التيه رغم القناديل |
ما أعنيه بالقناديل ، هو ما ورد من ثوابت وتوجيهات في كتاب الله العزيز والأحاديث الشريفة وباب الحكم والشعر العربي ، ولو أننا إلتزمنا بهذه الثوابت والتوجيهات ، لما إنحرف المسار بنا وبتنا إلى الهاوية أقرب ، وأصبحنا في حال يرثى لها منذ بدايات القرن المنصرم . وأول هذه القناديل ما ورد في القرآن الكريم "وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة "، ومع ذلك فنحن أضعف الأمم ، رغم أننا أكثر الزبائن شراء للسلاح من الخارج ، ويقيني أن غالبية الصفقات لا يطبق فيها سوى بند العمولات . وثاني القناديل "إنّ هذه أمتكم أمة واحدة " ، لكننا وبرغبة منا تشرذمنا إلى ملل وطوائف ومزارع فاشلة ، منذ معاهدة سايكس – بيكو لعام 1916 ، ونستقبل حاليا حقبة لافروف – كيري التي ستشظينا إلى كانتونات عرقية وإثنية وطائفية متناحرة ، مربوطة بوتد في تل أبيب وعلى يد تنظيم فرع خدمة الإستخبارات السرية الإسرائيلية "ISIS"، داعش. ومن القناديل أيضا "ولن تنفذوا إلا بسلطان " وها نحن مجردين من كل الأسلحة ، فلم نستخدم سلاح النفط ولا سلاح المال ، ولا حتى سلاح موقعنا الإستراتيجي ، ولا حاجة الآخر إلينا ، بل سلمنا أمرنا لأمريكا ومن يدور في فلكها وفي المقدمة مستدمرة إسرائيل ، التي صالحناها لكنها مع الأسف تريد إستسلاما لا سلاما. هناك أيضا "ولا تتولوهم ، ومن يتولهم فهو منهم " ونحن في هذا المجال إرتكبنا مخالفة ليست ككل المخالفات ، إذ خالفنا كلام الله وأعلنا حربا عليه ، بتحالفنا مع مستدمرة إسرائيل الخزرية ، رغم انه جل في علاه أخبرنا عن"غير المغضوب عليهم" ، بحقيقتهم ، ولكننا لم نلتزم بهذا التوجيه الرباني ، ووقعنا في شراكهم فإلتهمونا بطريقة وحشية إجرامية . وقال جل في علاه "أدعوني أستجب لكم "، لكننا هذه الأيام نرفع الدعاء لأمريكا ومستدمرة إسرائيل الخزرية ، كي يشملانا بعطفهما ونحن ندفع المقسوم كما يريدان وأكثر ، وقال أيضا "وقاتلوا الذين يقاتلونكم "ولكننا فعلنا العكس إذ صالحنا الأعداء وها نحن نحارب الأصدقاء ، بمعنى أننا حولنا الصراع الرئيسي الذي لا يحل إلا بالكفاح المسلح إلى صراع ثانوي ، يحل بالمفاوضات وقيل أن "الحياة مفاوضات "، في حين حولنا الصراع الثانوي إلى صراع رئيسي.
أما ما جاء في الأحاديث الشريفة وخالفناه فهو ما ورد على لسان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، من بات شبعان وجاره جوعان "، وقد خالفنا ذلك على رؤوس الأشهاد ، إذ أن الجار هذه الأيام لا يعرف إسم جاره ، إلا من رحم الله ، ناهيك عن أذى الجيران وما يحصل من مشاكل بسبب هذه المخالفة "الجار للجار". وورد في الأشعار أيضا "ونحن أناس لا توسط بيننا Xلنا الصدر دون العالمين او القبر "، ولكننا مع الأسف هذه الأيام إخترنا القبر طواعية بعد أن رأينا الموت تحت الركام بفعل القصف الجوي الأجنبي والتفجيرات وقصف البراميل من الجو . كما جاء "وإذا مت ظمآنا فلا نزل القطر"، ولعل هذا الشعر من أبلغ ما قيل في المديح بعد البيت السابق ، لكننا مع شديد الأسف نعطش حتى في فصل الشتاء ، في حين ان المياه العربية تتدفق على مستدمرة إسرائيل الخزرية ، وكل ذلك برضانا لأننا لم نعد نقيم وزنا لكرامتنا. وها نحن نعيش أزمات مائية متعددة أولها قيام مستدمرة إسرائيل بتجفيف نهر الأردن بعد تحويل منابعه لها ، وهاهي أثيوبيا تحاول السيطرة على نهر النيل لحرمان المحروسة مصر والسودان من مياهه ، كل ذلك بطبيعة الحال خدمة لأهداف إسرائيل الخزرية التي تسللت إلى أعالي النيل ومنطقة البحر الأحمر وتسلحت هناك بالرؤوس النووية تهديدا للوطن العربي برمته . بعد كل ما تقدم هل يحق لأحد التساؤل عن سر ما يجري لنا ؟ ولماذا نحن على هذه الحال من السوء والفقر والحرمان والتفرقة ؟ لا أظن ذلك فما يجري لنا هو من صنع أيدينا لأننا لم نضع أيدينا بأيدي بعض ، ولم نعمل بما يرضي الله ، كما أننا لم نلتزم حتى بتراثنا وموروثنا وثوابتنا ، وسلمنا امرنا للأجنبي والعدو . . |