أثر الأنتخابات المحلية في المرحلة المقبلة

 

لم تخالف نتائج أنتخابات مجالس المحافظات التوقعات كثيراً ,لعلها  أبتعدت أو أقتربت هنا أو هناك عما هو متوقع , لكن أجمالاً لم تكن النتائج مفاجئة ..
ورغم الأستقراء المسبق لهذه النتائج إلا أن ثمة تخوف من التلاعب بهذه النتائج كان يقلق المعنيين , ورغم حدوث بعض حالات التلاعب ,بقيت النتائج تدور ضمن الأطار المتوقع . حدثت بعض المفاجئات في تفاصيل العملية من شأنها أن تكون بمثابة العوامل المساعدة للتعجيل بعملية التغيير . والحديث اليوم أصبح أكثر ملامسة للواقع ولما هو كائن في قادم الأيام نتيجة لأستناده على معطيات أصبحت رسمية .
وأذا ما قورنت  تلك النتائج المتعلقة بالكتل الرئيسية في المحافظات الشيعية (الأغلبية العراقية) بالأنتخابات السابقة نجد الأتي :-
أولاً:- فقدان قائمة دولة القانون أكثر من مليون وربع المليون صوت , رغم أنتماء كتل لم تكن ضمن كتلة القانون سابقاً (كبدر , الفضيلة , والأصلاح ) , وهذا يعني أنها ستخسر مقاعد عديدة قُدرت بأكثر من سبعين مقعد .
ثانياً:- كتلة الأحرار تستمر برحلة الأفول ويبدو أن العلاجات عجزت عن أيقاف تلك الرحلة , علماً أن ما حصلت عليه الأحرار من مقاعد لن يتيح لها إلا دور هامشي ومحدود في الحكومات المحلية .
ثالثاً:- كتلة المواطن تسرق الأضواء بكسبها أكثر من (500 ) الف صوت جديد لتعبر حاجز المليون بأكثر من الربع , وهذا يعني أنها ستضاعف مقاعدها في مجالس المحافظات عن السابق . يذكر أن هذه الكتلة مؤلفة من عدة أحزاب أبرزها (المجلس الأعلى , المؤتمر الوطني , منظمة العمل , تيار بدأنا ..وغيرها من الكيانات ) . 
رابعاً:- أتاح القانون الجديد لبعض الكتل الصغيرة الحصول على عدد بسيط في مجالس المحافظات , وقد يكون هذا العدد مؤثر في أجواء التحالفات , وهذا التأثير سيصب في مصلحة كتلة المواطن , كونها الكتلة الوحيدة المؤلفة من نسيج متجانس وقيادات منسجمة , أضافة إلى حجمها المتوسط في تلك المجالس وموقفها الجاذب للجميع  .
خامساً:- ضعف واضح في تركيبة كتلة دولة القانون قد يعرضها إلى تشظي كبير , وهذه الأحتمال وارد جداً إذا ما عرفنا أن حزب الدعوة (جناح المالكي ) خسر كثيراً بتحالفهِ الأنتخابي , فمثلاً في البصرة حصلت دولة القانون على ستة عشر مقعد ذهبت خمسة منها إلى كتلة بدر وثلاثة إلى الفضيلة ولم يحصل حزب الدعوة إلا على مقعدين فقط !!
سادساً:- عدم قدرة أي كتلة على تشكيل الحكومات المحلية بمفردها دون التحالف مع أطراف أخرى .
من خلال ما تقدم نجد أن هناك لاعبين أساسين في الساحة السياسية  هما (القانون والمواطن ) , الأولى تمثل الخط النازل في عملية التمثيل الجماهيري , بينما الثانية تمثل خطاً متصاعداً , وجدير بالذكرِ أن هذا الصعود لم يرتكز على مقومات ومؤثرات مادية , بل جاء نتيجة للتعايش الواقعي مع الجمهور والنزول الميداني المشهود وفق برنامج علمي أستطاع أن يحدد المشكلة ويؤسس برنامجاً دقيقاً طُرح في فترات متلاحقة .
و مع أستحالة تشكيل الحكومات المحلية دون الأعتماد على التحالفات , سيبرز مبدأ الأغلبية كخيار رئيسي في هذا التشكيل نتيجة لرغبة حقيقية لدى الأطراف الفعّالة في تبنى هذا المبدأ ... الجديد والملفت  أن أي تحالف يبرز ستكون (كتلة المواطن ) أحد أطرافه نتيجة لمواقف بقية الكتل منها من جهة , ومن جهة أخرى تعارض أغلب الكتل مع توجهات (دولة القانون) , التي بدورها لن تضحي بهذه الفرصة مهما كان الثمن , ولعل بوصلة رئيس الوزراء أتجهت  ,منذ يوم الجمعة ,  بأتجاه تشكيل هذا التحالف مع (كتلة المواطن ) لقطع الطريق أمام أي قوى أخرى .. هذا سيضيف ( للمواطن ) قوة تفاوضية تجعله قريب من تحقيق برنامجه الأنتخابي , أضافة إلى قوة قرار الكتلة داخل التحالف الوطني الأمر الذي سينعكس أيجاباً على الأجواء السياسية داخل البلد , حيث سيحل الحوار والتهدئة بدلاً من الأزمة والتصعيد وهذا سيمنح بقية المكونات الثقة في التعاطي مع كتلة الحكومة (التحالف الوطني ) .
في ظل الشروع بأنجاز حل المعضلتين المزمنتين ( الأزمات , الخدمات ) , ستتحدد طبيعة الحكومة المقبلة التي لن تغيب عنها كتلة (المواطن ) بأي شكل من الأشكال .