لا تظلمونا باسم الإسلام |
وقال المتحدّث الرسمي باسم السلطة عبد الستار بيرقدار في بيان تلقت السومرية نيوز، نسخة منه ان "المحكمة الاتحادية العليا نظرت دعوى الطعن بدستورية المادة (40/ رابعاً) من قانون الاحوال الشخصية التي تلزم الزوج بالحصول على اذن من المحكمة عند زواجه من امرأة أخرى". واضاف بيرقدار أن "المحكمة وجدت أن النص لا يتعارض مع ثوابت الاسلام، لأنه نص تنظيمي يخول المحكمة تريد التحقق من وجود المصلحة وكذلك المقدرة المالية للزوج"، مشيرا الى ان "هذه الفقرة تنظم احوال الأسرة وتحفظ سلامتها ولا تؤدي إلى تقييد حق الزوج بالزواج من ثانية وبالتالي قرّرت المحكمة رد الدعوى". يذكر ان قانون المشرع العراقي قيد رغبة الرجل في تعدد الزوجات فلم يجز التعدد اذا خيف عدم العدل بين الزوجات وترك تقدير ذلك لقاضي الاحوال الشخصية, وعلى ذلك لا يجوز لغير القادر على القيام بحسن العشرة والانفاق والقدرة المالية على اعالة اكثر من زوجة الزواج بثانية، فجاءت الفقرة (4) من المادة (3) من قانون الاحوال الشخصية مبينة النواحي التي يجب ان يتناولها التحقيق وهي (لا يجوز الزواج باكثر من واحدة الا بأذن القاضي ويشترط لاعطاء الاذن الشرطين الاتيين). ولنا على ذلك تعليقات عدة : أولاً / إن سبب قرار المحكمة الاتحادية برد الطعن في هذه المادة لأنها وجدت أن نصها لايتعارض مع ثوابت الإسلام ، في حين أن النص القرآني صريح في الإذن للرجل بالزواج لأكثر من واحدة إلى الى الزوجة الرابعة قال تعالى (( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ )) النساء - الآية - 3 ، ولم يشترط المشرع الإسلامي إذن الزوجة في الزواج الثاني وإنما جعل قيدا واحدا وهو الخوف من عدم تحقق العدالة ، وليس بالضرورة أن يكون إذن الزو جةمحصل لتحقيق العدالة في الزواج الثاني بل قد يحصل هذا الزوج تحت إكراه الزوج لزوجته أو تهديدها ، وهذا ما يجعل بقاء هذه المادة على ما هي عليه مخالفة صريحة لثوابت الإسلام الذي نص الدستور بعدم مخالفته . ثانيا / ذكرت المحكمة أن سبب رد الطعن باعتبار (( ان "هذه الفقرة تنظم احوال الأسرة وتحفظ سلامتها ولا تؤدي إلى تقييد حق الزوج بالزواج من ثانية وبالتالي قرّرت المحكمة رد الدعوى )) كما ذكرت أعلاه . ثالثا / قد يؤدي إذن الزوجة أيضا في دفع الرجل نحو محاولة إشباع حاجته الجنسية من طرقٍ غير شرعية حينما يكون في إذنها ظلم له ، وهذا يعني أن هذه المادة قد تتسبب في إشاعة الفاحشة في المجتمع ، وفيه أيضا تناقض لمدعاها بأنها لا تقيد حق الرجل . رابعًا / إن اشتراط تحصيل إذن الزوجة لايؤدي دائماً إلى تحقيق العدل للزوجة ، فكم من زوجٍ غنيٍ وقد استحصل إذن الزوجة في زواجه الثاني وهو قادر على إلانفاق إلا أن الزوج ظلم زوجته الأولى وقد يطلقها بعد زواجه من الثانية ، لأن تحصيل إذن المرأه فيه نوع من فقدان الثقة بعدالة الرجل ، وهو ما يؤدي إلى ضعف العلاقة بينهما وحصول الانشقاق . خامسًا / إن هذه المادة التي يُقال عنها أنها لا تخالف ثوابت القرآن خالفت نصًا قرآنيا صريحا ، وهو قوله تعالى ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) وأن اشتراط إذن الزوجة فيه إضعاف لهذه القيومية وخروج عليها وبذلك فإن هذه المادة لاقيمة لها لا من الناحية التشريعية ولا من الناحية الدستورية . سادسا / وهو الذي يهمني من كل هذا : أن من يحاول أن يحاكم المسلمين باسم الإسلام من العلمانيين و دعاة المدنية الحديثة عليه أن يفهم ، أن هذه المحاكمة لن تكون عادلة في ظل دستور غابت عنه الروح الإسلامية في أغلب تشريعاته ، ومن السخرية بمكان أن يُطلق على دولتنا أنها دولة إسلامية وفق هذا الدستور وإن كان يحكمها بعض الأحزاب التي تدعي الانتساب للإسلام . سابعًا / بنى الإسلام حكمه في صحة الزواج الثاني وما بعده على عدم وجود حالة الخوف في وقوع ظلم الزوج للزوجة من جهة الإنفاق فضلا على العلم بها ، وهو ما يتضمن أن الإسلام يدعو إلى بناء العلاقات الأسرية على مبدأ الثقة بين الزوجين في تقدير المصلحة لهذه الأسرة بمجرد وجود أدنى قلق من وقوع الظلم ، وأساس ذلك يقوم على حسن الخلق بين الزوجين في علاقتها فالمجمتع العادل لايقع فيه الظلم ، ومع افتراض وجود حالة الظلم بتأثير عوامل خارجية أدت إلى زعزعة العيش الأسري وعدم استقراره و مع ابتعاد الناس عن الالتزام بالإسلام و تشريعاته الأصيلة ، لابد من تدخل جهة محايدة بين الزوجين تمتلك العدالة و الإنصاف مع سلطة القانون للتأكد من أهلية الزوج و قدرته على الزواج الثاني ماديا دون أن يلحق ضرر بالزوجة الأولى ، وكل هذا بعيد عن وجوب اشتراط إذن الزوجة الأولى في حصول الزواج الثاني من قبل المحكمة الاتحادية . وهذا ما يجعل الحاجة اليوم ملحة أكثر من قبل إلى وجود محكمة جعفرية تعنى بقضايا الفقه الجعفري إسوة في الدول الإسلامية مثل إيران أو حتى الدول العلمانية التي فيها أقليات شيعية مثل لبنان بل وحتى بعض الدول ذات الديانة المسيحية مثل لندن بعد أن أُقر فيها القانون الجعفري العام المنصرم ، وهذا يوفر فرصة واسعة من تطبيق العدالة و الحرية بين المواطنين بتحقيق رغبتهم في التحاكم إلى المحكمة التي يؤمنون بتشريعاتها و قوانينها دون إجبارهم على ذلك وهو ما ينسجم أيضا مع ما نص عليه الدستور العراقي في حرية المعتقد .
|