الضحايا لا تكره الضحايا...

 

 
مع بعض الأصدقاء زرنا مدينة حلبچة عام 2006 والتقينا بواحد من ضحاياها, كان وطفلة ما تبقى من عائلة كبيرة, اخبرناه اننا عرب من الجنوب وسألناه عن شعوره تجاهنا ؟؟ ــ اجاب ــ.
ـــ انتم طيبون " اولاد حلال" مظلومين مثلنا ولو لم يكن صدام قد اكمل جريمة اذلالكم وسحقكم لما امتدت يده الآثمة الينا ليرتكب جريمته وعلينا الا نسمح بتكرارها, ان حبنا لبعضنا هو نتاج تاريخ مظلوميتنا  ومن المودة والحب والصدق ومشتركات المصير نعيد نسيجه, كان يمكن ان نليق ببعضنا اشقاء.
ـــ هل تشعرون مثلنا ان هناك ثمة جفوة ونفور وسؤ فهم تأخذ احيانا صيغ الكراهية مع الأسف..؟؟.
انها السياسة, هناك من يتاجر بكراهيتنا لبعضنا ليكسب السلطات والثروات سواء كان عندكم او عندنا, حلبچة كما شاهدتم, لم يساعد اهلها احد او يخفف من الامهم لا حكومة بغداد ولا حكومة اربيل, اولادنا يتركون مدارسهم ليصبغوا احذية اخوانهم في اربيل ودهوك والسليمانية ـــ كردي يصبغ حذاء كردي ومعها احذية الضيوف ـــ انه العوز ولا خيارات اخرى لديهم بينما خيرات العراق تكفي ان تكون حياتنا كريمة, نحتاج اولاد الحلال ليحترموا حقنا وادميتنا, انها لعبة اولاد الحرام ونحن اخوة والضحية لا تكره الضحية.
شعرنا اننا امام الوجه الآخر لحقيقة المجتمع الكردي, الكرم والأيثار وعفوية رغبة التعايش السلمي من داخل خيمة المشتركات ـــ والضحية لا تكره الضحية ـــ.
ـــ ماذا لو: تخلى المتبقي من شوفينيي البعث عن كراهيتهم وعدوانيتهم وسادية ارتكاب المجازر بحق الآخر ويصلحون ضمائرهم التي لا ترتوي ولا تستكين الا بمشاهد تلال المقابر الجماعية.
ـــ ماذا لو: تخلى عنصريي حزب العشيرة عن المتاجرة بالكراهية لكسب السلطة والثروات واشعال الفتن بين الأشقاء وتدمير جسور المشتركات المصيرية بين اكراد الأقليم وعراقيي الجنوب والوسط ـــ والعراقي المظلوم لا يكره شريكه في المظلومية ـــ.
صدام حسين وبعد ان صادر العراق كان يغزو ويحارب ويخسر بأسمنا, يحاصرنا يذلنا يجفف اهوارنا ويدمر بيئتنا ويفتح فينا مقابر جماعية بأسمنا, هكذا هو مسعود برزاني وبعد ان صادر ارادة الشعب الكردي وبأسمه اختزل الأقليم في المدينة والمجتمع في العشيرة وبأسمهم يحاول الآن اختزال العراق في اربيل, وبأعصاب باردة يعد لجريمة اقتتال داخلي ليضع المصير الكردي في مزادات العواصم الأقليمية والدولية كل هذا حتى يخلد نفسه رئيساً لأمارة وراثية, لكن وكما حاول صدام فخسر تكريت والعوجة سيخسر مسعود اربيله ويحك ظهره بصخرة جبل. 
العراقيون متضامنون مع الشعب الكردي ولا يعارضون حقه في تقرير مصره لكن ما يثير الريبة والذعر النموذج البرزاني لتدمير المصير والآخر معه عندما يستورده عبر بوابتي تركيا العثمانية وعصابات الأحتلال الأسرائيلية, لا ثقة بمن يصادر ابسط الهوامش الديمقراطية من شعبه ويفرض اذلال العوز عليه وتصفية من يرفع راسه رافضاً لسمسرة لصوص حزب العشيرة ووحدانية الجنرال الصغير المسكون بفراغ العظمة والعصمة والتعالي واحتقار ادمية من لم يبايعه والصغار  احلامهم احلامهم كبيرة. 

مسعود يسير على الطريق الخطأ واهماً ان البيئة الدولية والأقليمية ستوفر لأربيل ما وفرته (لتل ابيب) فلا تشابه بين المكان والزمان للحالتين, اين سمع او شاهد ان مدينة يمكنها ان تبتلع وطن, ان صح هذا فالفئران تفترس الأسود اذن, الطريق امام الشعب الكردي هو التفاهم السلمي مع شعوب المنطقة قبلها ان يتحرر من عبوديته  لحزب العشير وشيخها ثم يكون جزء من حركة التحرر والديمقراطية في المنطقة, اسلوب المكائد والخذلان والعلاقات المشبوهة على حساب الدولة العراقية لا يفضي الا لمزيد من الأنتكاسات والمعاناة ومثل ما عاناهالشعب العراقي مع كل نظام شمولي نكبة ولا يزال, وقد عانى الشعب الكردي مع كل برزاني نكبة ولا يزال.
هل يعتقد مسعود ان اقتتال الأخوة سيثمر دولة واذا ما جازف فكم خنجر من شمال وشرق امارته سيخترق خاصرة القضية الكردية؟؟؟, ربما ستكون الدولة العراقية اقل ضرراً في لعبة مسعود, لا اعتقد انه جاد لأبعد من حدود المزايدات لأبتزاز المعارضة او محاولة خنق الشعب الكردي تحت جلد العشيرة ثم تحنيطه او قد تخمرت في مخيلته مجزرة يصنع فيها من السليمانية حلبچة ثانية وسوابقه لا تنفي هذا الأحتمال, ان الرجل لا يرى ابعد من خياله واذا ما تعمد الصدام مع الدولة العراقية, سيجد نفسه في مواجهة مباشرة مع ايران وتركيا, كما ان للتراب الوطني حشد يحميه.