الاستجوابات ثمنها رأس العبادي |
العراق سائر الى مفترق طرق اما ان يستقر بلدا مثاليا يتمتع ابناؤه بثرواته.. رفاها وسعادة وإستقرارا، أو يتحول الى التجربة الصومالية.. يضيع شعبه في الشتات؛ هربا من سعير الإحتراق الداخلي بأشكاله كافة.. العسكرية والسياسية والفساد، التي تلتقي كلها عند مفصل تناحر الارادات الساحقة، غير المبالية بمصلحة الوطن، نظير المصالح الشخصية والفئوية. ولأن الفقه يقيس الغائب على الشاهد؛ فأن مفترق الطرق، سنصله بحكم ما يحدث الان من مهازل في مجلس النواب، من استجوابات سياسية، لا تنطلق من الصالح العام لأجل المواطن الفقير، إنما هي صراع قائم على مبدأ "شيلني واشيلك". فوزير الدفاع خالد العبيدي، الذي لم تتقرر بعد إقالته من تثبيته، لم يجد من يدافع عنه لانه يعتمد على وطنيته العراقية، وليس على إنتمائه الفئوي.. شيعيا ام سنيا ام عربيا ام كرديا؛ لذا لاتوجد كتلة او مصلحة تحميه؛ فقد وعده متنفذون و... خذلوه. الرجل لا نعرف من سيرته سوى انه عسكري محترف قاد الجيش بجدارة وحرر مدنا كنا يائسين من عودتها بهذه البسالة. والآن تدور رحى الاستجواب المقلق بشأن الاقالة او التثبيت حول وزير المالية هوشيار زيباري، الذي لن يستطع مسعود البارزاني انقاذه بسبب ضعف موقف بارزاني؛ لوجود خصومة غير قابلة للعودة مع كتلتي تغيير والاتحاد الوطني الكورديتين.. البارزاني لم يعد مقبولا شيعيا على الاطلاق؛ بسبب مواقفه المجانية المساندة للاتراك.. اعداء الشعب الكوردي على مر التاريخ، والعرب.. سنة وشيعة، تجده رجلا قوميا معاديا للعرب، وكذلك التركمان. المصيبة التي تعمق جرح الاحداث، هي ان وراء هذه الاستجوابات، شخص شيعي متخف.. هو الرجل القوي لدى الشيعة... لكن من يعيد تركيب المعادلة يتوصل الى معرفته بسهولة. فالغرض الحقيقي من الاستجوابات هو إستهداف شخص ومنصب رئيس الوزراء د. حيدر العبادي، المدعوم غربيا.. من أمريكيا بالتحديد؛ لذا موجود من دون أن تدعمه كتلة سياسية كبيرة، فمعظم ولاء "دولة القانون" يميل الى قائدها نوري المالكي الذي حصل ٧٠٠ الف صوت لوحده، وان كانت الانتخابات لا تخلو من تزوير، لكنه في كل الاحوال حقق ما لا يقل عن ٥٠٠ الف صوت، اما العبادي فلم يحقق نصاب ربع كرسي. لذا يعد إعتماد العبادي على أمريكا تأسيسا فوق رمال سافية، كمن يبني قصورا.. يشيدها في الهواء؛ لأن امريكا معروفة بخذلان حلفائها.. ومنهم نتذكر شاه ايران وماركوس الفلبيني وباتستا الكوبي وصدام وغيرهم كثير، تطول بهم القائمة.. معلنين ومستترين. والعبادي ليس أثيرا لدى أمريكا أكثر من الشاه او صدام، بكل ما قدماه لها من خدمات تاريخية، جعلت المنطقة تحت تصرفها الى يوم القيامة، لكنها تبرأت منهما.. متنصلة لعهودها ببساطة! بالمقابل المالكي مازال الرجل القوي الذي يرى العراقيون.. خاصة الشيعة منهم.. أملا يتجدد فيه، وليس على الساحة أقوى منه، برغم الاخطاء التي وقعت اثناء ولايتيه الاثنتين، وهي أخطاء تتوزع المسؤولية عنها، بين المالكي شخصيا وحزب الدعوة.. بضمنه العبادي.. لكل نصيب من الاسهام بتلك الاخطاء. المالكي مدعوم ايرانيا، ومن الاحزاب العقائدية الشيعية في المنطقة، كحزب الله وامل والمؤسسة العسكرية والدينية والمرشد الاعلى في ايران؛ لذا لا اعتقد ان رجوعه للسلطة ممكن في الوقت الحاضر، لكن تجربتي معه.. التي تتوزع بين صداقة وعداوة، ثم صداقة، تجعلني متاكدا بانه لن يغفر للعبادي وفريقه سحب البساط من تحته، بالاتفاق مع مرجعية النجف وبقية المكونات لتشكيل حكومة ضعيفة لاتحل ولاتربط. ان المالكي بشخصه القروي لن ينسى ولن يغفر وان غدا لناظره قريب... |