حذار حذار من الانتخابات المقبلة!

 

 

  في ظاهرة لاأظنها مسبوقة في عراق مابعد التحرير، أراها شاعت قبل أوانها، تلك هي التهافت والتحضر للانتخابات المقبلة، وسواء أكانت انتخابات مجالس المحافظات في العام المقبل، أم انتخابات المجلسين التشريعي والتنفيذي في العام الذي يليه!. فقد ألفنا التجارب الثلاث الماضيات يسبقها التهيؤ بثلاثة او أربعة شهور، في حين نرى اليوم الكتل والأحزاب (حادة سنونها) منذ أسابيع، مشمرة عن سواعدها في استعجال العد التنازلي لساعة الصفر بتعجيل وتسابق لافت للنظر. ففي العشرين من شهر نيسان المقبل موعد انتخابات مجالس المحافظات، سينقسم سكان هذا البلد الى قسمين؛ القسم الأول هم الضحية إذ يشكلون نسبة 99% من تعداد نفوس البلاد، وهم بين متأمل وحالم بخير قادم، وبين قانط ويائس منه. وما الخير القادم -إن رام أحد المرشحين تحقيقه- منّة من صنعه او كما نقول: (من مال الخلفوه)، فهو أبسط حق من حقوق المواطن، ومن أولويات واجبات المرشح الأخلاقية والمهنية العمل على توفيره له والحفاظ عليه. 

  أما القسم الثاني وهم النسبة الضئيلة عددا الكثيرة ثقلا وأثرا وتأثيرا في البلد، فهم المرشحون، الذين هيأوا قفازاتهم وسنوا رماحهم لخوض هذه الجولة من معركتهم ضد خصمهم وعدوهم اللدود المواطن العراقي، بكل ما أوتوا من دهاء وحيلة في انتقاء المفردات والجمل الرنانة، واستخدامها كطعم من شأنه ان يسحر لبّه ويستقطب انتباهه، إذ أنهم حريصون على رسم صورة لغد واعد ومستقبل مشرق وعيش رغيد إذا ما أشار اليهم باصبعه البنفسجي. ومن اللافت للنظر ان تحركات المرشح وعلاقاته قبيل موعد الإنتخابات تتخذ روحا رياضية بشفافية منقطعة النظير، وبحضور إيجابي بين أهالي محافظته، ويكون يومه حافلا بنشاطات مميزة وأخلاقيات -لاسيما مع مناوئيه- غاية في السلاسة، ويدخل فيها عامل المغاضاة وصرف النظر عن احداث الماضي كعنصر أساسي، بغية تكوين كيانات وتحالفات جديدة تحت مبدأ (اللي يريد شي يعوف شي). او كما قال شاعرنا:

        وباريت قوما في هواك وهم عدا

                                        ولأجل عين ألف عين تكرم

  إذ تشيع على حين غرة ظاهرة التسامح وطي صفحات الماضي القريب منه والبعيد، الأبيض منه والأسود، المشرِّف منه والمخزي، فمن كان بالأمس عدوا كأنه اليوم ولي حميم، وهذه كما نقول: (من الزينات) شريطة ان تلقي بظلالها الوارفة على العراقيين جميعا سرا وعلانية، وان تستمر هذه الخصلة بعد ان يتسنموا مهام أعمالهم ويكونوا أصحاب قرار ينتظره ملايين المواطنين بفارغ الصبر، وان يحل الصدق في تنفيذ الوعود محل الخذلان والتملص من الوفاء بها، فقد طفح الكيل بالعراقيين من تجاربهم الانتخابية السابقة، ولم تعد تنطلي عليهم ألاعيب مرشحي اليوم ومسؤولي الغد، ممن لايرون في المنصب إلا صفقة مربحة وقفزة سريعة في تحسين وضعهم الاقتصادي، غير آبهين بمصير المواطن ومصالحه. فالمنصب يا مرشحينا سيكون محكا تتجلى فيه بوضوح النوايا الصادقة منها عن الزائفة، وهو بداية انطلاق لعمل دؤوب، لا بداية انغلاق على مآرب شخصية تنأى عن روح المواطنة.

نعم، أرى أن الدورة الانتخابية المقبلة تختلف عن سابقاتها، أما وجه الاختلاف فإنه سلاح ذو حدين، وما على المواطن إلا انتهاز فرصته المشروعة، والتمعن في مصلحته ومصلحة بلده بانتقاء الحد الأصلح من هذا السلاح، وليتحذر من استباق الأحزاب منذ الآن للعملية الانتخابية، فحتما؛ "إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا".

aliali6212g@gmail.com