تمكين الشباب يصلح ما افسده المتشبثون

تقوم ثقافة التغيير على محاولة ادراك الموقف الصحيح من الجديد ، والموقف الصحيح من الجديد لا يكون واضحاً الا اذا عرفنا ماهية القديم الذي لدينا ، فنتمسك بثوابته وأصوله ، ونستجيب للتغيير في كل ما هو من قبيل الوسائل والأدوات وكل ما يخدم تلك الثوابت والاصول الشباب هم الأدوات الناجعة والناجحة التي تستطيع ان تغير الكثير ، لما لدى الشباب من الاندفاع والطاقة ، وعدم معرفة اليأس والمستحيل ، هذا وغيره من صفات الشباب ، فالمجتمع الذي تكون نسبة شبابه كبيرة او على الأقل تقارب النصف فهو مجتمع قد حباه الله بالخير الكثير ، ولكنه يحتاج الى استثمار هذه الميزة بشكل جيد وفعال ، ويوظف هذه الطاقات في أماكنها المناسبة ، لانها ان لم تستثمر ستكون مردوداتها عكسية ، ومواقفها سلبية ، يوجهها الاعلام المأجور للهدم بدل الغاية المعدة لهم وهي البناء يتطرق قانون الأحزاب العراقي لنكتة جميلة وديمقراطية وواعدة ، يحق لكل مواطن عراقي تجاوز ال( ٢٥ ) عاماً تشكيل حزب ، وهي مادة ديمقراطية وحيوية ، اذ انها تتيح المجال واسعاً امام الشباب للاشتراك في العملية السياسية بشكل يفوق اغلب دول المنطقة ، ولكن هذا القانون يصطدم بقانون اخر مناقض له ، ومعاكس له في تقييده للحقوق والحريات ، اذ يسمح قانون الانتخابات لمن تجاوز سن ال( ٣٠ ) عاماً فقط للترشيح للانتخابات ، وهذا ما يثير تساؤلات كثيرة أهمها ، الشباب لماذا يشكلون احزاباً اليس من اجل الترشيح والمشاركة في السلطة لايصال اصواتهم ؟! ، فكيف يسمح لهم بتشكيل احزاب بينما يمنعون من الترشيح ؟! ، فهذا يجعل قانون الأحزاب قانوناً شكلياً ، لانه معارض بقوانين اخرى تشير إحصاءات وزارة التخطيط الرسمية الى ان العراق من اكثر بلدان العالم شبابية ، اذ تشكل الإعمار التي دون سن ال( ٢٥ ) عاماً ما نسبته ٦٠٪‏ من المجتمع ، وكذلك تشكل الإعمار التي دون ( ٥٠ ) عاماً ٩٠٪‏ من نسبة المجتمع ، ومن ابجديات الأنظمة الديمقراطية البرلمانية ، ان البرلمان هو انعكاس للمجتمع ، اي يجب ان يكون الشباب ممثلين في البرلمان العراقي بنفس النسب ، او على الأقل يسمح لهم بذلك ليختاروا من يمثلهم فيه بحرية ومن دون قيود ، لانهم يشكلون الغالبية العظمى من المجتمع ، وهم محرومون من هذا الحق كل متتبع ، ومحلل ، وذو عقل لبيب ، يرى ان البرلمان والحكومة يحكم بعقل المعارضة ، وليس بعقل المتصدي لإدارة البلد ، فترى ان حتى من لهم أغلبية البرلمان والحكومة دائمي التشكي والاعتراض وخالقي لأغلبية الأزمات السياسية ، وما يعزى ذلك الى سيطرة عقلية المعارضة على عدد كبير من المتصدين ، فهم لم يستطيعوا التخلص من هذه الحالة ، لانهم تطبعوا على ذلك ، بسبب السنين الطويلة التي عاشوها معارضة النظام البائد ، وهم مشكورون على ذلك ، لانهم ضحوا بأجمل سنين شبابهم في معارضة هذا النظام الطاغي ، ونحن اذ لا ننتقص من تاريخهم الجهادي ، ولكنهم اخذوا فرصهم ، والحياة في تقدم ، ونحن بأمس الحاجة الى عقلية البناء ، والدماء الجديدة التي تُضخ للعملية السياسية ، ستكون هي المفتاح الى الانتقال الى مراحل متقدمة ان كانت خيارات الناخب بمستوى يرتقي لضرورات المرحلة وحاجتنا الى الشباب .