لا أعرف العبادي.. |
يبدو أن السيد حيدر العبادي الذي وصل الى منصب لم يكن يحلم به، قلق ويعاني صعوبات في الحفاظ عليه، لذلك نراه ينجرف كالذين سبقوه الى المطبات، ويقع في أفخاخ النيات، ويخلق المتاعب للآخرين ويبتعد رويدا رويدا عن الشركاء السياسيين الذين صعد على أكتافهم الى القمة، وينجر الى المواجهات و المناكفات العلنية، معتمداً على الخلافات والنزاعات المتوزعة بين الاتجاهات السياسية المتعاكسة، والافكار المتناقضة و المصالح المختلفة، وتعويلاً على التقارب التركي الروسي الايراني، وإعتقاده الخاطىء بأن الدول الثلاث ستتناسى أحقادها التاريخية وضغائنها الدفينة وخلافاتها القديمة والجديدة و تضع مصالحها جانباً، من أجل مصالح بغداد ودمشق والاضرار بالشعب الكوردي. توجه نحو المخاطرة والمغامرة في التصريحات وفتح أكثر من جبهة على نفسه وحزبه الذي أخفق في إنتهاج نهج موفق تجاه منافسيه في البيت الشيعي، وفي علاقاته مع الاحزاب الاخرى الكوردية والسنية والدول الاقليمية وعواصم القرار.
السيد العبادي، يحاول أن يأخذ مكانه بين الناجحين، وبيده سلة من الإخفاقات التي لا يمكن أن تتحول إلى نجاحات. يريد البقاء والاستمرار في حكم البلاد وتطويع الظروف لصالحه، فيما تواجهه تحديات شائكة لاحصر لها، أبسطها، محك لجدارته بالحكم والاستمرار فيه، وربما ستأذن بموته سياسياً ونهاية مفعوله، وأهمها متعلق بمعركة الموصل، التي ستكون معركة وطنية حاسمة، لأن الشهداء الذين سيسقطون فيها، ينتمون الى أغلب مناطق العراق، وتتمازج فيها الدماء السنية والكوردية والشيعية والتركمانية والمسيحية، وتقتضي الضبط والتراتب والألتزام بالقيم الانسانية والاخلاقية والقوانين العسكرية، وستكون عنواناً للبذل والعطاء، فضلاً عن كونها ستحدد ملامح المرحلة التي تليها. ولكن العبادي، بدلاً من احتواء الصعوبات يحاول أن يزيدها تفاقماً بالمساجلات العلنية المجحفة. ويتجاهل أن أهالي الموصل من السنة الذين ذاقوا العلقم في عهدي المالكي ما بهم، وأن خمسة طرق من مجموع الطرق الستة التي تؤدي الى الموصل هي بيد الكورد وتحت سيطرة البيشمركه. وما قاله قبل أيام عن البيشمركه، عندما تقدموا خلال الاسبوع الماضي مسافة تزيد عن 20 كلم في محاور الخازر والكوير ومخمور، في عملية استمرت ليومين ونجحوا فيها باستعادة 12 قرية كانت تخضع لسيطرة تنظيم داعش، وبدلا من التهنئة، دل ما قاله على الانفعال والتوجه الصريح نحو إشعال نيران الخلافات بين اربيل وبغداد، حين عبر عن شعوره بلهجة لاتخدم أحداً، وأعلن عن موقف لايمكن تفسيره سوى بالاستمرار في معاداة الكورد والامتعاض من شجاعة وإنتصارات البيشمركه، وتفضيل بقاء المناطق تحت احتلال داعش على تحريرها من قبل البيشمركه. كما أظهر حقيقته وأثار الجدل وأصاب الكثيرين باليأس والذهول، وكشف عن جوهره الذي لايختلف عن جوهر غالبية الذين يكرهون الكورد ولايطيقون سماع إسم البيشمركه وكوردستان، ودل أيضاً، بشكل قاطع على انه خائف ومرتعب من التعرض للرفض، لذلك يحاول أن يدفع الامور بإتجاهين، الأول، التفكير بأسلوب التلاعب الذي لا يستند إلى الخبرة والواقع وإستشراف المواقف، ودون أن يتعلم من الأمثلة الواقعية ومن أخطاء ومصائر الذين سبقوه. والثاني، محاولة تسجيل أداء مهني والاقتراب من الحقيقة، من خلال تبسيط الامور وإستنزاف المعارضين، والدفاع عن نفسه بمبالغة مفرطة، وإعتبار ذاته وحزبه والجزء التابع لحزبه في الحكومة والبرلمان مثاليين لايخطئون، يستحقون ضمان كل شيء، مقابل اللا شيء للآخرين.
قبل أيام سأل أحد الاعلاميين مسؤولاً في قوات البيشمركه في إحد محاورالقتال ضد داعش، عن رأيه تجاه ما قاله العبادي، فقال: (من هو العبادي أنا لا أعرفه)، مؤكداً (تقدمنا سيتواصل حتى تحرير كل المناطق الكوردستانية، وإننا لن ننسحب من المناطق التي حررناها أو التي سنحررها في المستقبل).
|