لماذا تشتري ملابس لزوجتك من هذا النوع؟
 
في حوار مع رفيق سفر حول موضوع التحرش الجنسي بالنساء كنت أصر على إن للملابس التي ترتديها المرأة دور في جذب المتحرشين، وهو يقول عكس ذلك، أي لا علاقة للملابس بالأمر بل العلة في المتحرش، ودليله كما هو المتداول إن هناك من يتحرش حتى بالنساء التي ترتدي ملابس محتشمة، وإن كون المرأة ترتدي ملابس غير محتشمة-بنظر البعض- لا يعني إنها سيئة.
بلا شك إن هناك نسبة من المتحرشين يتحرشون حتى بالمحتشمات، وبلا شك إن اللباس المحتشم ليس دليل أدب بالضرورة ولكنه على الاغلب دليل أدب.
لم ينتهي بيننا الحوار إلى نتيجة مشتركة وبقي كل واحد منا مصر على رأيه.
في اليوم التالي ذهبنا إلى أحدى أماكن التسوق ودخلنا محل للملابس فقال لي صاحبي إن يريد شراء ملابس لزوجته وأطفاله، وذهب صوب مكان ملابس النساء وصار يقلب فيها ليشتري منها، لاحظت بعد فترة قصيرة إنه يريد شراء بعض الملابس القصيرة والشفافة، توجهت نحوه وقلت له متصنعاً الغضب: لماذا تشتري ملابس لزوجتك من هذا النوع؟
فقال: هي زوجتي ومن حقي أن اطلب منها أن تلبس لي مثل هكذا ملابس؟
فقلت: حسنا من حقك ولكن لماذا هذه الملابس بالذات؟
فقال وقد نسي ما دار بيننا من حوار سابقاً: لأنها مثيرة لي!
فقلت: إذن للملابس دور في تحريك رغبة الرجل بالمرأة فلماذا رفضت كلامي بالأمس حول إن للملابس دور في جذب المتحرشين؟!
وإن لم يكن للملابس دور فهل ستقبل أن اقترح عليك أن تشتري لزوجتك ملابس ساترة لجميع الجسد لترتديها في غرفة النوم باعتبار إن الملابس غير مؤثرة؟!
سكت صاحبي لبرهة ثم قال: فلنذهب لندفع الحساب.
أوردت هذه القصة لأبين وجهة النظر الصحيحة تجاه هذا الموضوع، وهي أكيداً ليست لتبرير الفعل الشنيع للمتحرش جنسياً بالمرأة ولكن لتحديد العلل الأهم لتقليل هذه الظاهرة السيئة.
كل البحوث العلمية-وكذلك بعض النصوص الدينية-تشير بوضوح إلى إن شهوة الرجل-رغبته الجنسية- سريعة الإثارة على عكس المرأة، وكلنا رأى ويرى باستمرار كيف إن لبس المرأة كلما كان فاضحاً كلما لفت أنظار الرجال لها، ولكن البعض يكابر ويصر على إن الموضوع لا علاقة له بالملابس!
يبرر البعض ذلك بأنه في المجتمعات الغربية ظاهرة التحرش أقل منها في المجتمعات الشرقية والإسلامية منها على وجه الخصوص في حين إن الملابس هناك فاضحة وهنا محتشمة في الغالب فكيف تدعون إن للملابس مدخلية في الأمر؟
احتشام الملابس من عدمها موضوع مختلف فيه من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، ومستوى التحرش مختلف بين المجتمعات إذن قد يُعد فعل معين تحرش في مجتمع ما ولا يعد تحرشاً في مجتمعٍ آخر، التحرش الجنسي بل والاغتصاب هو على أعلى مستوياته في المجتمعات الغربية كما تشير لذلك إحصائياتهم، نعم سطوة القانون هناك لها دور في التقليل، وكذلك وجود منافذ كثيرة لتحقيق الرغبة له دور أيضاً، والكبت الموجود في مجتمعاتنا له دور سلبي في الموضوع، نعم كل هذا منظور وواضح، ومع ذلك فسواء في المجتمعات الغربية أو الشرقية او في أي مكان في الأرض كلما قصرت ملابس المرأة أو ضاقت أو كانت أكثر شفافية كلما زاد احتمال التحرش بها وهذا من الواضحات.
والتفسير العلمي لذلك كما تقول الدراسة التي أجراها ديفيد أم بوس استاذ علم النفس في جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت بعنوان "التفضيلات الدولية في اختيار الرفيقات-دراسة من 37 حضارة"، هي دراسة إحصائية أجريت في سنة 1990 على عينات من 10 آلاف امرأة من 37 حضارة حول العالم وخلصت إلى نتائج كثيرة نشرت بالإنكليزية بواقع 43 صفحة، حيث وجدت هذه الدراسة فيما يتعلق بموضوعنا حول بيان ما يجذب المرأة في الرجل وما يجذب الرجل في المرأة إن المرأة لا تهتم بمظهر الرجل قدر اهتمامها بما يمكن أن يقدمه لها من حماية وأمان وحسن صحبة، في حين أن الرجل يجذبه في المرأة صفاتها الجسدية الأنثوية، وهذا ما يجعله ينجذب تجاه الأنثى. وهذه حالة بيولوجية لا يمكن التحكم بها بحسب الدراسة، وهذا رابط هذه الدراسة:
 
فهل بات الآن واضحاً ما المقصود بقوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (الاحزاب:59)