في سلسلة رواية من زمن العراق ١٥


٣٠ اب ٢٠١٦
الكار ولا العار 
بالتقادم الزمني وتكرارا للممارسة اليومبة يصير كل ذي مهنة او حرفة او وظيفة جزءاً منهاومتماهيا معها الى حد الالتصاق الروحي .
ويترتب عليها تغيير طريقته في الكلام واسلوب لفظه وتركيبه للجمل والعبارات وفخامة الصوت او رقته وكأنها مستمدة من صلب عمله اليومي وروح مهنته التي يقوم بها.
اضافة الى تقمصهم لعادات حركية وايماءات ترتبط بمهنته مثل رفع الصوت بالنسبة للاعمال الصعبة او الحركة بحذر ودقة في الاعمال الخطرة والهدوء في التعبير.
ان سراج الجلود المعتق في المهنة اذا اراد التحدث عن الاوضاع العامة الراهنة للبلد وما يجري من ضغط ومصايقات على العاملين في المهن الصناعية  لكانت ردوده عبر صياغات بسيطة ومرتبطة ارتباطا شديدا بعالمه ووسطه وبيئته الحرفيه فيروي لنا مايلي:
ان الجلد والسبب هو قلة الارزاق وضعف فرص العمل والحالة الاقتصادية مضروبة ب(النعل)اجلكم الله والشعب حالته بين الدباغ والقصاب ومنقسم الى قسمين جلد غنم ناعم وجلد جاموس خشن واكثر الناس تعبانة ويختمها ان الكبار يلبسون والفقراء يصلخون والبلد طايف ..
كذلك الأمر, لو تحدَّث صانع حلويات عتيق, لجاء كلامه سارياً على نفس النهج وبذات المنطق, ولرأيناه يصول ويجول بتركيبات لغوية مما يُعرف بـ«الأدب اللذيذ» وذلك لحلاوتها الظاهرة والباطنة والملحوسة!
 وهكذا اذا تحدث اي صاحب مهنة مضى على عمله بها واكتسابه من رزقها اكثر من عقد تراه ينصهر في مفرداتها ويحافظ عليها ويبني لها مفردات تدل على احترامه لها وتوقيره لذاته..
الملفت للنظر اني لاارى اليوم في دوائرنا الحكومية اي اندماج او انتماء وانما تذمر وانتقاد وعدم حرفيه وكأنما اصبحت مصدر للاعاشة فقط وليست حرفة او مسلك وظيفيا متدرجا تدرجا حرفيا ومهنيا وشخصياًمع نموه العمري والعقلي وارتفاع عنوانه الوظيفي .
قد تحول الكار الوظيفي الى عار بسبب المحسوبية والمنسوبية وعدم الالتزام بالسلوكيات الوظيفية الصحيحة.