هذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬الحكومة‭ ‬الحيّالة‭ ‬الراكبة‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬الناس‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ببغداد‭ ‬العباسية‭ ‬المريضة‭ . ‬في‭ ‬الشائع‭ ‬من‭ ‬تفسير‭ ‬الليالي‭ ‬الألف‭ ‬،‭ ‬أنّ‭ ‬شهرزاد‭ ‬الذكية‭ ‬كانت‭ ‬تقصُّ‭ ‬بحضن‭ ‬الملك‭ ‬القاسي‭ ‬شهرزاد‭ ‬حكايةً‭ ‬مشوّقة‭ ‬،‭ ‬وحيث‭ ‬يهتاج‭ ‬شهريار‭ ‬تضربه‭ ‬الشاطرة‭ ‬بفصل‭ ‬النعاس‭ ‬والتثاؤب‭ ‬فيؤجل‭ ‬قتلها‭ ‬إلى‭ ‬ليلة‭ ‬كمال‭ ‬الحكاية‭ ‬التي‭ ‬ستتواصل‭ ‬حتى‭ ‬تبلغ‭ ‬ألف‭ ‬ليلةٍ‭ ‬وليلةٍ‭ ‬،‭ ‬يبقى‭ ‬معها‭ ‬سيف‭ ‬الملك‭ ‬نائماً‭ ‬خارج‭ ‬تفاحة‭ ‬رقبة‭ ‬هذه‭ ‬الحكواتية‭ ‬العظيمة‭ ‬‭. ‬

في‭ ‬بغداد‭ ‬العليلة‭ ‬العزيزة‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬الحرامية‭ ‬نائمين‭ ‬في‭ ‬الجرّات‭ ‬،‭ ‬والرعية‭ ‬لا‭ ‬زيت‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬حيلة‭ ‬ولا‭ ‬حيل‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬عبرتْ‭ ‬حكايات‭ ‬التخدير‭ ‬والتنويم‭ ‬والتدويخ‭ ‬حاجز‭ ‬الخمسة‭ ‬آلاف‭ ‬حكاية‭ ‬وحكاية‭ .‬

برلمان‭ ‬بغداد‭ ‬ونوابه‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يعيدوا‭ ‬حتى‭ ‬ثمن‭ ‬الحبر‭ ‬البنفسجي‭ ‬للناس‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬سيرك‭ ‬وقردنة‭ ‬وصفقة‭ ‬مسندة‭ ‬بباب‭ ‬شيّلني‭ ‬وأشيلك‭ .‬‭ ‬الفظائع‭ ‬والفضائح‭ ‬معلنة‭ ‬ومنقولة‭ ‬بكل‭ ‬الألوان‭ ‬والمؤثرات‭ ‬الموسيقية‭ ‬والتشويقية‭ ‬التي‭ ‬إنْ‭ ‬لم‭ ‬يشهرها‭ ‬تلفزيون‭ ‬أو‭ ‬جريدة‭ ‬،‭ ‬فإنّ‭ ‬موبايل‭ ‬النائب‭ ‬أو‭ ‬النائبة‭ ‬سيتكفّل‭ ‬بإيصال‭ ‬العرض‭ ‬الدونيّ‭ ‬إلى‭ ‬الرعية‭ ‬التي‭ ‬ستتداوله‭ ‬وتتبادله‭ ‬على‭ ‬أجهزة‭ ‬ووسائط‭ ‬اعلامها‭ ‬ودعايتها‭ ‬الخاصة‭ ‬،‭ ‬مثل‭ ‬الفيسبوك‭ ‬وأخوته‭ ‬والأنستغرام‭ ‬وأخواته‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬تشغيل‭ ‬عمليات‭ ‬تجميل‭ ‬وتلميع‭ ‬القبيح‭ ‬،‭ ‬وتقبيح‭ ‬وتشويه‭ ‬الجميل‭ ‬،‭ ‬وتلك‭ ‬شغلة‭ ‬مدرار‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬جيش‭ ‬ألكتروني‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬متخفياً‭ ‬،‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬العوام‭ ‬وأيضاً‭ ‬من‭ ‬النخبة‭ ‬الأديبة‭ ‬الفنانة‭ ‬المفكرة‭ ‬الكاتبة‭ ‬التي‭ ‬صارت‭ ‬عندها‭ ‬قوة‭ ‬الدولار‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬الضمير‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تكتفِ‭ ‬بالسكتة‭ ‬المخجلة‭ ‬والأكل‭ ‬والوصوصة‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬صاحب‭ ‬بيت‭ ‬المال‭ ‬الحرام‭ ‬،‭ ‬وأدت‭ ‬أمامه‭ ‬رقصة‭ ‬العار‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تستحي‭ ‬من‭ ‬هزّ‭ ‬الرقبة‭ ‬والمؤخرة‭ ‬والوسط‭ ‬،‭ ‬مقابل‭ ‬حفنة‭ ‬دولارات‭ ‬ستؤثث‭ ‬البطن‭ ‬تالياً‭ ‬بنطائح‭ ‬الحيوانات‭ ‬البائتة‭ . ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬يومٍ‭ ‬حكاية‭ ‬تدويخ‭ ‬جديدة‭ ‬،‭ ‬وآخرها‭ ‬قصة‭ ‬طفل‭ ‬فقير‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬المثنى‭ ‬،‭ ‬قام‭ ‬بسرقة‭ ‬أربع‭ ‬علب‭ ‬كلينكس‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬الجوع‭ ‬الكافر‭ ‬،‭ ‬فحكموا‭ ‬عليه‭ ‬بالسجن‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬،‭ ‬وكأنهم‭ ‬بهذا‭ ‬الفعل‭ ‬المضحك‭ ‬المبكي‭ ‬الذي‭ ‬يستدعي‭ ‬اللطم‭ ‬ويستحلب‭ ‬الدمع‭ ‬،‭ ‬أرادوا‭ ‬تنظيف‭ ‬المشهد‭ ‬الفاسد‭ ‬الساقط‭ ‬الدونيّ‭ ‬كله‭ ‬،‭ ‬بمشهدٍ‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ ‬حتى‭ ‬بالثانويّ‭ ‬المهمل‭ .‬

قصص‭ ‬الخزي‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬،‭ ‬والموجع‭ ‬الخطير‭ ‬هو‭ ‬أنّ‭ ‬اتحاد‭ ‬الحرامية‭ ‬والخائنين‭ ‬في‭ ‬المحمية‭ ‬الطبيعية‭ ‬الخضراء‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يخجل‭ ‬من‭ ‬أيّ‭ ‬فعل‭ ‬خسيس‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬صاروا‭ ‬يتلقون‭ ‬قذف‭ ‬الناس‭ ‬لهم‭ ‬بالقنادر‭ ‬والنعل‭ ‬والبصقات‭ ‬وقصف‭ ‬الحروف‭ ‬،‭ ‬بلا‭ ‬مبالاة‭ ‬أو‭ ‬اكتراث‭ ‬،‭ ‬تماماً‭ ‬مثل‭ ‬عاهرةٍ‭ ‬تدبّغ‭ ‬جسمها‭ ‬المسكين‭ ‬بجمرات‭ ‬الزبائن‭ ‬القساة‭ .‬