وتبقى صناديق الشكاوى متخمة |
في حالة لاتخلو من الغرابة وإثارة التعجب والاستهجان في آن واحد، هناك من الدروس لدى ساسة العراق ممن سبقوهم، كما هائلا بكل مجالات الحياة وفصولها، إلا أن أغلبهم لم يتعظ بها ويكلف نفسه بالرجوع اليها والركون عندها، كي يستشف منها العبر عند مروره باحباط او تلكؤ في مامنوط به من أعمال ومسؤوليات، ويبدو ان كثيرا منهم ارتأى سلوك أسهل الطرق لتبرير عثراته في أداء واجباته، ليظهر أمام الرأي العام بأنه المثابر والساعي الفريد في خدمة بلده، والمضحي الوحيد من أجل راحة المواطن. وأسهل الطرق تلك وأقربها الى بنيات أفكاره، هو اتهام غيره ممن يشاركونه القيادة والمسؤولية بسوء التصرف تارة، والتقاعس والإهمال تارة أخرى، والتواطؤ والخيانة تارة ثالثة، وقد يبلغ الاتهام مبلغا أكبر في جوانب أكثر تعقيدا، ظانا أنه سيخرج من دائرة اللوم والاتهام مثل (الشعرة من العجين) فنراه ينتقي ماشاء له من اتهامات يلصقها بغيره، ليقنع المجتمع بنقائه وبراءته من التقصير، متناسيا "ان بعض الظن إثم". وأن من الخطأ والمعيب اتهام أحد بفعلة ما، إلا حين يتوافر لديه الدليل القاطع في نسبها اليه وإثباتها عليه، وإلا عُد هذا تجنيا بحقه ويتحمل بالتالي وزرها. ما دعاني الى ذكر التهم والكيل بها على الآخرين، هو ما يدور من تصريحات يدلي بها مسؤولونا وساستنا في أروقة شتى من أروقة مؤسساتهم، فضلا عن قاعات مجالسهم وصالاتها. وكي لاأتوغل في دهاليز ساستنا الموغلة بالالتواءات، سأبقي على حديثي هذا في نطاق الكلام عن تلك التهم بين مسؤولي المؤسسات التنفيذية في البلد. فعلى مايبدو ان اي مسؤول في دفة الحكم، حين يسأل عن تقصيره في أداء الواجبات الملقاة على عاتقه، يلقي باللائمة على قوالب مهيأة مسبقا لمثل هذه التساؤلات، وأول شماعة يتكئ عليها في تبريراته هي الميزانية، حيث يلقي اللوم على مجلس البرلمان او الوزراء او الاثنين معا، في عدم صرف مبالغ كان قد طلب صرفها لمشاريع تصب في خدمة الوطن والمواطن. ولايفوته ذكر سبب آخر يخرجه من دُرج الشماعة، وهو عرقلة عمله من قبل بعض زملائه من المسؤولين في المؤسسة، اوفي أخرى قد ترتبط معها في عمل مشترك، كذلك لاينسى ان يدرج تحت لائحة الاتهامات رئيس الكتلة الفلانية، او زعيم القائمة العلانية علاوة على أعضائها، كونهم من المؤثرين على سير برنامجه. ومن المؤكد أن هذه الأطراف لاتقل عنه شأنا في كيد المكائد، ونصب الأشراك، وانتهاز الفرص والثغرات لممارسة الدور ذاته، بردود أفعال قد تكون أشد وقعا من الأفعال نفسه. وبين الأخير والأول.. وهذه التهمة وتلك.. وبين أدراج الشماعة على تنوع أصناف الحجج والأعذار، تبقى المشاريع معلقة.. والأعمال متوقفة.. وطوابير الباحثين عن عمل في تزايد مستمر، وتبقى الخدمات سيئة.. والبنى التحتية والفوقية متردية.. مقابل هذا يبقى المواطن يناشد هذه الجهة او تلك.. ويطرق أبواب المسؤولين.. ويبقى الكيل طافحا بصناديق الشكاوى من دونما ردود او حلول. فيما تبقى الشماعة عامرة زاخرة مكتنزة بأسباب وتبريرات ومسوغات ومخارج تتجدد عليها الاتكالات ويعول عليها في المحافل.. أليس هذا ماوصل اليه ساستنا وتوقفوا عنده..؟! aliali6212g@gmail.com |