طَرِيقُ الْتَّغْييرِ آلْمَرْجُو! [٦] |
اذا فكّرنا قليلاً فسنكتشف ان السّبب الذي كرّس هذه الحالة المزرية تحت قبّة البرلمان، وأَقصد بها سيطرة [العصابة الحاكمة] والذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين، هو قانون الانتخابات المعمول بهِ منذ الدَّورة الاولى، فهو يُنتج نوّاب للزّعيم وليس نوّاب للبرلمان، فعندما لا يحجز المرشّح مقعدهُ تحت قبّة البرلمان بصوت النّاخب وانّما بأَصوات الزّعيم الذي يحصدها بكلّ الطّرق المشروعة وغير المشروعة! ثم يتصدّق بالفائض منها على عددٍ معيَّنٍ من المدرجة أسماءهم في قائمتهِ الانتخابيّة، ممّن لم يحصل بعضهم الا على (١٠٠) او (١٠٠٠) من الأصوات الانتخابيّة فقط لا غير! في هذه الحالة سيكون هو وليّ نعمة النّائب وليس النّاخب، ولذلك لا ينطق النّائب ولا يسكُت ولا يحضر جلسة البرلمان ولا يمتنع الا باشارةٍ من ولي نعمتهِ! الزّعيم حصراً في هذه الحالة!.
والنّائب هنا يبذل المستحيل ليس من أَجل إِرضاء النّاخب وخدمتهُ وتحقيق أهدافهُ وحاجاتهُ الضّروريّة، ليضمن ثقتهُ والتجديد له في الانتخابات القادمة، أَبداً، وانّما لارضاء الزّعيم الذي منّ عليه بمقعدٍ تحت قبّة البرلمان، ولذلك نرى النوّاب كيف انّهم يتنازلون عن عقولِهم وإرادتهِم ومصداقيَّتهِم، ويتحوَّلون الى إِمَّعات لا ترى ولا تسمع ولا تتكلّم الا عندنا يُرِيدُ الزّعيم وكلّ ذلك من أَجل إراحة مزاج الزّعيم!.
ولا ننسى انّ كلّ مرشّحٍ في قائمة الزّعيم لا يُدرج اسمهُ الا بعد ان يُوَقّع على استقالتهِ مُسبقاً ويضعها على طاولة الزّعيم! كما انّهُ كان قد وقّع على تعهُّدٍ آخر يدفع بموجبهِ للزّعيم نسبةً من مرتّبهِ ومخصصاتهِ التي سيتقاضاها عندما يحجز مقعدهُ تحت قُبّة البرلمان، بفضل الزّعيم، على اعتبار انّ هذا المبلغ سيحصل عليه بفضلِ إِدراج الزّعيم لاسمهِ في قائمتهِ الانتخابيّة والا لما كان ليحلَم بكلّ ما سيحصل عليهِ من سُلطةٍ وجاهٍ ومالٍ ومُخصّصات!.
وبعد كلّ هذا يتساءل المواطن المغفّل مثلي عن الدّافع وراء قبول النوّاب بأَن يكونوا كومبارساً في المشهد السّياسي؟ ولماذا أَنّهم كالماء عديمي الطّعم واللّون والرّائحة؟ ولماذا لا نسمع لهم حسيساً الا أَمام عدسات الكاميرا يتخاصمون ويفضح بعضهُم البعض الآخر لصالح هذا الزّعيم او ذاك؟ ولماذا لم نسمع انّ أحداً منهم قدّم مشروعاً لصالح المواطن مثلاً؟ وانّ كلّ ظهورهِم في الاعلام هو استعراضات بهلوانيّة ليس الّا! الّا مَن رَحِمَ ربّي وقليلٌ ما هم! وكيف انّهم لم يتفقوا على شَيْءٍ مثل إتّفاقهم على الامتيازات والتستّر على سرقاتِ الزّعيمِ وفسادهِ وفشلهِ وارتباطاتهِ المشبوهة بهذه الدّولة الاقليميّة او تلك الأُخرى في المجتمع الدّولي!.
فكيف يمكن القضاء على هذه الحالة المُزرية؟! كيف نمنح النّواب ثقتهم بأنفسهِم؟! كيف نمنحهُم الشّجاعة المطلوبة للكلام والسكوت عن قناعةٍ والنّقد والمحاسبة والمساءلة بمعايير المصالح والمفاسد الوطنيّة العامة، وليس بمعايير الزّعيم؟!.
الجواب؛ بتغيير قانون الانتخابات لضمان تحقيق قاعدة [صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحدٍ] وذلك بتقسيم العراق الى عدد من الدوائر الانتخابيّة يساوي عدد مقاعد مجلس النوّاب كما نصّ على ذلك الدّستور عندما حدّد مقعد نيابي واحد لكلّ (١٠٠) الف نسمة!.
ففي هذه الحالة سوف يحجز مقعدهُ تحت قبّة البرلمان المرشّح الذي يحصل على أَكثر الأصوات الانتخابيّة في دائرتهِ حصراً، عندها سيكون أَكثر التزاماً امام ناخبيه، الذين سيكونون في هذه الحالة وليّ نعمتهِ حصراً فهم الذين منحوهُ ثقتهُم وهمُ الذين مكّنوهُ ليحجز مقعدهُ في البرلمان!.
حتّى الزّعيم، فهو الآخر سيحجز مقعدهُ تحت قبّة البرلمان بأَصوات الناخبين في دائرتهِ حصراً، حالهُ حال ايّ مرشّح آخر، وبذلك سنُلغي سطوتهُ ونحطّم جبروتهُ، عندما لم يعد يمتلك أَصواتاً إضافية يتصدّق بها على الآخرين.
عند ذاك سيكون التّنافس في الانتخابات وكذلك ستكون مصادر قوّة النائب في البرلمان بانجازاتهِ وبقدراتهِ التي تعتمد على الرّصيد الشّخصي له وهي قوّة ذاتيّة وليست مُكتسبة من الزّعيم الذي سيفقد الكثير من استبدادهِ وجبروتهِ في هذه الحالة، كما انّهُ سيفقد الكثير من تضخّمهِ الكاذب! فلم يعد الملك المنفوخ!.
بمعنى آخر فانّ صندوق الاقتراع سيرفع الى مجلس النوّاب المرشّحين الّذين لهم رصيدٌ شخصيٌّ فقط وليس اولئلك الذين لا يمتلكون شيئاً الا الولاء المطلق للقائدِ الضّرورة، او بسبب علاقتهِ العائليّة او النسبيّة به، كما هو الحال مع المرشّح الذي كتب على صُوَرِهِ الشّخصيّة الكبيرة جداً والتي انتشرت في محافظة كربلاء في الانتخابات النيابيّة الاخيرة (٢٠١٤) كتعريفٍ عن نَفْسهِ واستعراضٍ لشهاداتهِ العلميّة وخبراتهِ الخارقة للعادة وقدراتهِ الاستثنائيّة، كتب يقول مُعرِّفاً بنفسهِ للنّاخبين [زوج بنت دولة رئيس الوزراء]!.
*يتبع
|