قبل فترة قرأت خبرا في تايتل احدى القنوات الفضائية أن علماء الجيلوجيا الصينيون اكتشفوا اثارا للطوفان في الصين ، وهكذا امتدت جغرافية نوح الى ابعد من تلك الامكنة التي تحدثت عنها كتب السماء والاساطير والحكايات الشهبية عن المكان الذي رست فيه سفينة النبي بعد ان اصطحب المؤمنين من قومه ومن كل زوجين اثنين لينقذهن من غضب السماء ( الطوفان ). أمكنة رسو السفينة هي اليوم مزارات تطمئن قربها الادعية والقلوب ونذور اصحابها ، ولكن الغرابة أن أي مكان أو خطوة او مرقد بقبة من طين مغلفة بحجر الفيروز الاخضر يقول أن نوحا كان هنا ، ومن هنا ابتدأ رحلته الكونية بالرغم ان علم الآثار ومنه ما تحدث عنه مكتشف آثار مدينة أور العلامة الآثاري ليوناردو وولي والاساطير ان الطوفان كان مبتدأه جنوب بلاد الرافدين ( ميزوبوتاميا ) وربما الاهوار الواقعة بين ضفافي نهري دجلة والفرات هي من بقايا الطوفان وأن اوتونوبشتم حكيم الخليقة والطوفان السومري هو نوح ذاته. مشى نوح ومشت معه أحلام أول سفر طويل لغربة الكائنات الحية ، وربما هو المهاجر الأول الذي فضل أن يخلقَ للمؤمنين امكنة تقيهم من غضب السماء وامطارها التي لم تتوقف لتغرق الاخضر والبابس ـ فقيل انها رست على جبل الجودي ( ارارات ) في اناضول تركيا . وفي مدينة طنجة المغربية يعتقدون ان نوحاً رسى بسفينته على ارض المدينة وان الحمامة التي ارسلها النبي لتتيقن من الوصول الى اليابسة شاهدت بر الامان وجاءت للنبي تبشره بقولها: ( الطين جاء ) . فأتى اسم مدينة طنجة من عبارتها ( الطين جا ). هذا ما قرأته في اوراق الروائي المغربي محمد شكري يوم زرت شقة احد اصدقائه في شارع تولستوي في طنجة من اجل انجاز كتاب لي عن رحلة ابن بطوطة الذي اتى في قدر المصادفة ان يبدا رحلته الطويلة كما نوح من ذات المدينة التي اسطرتها حكايات الناس هنا من أن سفينة نوح رست في طنجة. الرؤيا الجديدة هو ما يؤكده العلماء أن اثار من الطوفان العظيم الذي اغرق العالم ذات يوم بعض من اثاره على التربة وبعض الامكنة التي حدد فيها العلماء الصينيون أن المياه جرفت تلك الامكنة بشكل هائل ، فيحسب انه اول توسينامي ضرب العالم وجنوب شرق اسيا ، ومادام الطوفان يمتلك الرؤية المحددة في الحديث الديني والاسطوري والحكاية الشفاهية في الموروث الشعبي وأنه محصور في واحدٍ من امكنة الشرق الاوسط واكثره تأكيدا السهل الرسوبي في جنوب العراق ، فهذا يعني أن على المخيال الذي تتبع سير السفينة ينبغي ان يتجه صوب الصين حيث وجودا اثارا تدل على ان الطوفان الاول يشمل ارض الصين ايضا. الآن نوح في افتراض خيال الحكاية قد وصل الى بلاد ماوتسي تونغ وذلك يعني التلاقي الصعب بين الاشتراكية الماركسية والفكر الديني الذي يعتبر ان الشيوعية كفرا والحاداً ، فربما لو اعلنوا اكتشاف الطوفان في زمن ماو لضحك كثيرا ولأعتبر هذا واحدا من افيونات الدين . وهكذا نجا الطوفان من غضب ماو وخرج للعالم في زمن تحولت فيه الصين الى دولة عصرية وصناعية وتهتم بأي شيء من اجل تواصلها مع الشرق الاوسط الغني ، لأجل ذلك فهي سعيدة اليوم بهذا الكشف الذي يقول ان الطوفان كان على تخوم بكين وشنغهاي ، وربما كان نوح هنا يشارك الصينين حفلهم بسنة التنين وهي السنة الصينية الجديدة.!
|