من حيث انحسرت لعبة صراع الديكة من احياء بغداد الشعبية ظهرت في قاعات مجلس النواب العراقي لكن باسلوب اكثر همجية واكثر انفلاتا ويبدو ان الفيسبوك والفضائيات التي انتشرت بكثرة يضاف اليها انشداد الجمهور الى لعبة كرة كلها اسباب مؤثرة اسهمت في انحسار لعبة صراع الديكة وتلاشيها في الأزقة والمقاهي وفي الكثير من مناطق بغدادلكن الشيء اللافت ان هذه اللعبة ما ان انتهت في المناطق الشعبية حتى ظهرت تحت قبة البرلمان فاصبحت عادة وتقليد يمارسه اعضاء مجلس النواب العراقي الموقر كلما عقدوا اجتماعا لاستجواب مسؤول في الدولة العراقية .. فالديك يستخدم منقاره في الدفاع عن نفسه والنائب يستخدم قناني المياه في تسديد الضربات صحيح انها غير موجعة لكن تاثيرها النفسي يكون قاسيا على من يتلقى ضربة قنينة خاطفة خاصة اذا كانت في الرأس فيرد عليها اما بكلمات نابية اقتبسها من تراث المناطق الشعبية " اثول – امطفي – هتلي – طرطور – اسليمه التكرفك " او قد يرد عليها بضربة بوكسية شبيهة بضربة الملاكم الامريكي المرحوم محمد علي كلاي لكن الملاكم كلاي ليس ملاكما هاوي بل ملاكم محترف في اللعبة صحيح انه لم يشاهد نزال مصارعة او ملاكمة بين الديكة قد تكون هراتية لكنه ومن خلال التدريب المستمر قد برع بهذا الفن حتى بات اشبه بالديك الهراتي في ساحة النزال وحقق شهرةً لم يحصل عليها حتى نظيره الزنجي الرئيس اوباما .. وتاتي قوة كلاي من الطبيعة الفسيولوجية للمواطن الزنجي حيث تنتابه حالة هستيرية حال الاعتداء عليه تسمى في المناطق الشعبية " شنتيرة "
لكن الرئيس الامريكي اوباما " شنتيرته " من نوع اخر فهي " شنتيرة " اكثر تطورا ولايستخدم فيها قوته البدنية باعتباره رئيس اكبر دولة في العالم يحتم عليه المنصب ان يكون متزن وبكامل قواه العقلية وان يبتعد عن انفعالات الغضب لكن انفعالاته وردة فعله غالبا ما تكون خارجة عن نطاق المواجهة الشخصية مع الخصم الى المواجهة العسكرية باستخدام ذراعه الطويلة " الطائرات والصواريخ " عند احساسه بالمهانة او عند احساسه بوجود خطر يداهم مستقبله السياسي .. ونعود الى لعبة صراع الديكة التي برع فيها سياسيونا النجباء هذه اللعبة الشعبيه لعبة عريقة عرفها العراق منذ اقدم العصور وهي نوع من المتعة مثلما يحصل حاليا من متعة المواجهة بقناني المياه في مجلس النواب لكن لعبة صراع الديكة داخل قبة البرلمان تتحكم فيها قوانين محددة وتنتهج اشكالا لايمكن الخروج منها ما دام من يمارسها ملتزما بنظام المحاصصة لكن الغلبة فيها للاقوى وهو الديك الهراتي ومثلما تقودنا محاولة الكشف عن اسرار لعبة صراع الديكة تقودنا محاولات اخرى للكشف عن اسباب التشنج والهمجية الغير مبررة التي تصاحب كل جلسة من جلسات البرلمان .. عفوا كل جولة من جولات صراع الديكة لكي تحرك فينا صورا بعيدة عن تقاليدنا وطقوسنا الدينية .. فما زالت ذاكرتنا تتمسك بتلك المشاهد المقرفة من صراع الديكة كل ينهش لحم الاخر لتعود بنا الذاكرة الى مشاهد اخرى يمارسها اشخاص يمثلون الشعب.. المفروض بهم ان يكونوا انموذجا في الاخلاق والتعامل الحضاري مع الحدث دون تشنجات او فرض ارادات بالقوة .. ورغم ان الديكة حيوانات تنتمي الى فصيلة الدواجن ولا ترتقي الى مستوى رجاحة عقل الانسان الا انها تلتزم باصول اللعبة التي تحكمها شروط وضوابط لايمكن تجاوزها.. الا ان اللعبة التي يمارسها اعضاء مجلسنا الموقر لاترتبط ولا تحكمها شروط وضوابط فهي معارك جانبية الغرض منها فرض الارادة واثبات الوجود عن طريق استخدام القوة الغاشمة التي اثبتت تجارب الماضي انها ارادات غير موفقة وفاشلة .. ورغم ان لعبة صراع الديكة هي لعبة يطلق عليها لعبة الدم الا ان لعبة صراع النواب سنطلق عليها لعبة الهم ونتائجها تخلف مزيدا من الدم .