لست من الذين يدعون الفهم في إدارة الحكومات او التعامل كرجل دولة ... لست منظرا اقتصاديا او عالما من علماء السياسة او خبيرا في حل الأزمات او حتى فتاحا للفال ...! و لكنني مواطن بسيط أتدبر وضعا متأزما في بلدي و احاول الا اكتفي كسائر القنوات الفضائية و المنابر الإعلامية و الاقلام الصحفية في انتقاد الوضع فقط و إشعال النيران تحت قدور الضغط العالي التي تغلي بفورة مآسي المواطنين . حتى لقد أصبحنا الأفضل بين كل دول العالم في فن النقد و حصدنا كل جوائز التشهير و التعليق و تقليب المواجع . لن أكون ككل هؤلاء الممتازين في الهجوم لأجل الهجوم و لن اصبح كنظرائهم من البارعين في خطط الدفاع كرامة لعيون الدفاع . سأبدأ في حديثي البسيط عن مشاكل بلدي بمجموعة نقاط رئيسية
اولا ان من اهم شروط الإصلاح في اي دولة تريد ان تصبح مدنية هو تغيير قانون الانتخابات فيها خصوصا اذا كان هذا القانون معطوبا و قد ثبت فشله بالتجربة . غيروا قانون الانتخابات الى نظام الصوت الواحد أسوة بدول عديدة ابرزها بريطانيا و هو نظام ينتخب فيه النائب مباشرة عن دائرته بقدر ما يحصل عليه من الأصوات بدون انتخاب لقوائم و بدون تمثيل نسبي و عندها سيُصبِح المرشح على تماس مباشر مع ناخبيه و سيخطب ودهم لان الانسان بطبيعته يحترم من يأتي به الى كرسي المنصب و في حالتنا الان كل النواب يحسبون الحساب لقوائمهم و كتلهم لانها من أتت بهم و هكذا أصبحوا مجرد نسخ مكررة من زعماء كتلهم اما في حالة التعديل فسيصبح للنائب استقلاليته التي يستمدها من شعبيته .
ثانيا : ما يزال العراق يئن من قوانين و بيروقراطية النظام السابق .. ما تزال الكثير من القوانين كما هي رغم ان التجربة اثبتت فشلها مثلا قانون المدير العام الذي يبقى بدرجة مدير عام و لا يمكن للدولة تنزيل درجته فإما ان تقاعده او تنقله الى منصب اخر بدرجة مدير عام . هذا القانون صدامي و من عهد المقبور و قد كلّف الدولة ملايين الدولارات كرواتب و ميزانية تشغيلية و لم يفكر اي رئيس وزراء او وزير او برلمان بأعادة النظر فيه و نتيجة له اصبح لدينا جيش جرّار من المدراء العامين العاملين و غير العاملين و أصبحت الحكومة غير قادرة على سلب صفة الدرجة الخاصة عن هؤلاء . لم يتحرك اي برلمان و منذ سقوط الصنم و لغاية اليوم باتجاه مراجعة علمية دقيقة للقوانين السابقة بل انشغل البرلمانيون بمناقشة حصص كتلهم السياسية في الحكومات المتلاحقة
ثالثا : هل يستطيع حيدر العبادي او نوري المالكي او الجعفري او حتى علاوي ان يحدثني عن برنامجه الحكومي محسوبا بمعدلات دقيقة للنمو و بإحصائيات دقيقة الأرقام عن مشاكل الدولة و كيفية معالجتها بالارقام ايضا و ماهي السبل التي تتبعها الحكومة و تتنبأ من خلالها عن زوال او تقليص مشكلة معينة بالارقام الفعلية و برياضيات حقيقية لا مجرد إحصاءات بائسة ملفقة تلفيقا كحال بحوث الكثير من الجامعات و الأكاديميون يعرفون ما اقصد هل يستطيع جمهور المعارضة و تيارها المدني او الديني ان يخبرني و بخطوات عملية ما هي خططه لتقليص الإنفاق الحكومي و زيادة الاستثمار و تغيير مؤشر الفساد و رفع معدلات التنمية و خفض عجز الموازنة لو هي بس همبلة سياسية اريد أرقاما حقيقية و معادلات و برامج حقيقية لا شعارات انشائية هل هناك وزارة تخطيط فعلا ؟؟؟! هل هناك مخططون ستراتيجيون فعلا ؟؟؟ هل هناك احصائيات فعلية عن معدلات الجريمة و البطالة و الأمية و هل هناك برامج فعلية للتنبؤ بما ستؤول له هذه المعدلات بعد اربع سنوات مثلا هل تم مناقشة هذه البرامج التفصيلية بالارقام امام البرلمان و هل تم متابعتها من قبل المسؤولين عن ذلك ان وجدوا !؟؟؟
رابعا : هل التفت احدهم الى منع ما اسميه بيروقراطية هيئات النزاهة التي تضيع الآلاف من الدقائق و التحقيقات في مطاردة موظف اصدر أمرا بمكافأة لمرؤوسه قدرها خمس و عشرون الف دينار فإذا بهيئة النزاهة تطارده و تصرف على التحقيق في القضية مبلغا يعادل أضعاف هذا المبلغ جهدا و وقتا و ورقا و احبارا و محامين و ادعاءا و شهودا و و و و الخ هل تم تبني سياسة الأولويات في القضاء العراقي و حساب الجدوى الاقتصادية من مطاردة قضية فساد صغيرة او حتى كبيرة ؟؟!
خامسا : هل صار بإمكان المواطن ان يحاسب الدولة اذا تغولت عليه و اضاعت له حقا فيرفع عليها قضية و ينصفه القضاء من وزارة اضاعت له معاملة او وزير تسبب له بضرر معنوي او مادي نتيجة للإهمال و التقصير دون ان ( ينشلع گلبه و گلب الخلفوه ) .
سادساً : هل تم متابعة مقدار الوفاء بالوعود الذي تعهدت به كتلة انتخابية ما فازت باصوات من وعدتهم او هل سمعنا عن كتلة او مرشح قدم لنا برنامج يتضمن وعدا او وعدين انتخابيين يستطيع تحقيقهما بدلا من قائمة طويلة من الشعارات الجوفاء التي تصور لك انهم سيدخلوك الجنة
سابعا : هل تمت العدالة الاجتماعية بين كافة أركان و موسسات الدولة الحكومية ترى أمامك زميلين في مقعد الدراسة في كلية الهندسة احدهما يتعين في شركة النفط لانه ( جايب واسطة ) و الاخر يتعين في الماء و المجاري و انظر الى الفرق في المخصصات و الضمان و السعة الاقتصادية و كأن النفط نفط موظفي الشركة فقط و اللي يشتغل بالمجاري أهله لا يملكون سوى المجاري . من أعطى الحق للحكومة للمفاضلة بين اثنين لهما نفس سني الخدمة و الخبرة و الشهادة و العمر في مقدار السعة الاقتصادية و كليهما يعمل في القطاع العام !!؟
ثامنا : هل قامت اي حكومة بمراجعة هفوات الحكومة التي سبقتها و بشكل علمي و قامت بتصحيحها هذه جولة التراخيص اثبت الواقع نبوءة من تنبأوا بفشلها هل قامت الحكومة بالتراجع عن غيها ؟ هل اتخذت إجراءات من شانها إيقاف نزيف المال الحكومي ام ان وزارة النفط الحالية تسير على خطى الفاشلين قبلها؟!! نعود الى المعارضة هل ضغطت الجماهير ضغطا حقيقيا و متواصلا من اجل إيقاف نزيف المال العراقي عبر جولة التراخيص ؟! هل صار المحتجون شطارا و احتلوا لنا مبنى وزارة النفط و طالبوا بإلغاء المهزلة بدل احتلال مجلس اللي لا يهشون و لا ينشون . هل وقف المتظاهرون لجمعات عديدة ضد الإمبريالية النفطية و اجبروا الحكومة على الرضوخ لهم بدل البحث عن تغيير الوجوه
تاسعا : سؤال للعبادي ما هي إجراءاتك لدعم المنتج الوطني و رفع التعرفة الجمركية بوجه البضائع الإيرانية و السعودية و التركية ؟! ماذا فعلت لحماية البترو كيماويات و الحديد و الصلب و الاسمدة و منتجات الألبان و حتى الطماطة ام خدود حمرة
عاشراً : سؤال اخير للكل هل أنتم تعون حقيقة الأزمة في العراق انها ليست أزمة وجوه و لا أزمة كراسي و لا أزمة معممين او افندية انها أزمة عقول و علم و اقتصاد و تخطيط دقيق و جدوى اقتصادية انها أزمة رياضيات باختصار بورك الوطن و لا بارك الله في من اختصر القضية الى حرب شعارات و برامج نقد للتفلسف و الضحك على الذقون
|