اصلاح المؤسسة العسكرية يستدعي معه اصلاح العقلية العسكرية التي تعاني الصدأ السياسي ويعكس هذه العقلية المحللين العسكريين الاشهرين فاحدهم مثلا ً يسمي طائرات ميك الروسية المتهالكة ذات الاشتباك القريب بانها الدبابة الطائرة لا استحقاقا ً للطائرة وميزاتها بل بغضا ً بطائرات A-10 الامريكية ذائعة الصيت والتي يوجد محركاها فوق الاجنحة مما يوفر لهما حماية وهي مصنوعة من التيتانيوم وقد اصيبت احداها باربع صواريخ ستريلا بمعركة الموصل ولم تسقط واطلاقاتها الرهيبة تقتك باقسى المباني الكونكريتية شدة وباشد الدبابات تدريعا ً كل هذه الصفات لا يوجد معشارها بالميك الروسية والاخر الذي قال تعليقا ً غريبا ً " ما حاجة الدولة العراقية للمركبات الامريكية المضادة للدروع ونحن نستطيع تصنيع امثالها في باب الشيخ!! "
الاستخبارات العسكرية / التقيت عند عودتي من بغداد باحد الجنود الفارين من الموصل وقال كلاما ً يصعب تصديقه لكن الكواليس العراقية التي يجري بها كل الاحتمالات حتى غير الممكنة هذا درس تعلمته مما صرح به القاضي منير حداد على قناة البغدادية قبل سنة من سقوط الموصل حين قال " ان اﻟﮔلبيات والدشاديش اتسير على القائد العام للقوات المسلحة وقائد مكتبه وتحصل اتفاقات البيع والشراء " كان ما يفصح عنه مخيفا لدرجة نرفض معها ان نصدقه كما لو ان احدهم قال ان الديناصورات قد عادت للحياة او ان غزاة شرسين من كوكب اخر قد نزلوا على القمر .وحينما اثرت هذا الموضوع علق احد الاصدقاء وما في ذلك فالخليجيون يرتدون الدشداشة قلت له صحيح لكنهم لا يديرون دولتهم بعقلية الدشداشة !!
نفس الشعور من عدم التصديق مر بي عندما تكلم ذات الجندي العائد من الموصل يقول جاء احد شيوخ الصحوة ممن يدابون على عمل الولائم للضباط وقال " اكبر ضابط عدكم ارﮔﺼﺔ بالصينية " فاعتماد الدولة كان على خلق ولاءات لشخص القائد الحاكم وبذل اموال اكثر من اعتمادها على خلق سياسة وبيئة صحيحة .وذكر لاحقا ً انهم القوا القبض على احد الارهابيين فعرض عليهم الاموال لاطلاق سراحه لكنهم لم يقبلوا وقال ان لم تطلقوا سراحي من هنا فسيطلق سراحي لاحقا ً وفعلاً بعد يوم او يومين اتصل بهم ضابط الاستخبارات وقال لهم ان المعني لديكم مطلوب الحفاظ على حياته وارساله لنا فاستبشر الارهابي خيرا ً.
العقيدة العسكرية / غياب العقيدة العسكرية واستبدالها بعقائد فرعية امر في غاية الخطورة .لكن ما هي العقيدة العسكرية اولا ً ؟ صرح احد القادة العسكريين ان هناك عقيدة عسكرية لدينا بالاضافة الى عقيدتنا الاسلامية إذ يبدو ان القائد المحترم قد فسر فهم العقيدة العسكرية كالاسلامية وهو على ايه حال لم يكن يقصد ان تكون العقيدة العسكرية بديلا ً عن العقيدة الاسلامية لكنه قارن بينهما والمقارنة لا تصح ابدا ً فالعقيدة الاسلامية تغطي مجلدات لكنها مع ذلك تختزل بالانقياد والتسليم لله اما العقيدة العسكرية فتعني عدم تسليم المقاتل لسلاحه او مكانه وقراره القتال حتى النهاية.واي تداخل من اي ايمان اخر –او تظاهر به- سيؤدي الي ضعف بهذه العقيدة .ومنها ان مجموعة من الضباط ذوي الرتب العالية حضروا احتفالية لعيد الغدير في مدينة البصرة وهم يرتدون رتبهم العسكرية وكان الاصح ان يحضروا هكذا حدث وهم خارج دوامهم الرسمي وبصفتهم المدنية .ومثيلتها قيام قائد كبير وهو يرتدي الزي العسكري بتقبيل يد سيد مقتدى .لكن الحق يقال ان التيار الصدري حاليا ً هو اشد التيارات والاحزاب الدينية تمسكا ً بالوطنية.
قبل حدث سقوط الموصل المدوي ذهبت الى وزارة الداخلية في البلديات – الامن العامة سابقا ً– فوجئت بدايه بجدارية للسيد محمد صادق الصدر ثم لاحقاً صورة مكتبية للسيد مقتدى الصدر في احد الكرفانات في قسم الادلة الجنائية وكان الحديث يدور حول محاضرة دينية لخطيب حسيني.فاقتنعت ان هذا تشتيت للعقيدة والولاء وان من يرفع جدارية لرجل دين لن ينجح ابدا بخلق عقيدة بمكان التي هزها بل سيؤدي الى اثارة للعواطف والاندفاع قد تكفي للصمود بوجه العدو الى يومين او ثلاثة كحد اعلى ثم يضمحل ويذبل لانه اندفاع عاطفي لا عقائدي فالعقيدة العسكرية عندما تضعف لن ينجح بديلا ً عنها اي عقيدة اخرى بدليل حتى الجيوش العقائدية تضطر للاعتماد والرجوع للضبط العسكري عند خلق اجنجة عسكرية لها.وفعلا ً اثبت الأنهيار السريع امام داعش ان لا شيء يحل محل العقيدة العسكرية وان لا بديل عنها.