الطلاق قنبلة موقوتة تهدد التركيبة الاجتماعية

 

لا يمكن دراسة ظاهرة من الظواهر الاجتماعية دون الاخذ بالمؤثرات المحيطة، لان وجود هذه الظاهرة هو نتاج مجموعة متغيرات ومؤثرات تنعكس سلبا او ايجابا على المجتمع.

وبالحديث عن الطلاق الذي يعد من المشكلات الاجتماعية الخطيرة التي لا يتم التطرق اليها كثيرا، وهو شبه مغيب من قبل وسائل الاعلام وحتى مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات التي تعني بشؤون المرأة، ومؤسسات الدولة والشخصيات الاجتماعية، رغم ان المشكلة تخص الجميع، ولها تأثير مباشر على الجميع.

لذا كان لا بد من الوقوف على هذه الظاهرة الخطيرة ومعرفة الاسباب والظروف التي تؤدي الى زيادة انتشارها، حتى يمكننا وضع علاجات ناجعة ومؤثرة. لأنها تؤثر على الاسرة التي هي نواة المجتمع وعموده الفقري، وبدونها سيتعرض التركيب السكاني للهدم والتخريب ثم الانهيار، مما سينعكس على الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بصورة عامة.

وعلى عجالة سنتطرق الى نسب الطلاق في بعض الدول العربية كما اوردتها مراكز التعبئة والاحصاء العربية

السعودية

 وفقاً لإحصائيات وزارة العدل في المملكة لعام 2015، فان 7 - 8 حالات طلاق تحدث في السعودية كل ساعة، أي نحو 188 حالة يوميا. هذه النسبة لم تختلف عن إحصائيات 2014، التي سجلت 4 حالات طلاق كل نصف ساعة، عدا حالات الخلع، وقضايا الانفصال أمام المحاكم.

 مصر

أظهرت الأمم المتحدة في إحصائية لها، أن حالات الطلاق في مصر وصلت إلى 20 حالة في الساعة الواحدة، ما يعادل 170 ألف حالة سنويا.

سجلت مصر حالة طلاق كل 6 دقائق خلال عام 2013، أي 240 حالة طلاق يوميا. ووفقا لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء، وصل عدد المطلقات عام 2014 إلى مليونين ونصف المليون.

تونس

رغم أن تونس تسجل 1000 حالة طلاق شهريا، وفقا لمركز الإحصاء الوطني التونسي، أي نحو 4 حالات كل 3 ساعات، فإن هذا الرقم يعد كبيرا هناك، نظرا لأن المجتمع التونسي لم يتجاوز 12 مليون نسمة.

الجزائر

أعلنت وزارة العدل الجزائرية ارتفاعا ملحوظا في حالات الطلاق في البلاد وصل إلى 60 ألف حالة سنويا، أي حالة كل 10 دقائق. وكشفت الإحصائيات عن 100 ألف طفل جزائري يقعون ضحايا بسبب انفصال الآباء.

الأردن

 وصلت حالات الطلاق في الأردن إلى نحو 15 ألف حالة، بزيادة سنوية 1000 حالة، وفقا لتقديرات دائرة الإفتاء.

وللأسف وحسب الاحصائيات نجد ان معظم الدول العربية تتسابق لتسجل معدلات قياسية في حالات الطلاق

ويمكن اجمال اسبابها ببعض النقاط

سهولة الزواج للمرة الثانية إذا أراد الزوج، كما كان الأمر سهلا في المرة الأولى.

ضرب الزوج لزوجته وإهانتها.

الغيرة الزائدة وعدم تقبل الزوجة او الزوج لطبائع واخلاق بعضهم البعض.

الزواج خلال فترة قصيرة من دون فترة تعارف مناسبة للطرفين.

انتشار البطالة وتردي الوضع الاقتصادي للزوج مما يؤدي الى ضيق بالعيش يتبعه تذمر من   الزوجة مما يخلق مشاكل كبيرة.

انشغال الزوجين وتأثرهما بمواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا أن تواصل الأزواج مع آخرين عبر الانترنت يثير الغيرة والشكوك التي تؤدي إلى مشاكل اسرية تصل الكثير منها الى الطلاق في نهاية المطاف.

تأثير المسلسلات والدراما التي تظهر الصورة الوردية للأزواج.

سهولة الطلاق في بعض الدول، حيث يتم عن طريق البريد الإلكتروني او رسالة اس ام اس.

انتشار الخيانة الزوجية بصورة ملفتة.

ضبابية وعدم فهم من كلا الزوجين لمفهوم حقوقهم وواجباتهم اتجاه بعض.

تدخل الاسر من طرف الزوج او الزوجة، مما يؤثر بالسلب على علاقة الزوجين.

العراق انموذجا

نسبة حالات الطلاق في المجتمع العراقي ارتفعت، بسبب عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية، عرفها العراق خلال السنوات القليلة الماضية، رافقها نقص في الوعي الثقافي والاجتماعي للأزواج، مع موجة انفتاح كبيرة بعد عام 2003، والتي ساهمت بشكل أو بآخر في تبدل الكثير من المفاهيم الاجتماعية.

ومن خلال شهادات بعض المحامين اكدوا ان حالات الطلاق في محاكم الاحوال والمواد الشخصية تتم عن طريق المخالعة، حيث يأتي الطرفان، وهما متفقان على الطلاق، مقابل تنازل الزوجة عن جميع حقوقها أو بعضها، بحسب الاتفاق بينهما.

وتشير الأرقام الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى إلى أن دعاوى الطلاق لعام 2004 كانت 28 ألفا و689، ارتفعت إلى 33 ألفا و348 في 2005، ثم ارتفعت مجددا إلى 35 ألفا و627 في 2006، وارتفعت مجددا في العام 2007 إلى 41 ألفا و536 حالة طلاق ثم ارتفعت. وحققت نسبة الطلاق انخفاضا في الأشهر الأولى من العام 2008، إلا أنها عادت لترتفع في العام 2009 بواقع 82 ألفا و453 حالة طلاق وفي عام 2010 ارتفعت لتكون 113الفا و312 ازدادت في عام 2011 الى 133الفا و869 حالة وفي سنة 2012 كانت الحصيلة 160الفا و260 حالة طلاق. وفي عام 2013 وصل العدد إلى أكثر من 160 ألف حالة طلاق.

كما سجل عام 2015، 52 الف حالة طلاق مقابل 23 الف حالة زواج وهي نسبة منخفضة اذا ما قورنت بالأعوام الماضية.

كما سجلت، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي 15 ألفا و136 حالة طلاق.

الحلول الممكنة

تفعيل مسؤولية مؤسسات المجتمع، فهي معنية بالدرجة الأولى ببث الوعي وتثقيف الشباب عن الزواج ومسؤولياته، وفهم اهمية الاسرة وكيفية الحفاظ عليها وكيفية تعامل الزوج مع زوجته وبالعكس، ونشر توعية حول تربية الاطفال لبناء لبنة مجتمع شاب وفعال ذو اسس رصينة.

تفعيل مسؤولية الاسرة التي تحمل الجزء الاكبر لتثقيف الشباب المقبلين على الزواج على مسؤولياتهم اتجاه بعضهم وتحمل تبعات تلك المسؤولية.

وضع خطة من الدولة لاستيعاب الشباب في وظائف حكومة وتشجيع القطاع الخاص، لتلبية متطلبات حياتهم، فمن اهم اسباب الطلاق كما ذكرنا هو عدم وجود عمل للزوج او الزوجة مما يدفع الزوجين لفقد السيطرة على أعصابهم أمام متطلبات العائلة التي لا تنتهي، فيجعلون الطلاق سبيلا خروجهم من هذا التوتر العصبي.

تشديد العقوبات بحق الزواج المبكر، حيث لوحظ ان اكثر حالات الطلاق تقع لمن هم بإعمار دون الـ25 سنة وهناك من لم يبلغوا الـ 20 عاما، حتى وصلت بعض الحالات الى عمر السادسة عشر.

انشاء جمعية او مؤسسة مختصة لتدريب وتعليم المقبلين على الزواج وحتى المتزوجين، بهدف توعيتهم وتثقيفهم في العديد من القضايا الاجتماعية والصحية والجنسية التي تساهم في بناء الأسرة.