لا للقوة في فض الاعتصامات السلمية

 

لقد حذرت قوى عديدة وفعاليات اجتماعية وسياسية من استمرار حالة الاستعصاء في العلاقة بين الحكومة والمتظاهرين ، وطالبت بالأسراع في الاستجابة لما هو مشروع من المطالب وفقا للقانون والدستور ، وقد شكلت لجان وزارات وفودا الى المعتصمين وكلها وعدت ودعت الى تنفيذ بعض الاجراءات الا ان الامور اتسمت بالبطء والمماطلة احيانا .. وكان الاخطر انفلات الضبط ووقوع حوادث واطلاق نار ضد المتظاهرين والتلويح باستخدام القوة بفك الاعتصامات وما الى ذلك من اكراه تزامن مع حملة من الاعتقالات وصدور اوامر القبض على بعض قادة التظاهرات .. وقد نما التوتر بدلا من نمو ارضية للحلول واقرار ما هو ناجح منها ، وحتى ما اوصت به اللجان واقر في مجلس الوزراء لا يلوح في الافق تمريره ، ويؤشر الى انه سيعلق في مجلس النواب . واتضح ان ارادة الحل السلمي والديمقراطي ضعيفة ، وتغلبت القوى التي تجنح الى القوة في التعامل مع المعتصمين ، والراغبة الى فض الاحتجاجات حتى من دون الاستجابة الى ابسط الحقوق . عقلاء القوم وحكمائهم دعوا ، منذ تواتر الأخبار عن الصدام ، الى تداركه ومنع تطوره ، واكدوا انه كان بالأمكان ان لايقع ، وحذروا من انعكاساته ، وهو كلام ودعوات في محلها ، ولكن كيف والرؤوس حامية وجراح الضحايا فاغرة ؟ ، ولا تلمس الجدية الكافية في محاسبة الذين ارتكبوا المجزرة ، وتشكيل لجنة تحقيقية لن تكون أفضل من سابقاتها في حوادث مشابهة. لو مثل هذه الواقعة جرت في بلد اخر لأطاحت برؤوس كثيرة .. اول الخاسرين الحكومة ذاتها التي تحرك الجيش باسم رئيسها . فقد خسر بعض حلفائه الذين كسبهم من تلك المحافظات بشق الانفس وبثمن باهض ، فقد استقال وزيران جديدان من الحكومة التي باتت بالاسم فقط ، ومرشحة الامور الى مزيد من التدهور ، وباتوا في وضع حرج قد يمنعهم المشاركة مجددا . وكان التطور الخطير في الموقف التأكيد على زج الجيش في السياسة الذي لوح به اولا وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي ثم أكده رئيس الوزراء اكثر من مرة اخرها في خطابه الشهير من محافظة ذي قار .. وقد اعتبر البعض هذا خطاب انتخابيا ولكن سرعان ما تبدد الوهم ، وتبين انه جزء من نهج يتصاعد مع اشتداد الازمات وارتفاع حدة الصراعات . الآن ، سال دم غزير مجاني ، لا ضرورة لأراقته ، وذلك جراء السياسات المغامرة والمقامرة بمصير الشعب ، الخشية والقلق كان اول امس ملموسا وانعكس فورا في الشارع وعلى حركة الناس وفي تحليلاتهم التي ذهب بعضها الى التأكيد إن تدخل الجيش في فض اعتصام ساحة الحويجة فتح باباً وصفحة جديدة من الاقتتال والانقسام والتشرد .. افضل سبل التدارك وتفادي الأسوأ ، هو الاسراع في تلبية ماتم الاتفاق عليه من مطالب المتظاهرين وتعويض الضحايا ، وكفالة استمرار اعتصامهم لحين اكمال الاجراءات والتعديلات القانونية للقسم الاخر منها ، وتقديم المعتدين الى القضاء العادل او الذي تهوروا سياسيا واساؤوا تقدير عواقب فعلتهم .