قصة .. مع فيدل كاسترو |
في الصفحة السادسة عشر من جريدة الزمان (اراء وتحقيقات) عدد يوم13-14 – السبت – الاحد من شهر شباط الماضي قرأت تقريرا عن فيدل كاسترو قائد كوبا التاريخي بعنوان (ستون عاما في السياسة وستة أوجه للثورة) مما ذكرني بزيارة لي الى كوبا ضمن وفد عراقي واليكم القصة واروي لكم الحكاية بدون رتوش او الاستعانة بصالات التجميل. اثناء مشاركتي في المهرجان العالمي للطلبة والشبيبة العالمي الذي احتضنته العاصمة الكوبية هافانا في عام 1978 كنت ضمن الوفد العراقي وشاركت في اعمال عدد كبير من المؤتمرات الدولية التي كانت تتحدث عن اهمية عدم الانحياز وتدخلات الدول العظمى في شؤون العالم والعمل على احياء مناهضة التفرقة العنصرية وتشكيل جبهة دولية عريضة لمساندة تلك الفكرة من أجل منع العبودية الدولية والفردية والاجتماعية وتأسيس محكمة دولية شرعية بدون استخدام الفيتو من قبل الدول الخمس في مجلس الامن الدولي لان الاساس ان الفيتو مثل ركيزة لمنع العالم من ايجاد وجوده بسبب الفيتو سيئة الصيت والتي هي الورقة الرابحة في كل مراحل القمار والسمسرة الدولية وبأسم الشرعية الدولية التي هي مثلب على الشرعية الانسانية . كنت في مقتبل العمر كثير القراءة للماركسية اللينينية في محاولة لفهم الفكر الاشتراكي والذي بدا منافسا قويا للفكر الرأسمالي وان التنظير في الفكر الاشتراكي يتخذ من الانسان عاملا مهما واساسيا لتأمين متطلبات حياته اليومية المادية والمعنوية ضمن اطار العدالة الاجتماعية وتحقيق تكافؤ في فرص العمل وزيادة الانتاج واهمية ودور الانتاجية في الحقل التطوري للقيم المجتمعي ضمن فعاليات جعل المواطن ليشعر انه هو المسؤول عن الوطن وحينما تكون تلك الغاية فان المجتمعات سترفد المستقبل بطبقات متساوية في الفهم والادراك وفي العطاء وانجاز المهمات الوطنية والتي في مجموعها تؤدي الى رفع سقف الانتاج القومي ليس بالمفهوم الضيق للقومية بل بالمفهوم الاجتماعي والجمعي لكل الارادات لنتاج قومي اشمل ضمن مفهوم اشتراكي ناجز ومؤمن لمتطلبات الحرية الفردية والمجتمعية والوطنية التي هي الغاية الاسمى. ففي أحد ايام المهرجان العالمي للطلبة والشبيبة وقف عدد من المشاركين من احدى الدول العربية (لا اريد ان اسمي) وقفوا من الوفد العراقي موقف الند وكادوا يحرقوا غرف منام الوفد العراقي وما ان وصلت الاخبار الى القيادة الكوبية حتى حضر الزعيم الكبير (فيدل كاسترو) بنفسه الى مجمع (اللندي سكول) حيث موقع اقامة الوفود المشاركة وبدأ يهدد موقف شباب تلكم الدولة العربية ورئيسهم الذي كان حاضرا (رحمه الله) وكنت حاضرا في المشهد والزعيم كاسترو يلوح باصبعه مهددا ، متوعدا عناصر الوفد وقال لهم بالحرف الواحد (ان سالت قطرة دم من اي من اعضاء الوفد العراقي سأخرجكم حالا من ارض كوبا وسأسوي بناية قنصليتكم مع الارض رغم ان البناية كوبية) كان موقفا رجوليا كبيرا من الزعيم كاسترو وبما ان الوفد العراقي لم يبغ التصادم مع أحد فتوضحت الصورة بأن المقابل يريد ابعاد العراق عن المهرجان ولكن تهديد كاسترو جعلهم ينسحبون وعن مضض فوفقنا الله وانجزنا مهمة تعريف العالم بالعراق ارضا وشعبا وتاريخا وحضارة . كان العراق بالامس صوتا عاليا في المحافل الدولية واليوم العراق قتل وتشريد وطائفية وفساد وحكم فاسدين ومخيمات بدلا من البيوت والدور لله درك ياعراق . ومن المشاهد الاخرى كان كاسترو الزعيم له علاقة صميمية مع شعبه فيقف موكبه بين الناس يستفسر عن أحوالهم ويطلق بين الحين والاخر (نكات) في أجواء حميمة ويحثهم على العمل والانتاج لتأمين مستلزمات بناء القوة الاقتصادية لبلدهم الذي رزح وما يزال تحت وطأة الحصار الامريكي الذي شارف على اكثر من ستين عاما فالكوبيون لهم تجربة عظيمة في المحافظة على تاريخهم وابعاد شبح الاحتلال وبنوا لهم مجدا في القطب الجنوبي من امريكا وتمكنوا من مد جسور العلاقة مع دول العالم من خلال وضوح الرؤية السياسية والمديات الستراتيجية. هذه مشاهد قليلة من عشرات المشاهد للكوبيين الذين بنوا دولتهم وخاضوا غمار المعارك وأسسوا لدولتهم كيانا فأضحوا من المشاهير في الكثير من العلوم الصرفة الانسانية ولعل في المقدمة منها الطب . ان للجماهير دورهم في بناء الدولة من خلال الوقفة الجادة مع الحكومة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية ولابد من بناء الداخل لانجاز مهمات العلاقات الدبلوماسية مع العالم الخارجي وبدون تحيز لجهة ما ارى ان كردستان مقبلة على ذلك لان الجماهير مصطفة مع قيادتها أما ان كانت هنالك تفاوت في الاراء فهذه مسألة اعتيادية وايجابية من أجل النهوض بكردستان وكما يقال اراء افضل من رأي واحد وهي من صناعة ومفاهيم الديمقراطية. |