شَبَحُ المَوتِ " قصة قصيرة" بقلم حيدر حسين سويري

 

   وَقَفَ عِندَ بَابِ المَقهَى, فَأصبَحَ ظِلهُ بِسَبَبِ الضَوءِ الساقِطِ عَلى جِسمِهِ مِنْ الخَارِجِ، كَشَبَحٍ مُخيفٍ، وبِدونِ أيَّةِ مُقَدَمَاتٍ صاحَ: 

  • اللهُ أكبر... 

   فَزِعَ الحَاضِرُونَ، وتَنَاثَرت الكَراسِيُ، تَلحَقَها قِطَعُ الدُومِنو، وأقرَاصُ الطَاولِيُ، وتَكَسَرتْ أوَانِيُ الشَاي، وَذَهَبَ طَعْمَهُ مِنْ ألسِنِةِ المُحتَسينَ لَهُ، فَقد تَيَبَستْ الشِفاهُ، وَلَمْ تَعُدْ قَادِرَةٌ عَلى الكَلامِ، سوى بَعَضَ الصرخات:

  • لا أريد الموت
  • مفخخ
  • أهربوا

   بَحَثَ بَعضُهُم مِمَنْ بَقيَ لَهُ بَعضُ القُوةَ، أو وَقَعَ تَحتَ سَطوَةَ اللاشُعورِ، عَنْ نِافِذَةٍ أو بابٍ لِلهَرَبِ مِمَا سَيَحدُثُ، ظَنَّاً مِنْهمُ أنَّ هَذا الشَبَحَ، إنتِحاريٌ يُريدُ أنْ يُفجرَ المَقهَى...

لَكنْ حَصَلتْ المُفَاجَأةُ! فقد صَاحَ الشَبَحُ مِنْ مَكانهِ، الَذي مَا زَالَ واقفاً عِندَهُ: 

  • مَا بِكُمْ؟! مَا بِكُمْ؟! تَريثوا... ليس الأمر كما تَظنون! هَون عَلَيكُم!

بَدَأتْ تَتَصَاعَدُ الأنفاسُ بعد الإحتباس، وتوقفت الحركةُ والضوضاءُ قليلاً، وخفت حدة التوترِ... فأكمل الشبحُ كلامهُ:

  • حِينَ دُخولِيَّ إلى المَقهى، كُنتُم مُنشغلينَ؛ فَوَقَعَ نَظَري عَلى شَاشةِ تِلفَازِ المَقهى، ورَأيتُ صُوراً لأُناسٍ أبرياءٍ، قَتَلَهُم الإنفجارُ، فَكَبَرتُ، إستِنكَاراً وَليسَ إنفجَاراً... 

فأخَذَ بَعضَهُم الضَحكَ، وَبَعضَهُم الآخرُ البُكَاء...