات. دعه يمتلئ بالماء العذب الزلال.
|